• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإيجابية في التعامل مع المجتمع

عمار كاظم

الإيجابية في التعامل مع المجتمع

أُمور كثيرة تؤصِّل لأُسس التفكير الإيجابي تجاه المجتمع، وتُرسِّخ تطبيقاته في الحياة اليومية لينعم المسلم بحياة متوافقة مع مجتمعه يسودها الحبّ والوئام، وحبّ الخير للناس وجلبه لهم، فعن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم». فإنّ الإنسان لا ينفك عن علاقات متشابكة مع مَن حوله، ولما قد يترتّب على تلك العلاقة من تجاذب أو تنافر بين أصحابها.

وثمة طريقتان أساسيتان لا ثالث لهما للنظر إلى العالم، فبوسعك التحلي بنظرة للعالم تتميز بالإيجابية فتصير شخصاً إيجابياً وترى العالم في إطار الخير والإحسان والتعايش، وتصير أكثر تفاؤلاً حيال ذوات الآخرين وأكثر سعادة وفاعلية، أو التقوقع بنظرة تتسم بالسلبية والخبث تجاه العالم، فبهذه الحالة لا ترى سوى المشكلات والظلم في كلّ مكان، وترى القيود وعدم الإنصاف بدلاً من رؤية الفرص والأمل، وهكذا نقع فريسة للتطرُّف والانعزالية والقطيعة مع كلّ شرائح المجتمع أو جلّها. وحين تترسّخ النظرة لدى المفكِّر الإيجابي، فإنّه بلا شك سيُقبل على مجتمعه يخالطه، ويناصحه، ويعايشه في كلّ الظروف، ويصبر على ما قد يترتّب على ذلك من أذى.

لذا يجب علينا أن نسأل أنفسنا عن حقيقة مشاعرنا تجاه الآخرين، هل هي مشاعر إيجابية؟ أم مشاعر سلبية؟ حتى ننجح في إدارتها للوصول إلى أعماق الناس بأقل مجهود وأقصر الطرق نجاحاً لفتح مغاليق القلوب.

يعتمد النجاح الاجتماعي دوماً على العلاقات الإنسانية، وإنّ بناء علاقات إنسانية ناجحة يبدأ بمحبّة الناس ابتداءً، فمحبّة الناس لنا هي أصلاً انعكاس لهم، فيفتح الناس لنا قلوبهم كما تفتح الزهور لأشعة الشمس. ولذلك ربط النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الحبّ بالإيمان لأنّه أوثق العُرى، وأقوى رابطة اجتماعية، فجعل ممّا ينجي العبد بعد الإيمان بالله، هو محبّة الآخرين وجعل ذلك من السبعة الذين يظلّهم في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه».. فحين نحبّ الآخرين بصدق، فإنّنا نساعدهم على الإحساس بالأمن والطمأنينة، ونؤكِّد قيمتهم الأساسية، ونُسهِّل لهم أن يعيشوا قوانين الحياة من التعاون والمشاركة، والانضباط، والاستقامة.

ويتجلى الحبّ الحقيقي للآخرين في صور عملية شتّى، ومنها: (محبّة الخير لهم)، و(التعايش معهم)، و(إيثارهم أحياناً) وهذه تؤدّي إلى سلوك إيجابي واثق مع الآخرين يضع رغباتنا ومتطلباتنا وحقوقنا بالتساوي مع رغبات ومتطلبات وحقوق الآخرين، ممّا يؤدّي إلى التساوي والتكافؤ في النتائج ويجعلهم يتقبّلون التفاعل والتعاون بدون التعرُّض والتعايش لردود الفعل أو الانتقام، بل يُشجِّع على إقامة علاقات نزيهة وصريحة وواضحة.

ارسال التعليق

Top