يعتبر الوقت عنصراً مهماً في الحياة اليومية للأفراد، فهو ذو أهمية قصوى في تحديد أدوار ووظائف الأشخاص في أوقات وأزمان معينة، فالتحكم به وإدارته تعطي الإنسان نجاحاً، وتمنحه القدرة على الموازنة بين الأهداف والواجبات المطلوبة منه، ولا يمكن تحقيق الموازنة بينهما إلّا من خلال تحقيق إدارة ناجحة للوقت. فالوقت يمنح خططك مقومات الحياة. فهو الذي يبلغك بمتى يجب القيام ببعض الأمور، ومتى يكون الوقت متأخراً جدّاً للقيام بغيرها. فإن لم تكن لديك مفكرة بتواريخها لتوجه مجهوداتك، فستبدو خططك عديمة المعنى وهائمة على وجهها. إنّ أسمى ما يفعله الإنسان أن يكون منظماً دقيقاً، ذو هدف محدد واضح، يسعى خلفه فيحققه وينجزه، فيضع مخططاته المستقبلية ضمن قائمة من الأولويات، فيبدأ من الأهم فالمهم، فعلى سبيل المثال: إن كنت طالباً لديك دراسة، وأبحاث، واختبارات، فإنّ تنسيق الوقت وتقسيمه يلعب دور مهماً في النجاح هنا، لكن عليك أن تخطط وتجعل لنفسك وقتاً كي تستريح وتأكل وتشرب. أوّل خطوة في تنظيم الوقت هي أن تسأل نفسك ماذا أريد أن أفعل اليوم؟ هذا السؤال وجهه لنفسك إن تخطط للذي ستقوم بفعله في السنة المقبلة أو الأسبوع المقبل، أو اليوم. إسال نفسك قبل أن تنهض من السرير ماذا سوف أفعل؟ الخطوة الثانية: اجلب ورقة، ودوّن عليها ما تريد أن تفعله، وضع قائمة بالمهام، وأمام كلّ مهمة مهلة زمنية محددة. الخطوة الثالثة: ابدأ بالمهمة الأسهل، هذا سيشعرك بالإنجاز ويجعلك تنجز أكثر من مهمة. الخطوة الرابعة: حينما تنهي مهمة ما، اشطبها بقلم الرصاص واكتب بجوارها أنجز، وكافئ نفسك بأي شي تحبه، فلتأكل تفاحة مثلاً، أو اشتري المثلجات. الخطوة الخامسة: المهام التي لا تستطيع إنجازها لا تؤجلها، بل حدد لها فترة زمنية ذات مدى زمني أطول. الخطوة السادسة: لا تكلف نفسك فوق طاقاتها، ونوّع مجالات المهام المكلف بها، كأن تقرأ عشر صفحات من كتاب كلّ يوم، أو أن تلعب كرة القدم لخمسة دقائق. إن سرّت على هذا النهج، واتبعته وتعوّدت عليه، فبوسعك أن تنظم وقتك وحياتك أيضاً لأنّ كلّ تنظيم تفعله سيشمل أدق الأشياء والأمور، وعليك أن تعيش اللحظة لا مفكراً في ماضي ولا قلقاً من مستقبل، توكل على الله، وارصد خطواتك القادمة، وضع احتمالات لأي شيء قد يحدث، وكيف ستتغلب على العوائق إن واجهتك. البعض من الناس يسرفون أوقاتهم في اللهو، واللعب، والرفاهية الزائدة، وهذا شيء خاطئ لأنّ الوقت كالسيف، سوف يقطعك إن لم تقطعه، والدقيقة الواحدة من اليوم غالية جداً لأنّها تعادل الحياة، والحياة إنجازات متلاحقة لكلّ إنسان عظيم أدرك قيمة الوقت ووجد في يده ساعة كالبوصلة ترشد وتنظم، وتسير عقاربها كما تسير خطى العمر للأمام لا إلى الخلف، فكن حذراً وذكياً في استغلال كلّ ساعة تقضيها. تقول الدراسات الحديثة أنّ الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائدة، فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال نافعة، ابدأ بقراءة القرآن الكريم، عندها تبدأ رحلة السعادة مع كتاب الله تعالى، فالقرآن يعلّمك كيف تستثمر وقتك بالكامل، فكلّ لحظة هناك عبادة أو ذكر أو صلة رحم أو عمل نافع أو علم نافع، فإذا أردت أن تحصل على السعادة فتعلّم كيف تستثمر وقتك. إدارة الوقت تساوي الرضا والنجاح فمعظم الناس غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية الوقت، وهذا ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلماء النفس يؤكدون على أنّ معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن الواقع، هذه المسألة تسبب مشاكل نفسية وآلام لا تقل عن الآلام العضوية. تأمل آيات القرآن وتدبّر معانيها يجعلك تدرك أنّ كلّ شيء في هذا الكون بيد الله تعالى، ولا يتم أمر إلّا بإذنه، ولا يحدث معك شيء إلّا بتقدير وعلم وحكمة منّه عزّوجلّ، هذا يجعلك ترضى عن كلّ ما يحدث معك، ويجعلك تشعر بمراقبة الله لك وعلمه بما يحدث معك، كثير من الأطباء النفسيين لا يفعلون أي شيء لمرضاهم أكثر من الاستماع إلى همومهم ومشاكلهم، وهذا بحد ذاته علاج للمريض النفسي. عندما تعلم بأنّ الله تعالى يرى ويسمع ويعرف كلّ ما يحدث معك، فإنّك ستشعر بالرضا عن الواقع الذي تعيشه لأنّه مقدر عليك، بالنتيجة فإنّ استثمار الوقت في ذكر الله تعالى يمنحك الرضا عن واقعك، وهذا يشعرك بالسعادة ويزيد من طاقتك في إنجاز أعمالك أو دراستك، بالتالي تكون قد خطوت خطوة على طريق النجاح، إذاً إدارة الوقت الناجحة تعني النجاح في الدراسة والعمل.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق