• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الارتباط العاطفي والروحي بالأرض

عمار كاظم

الارتباط العاطفي والروحي بالأرض

تعتبر الأرض مكاناً لملايين من الكائنات الحية بما فيها الإنسان، فقد جعل الله تعالى الأرض بين يدي الإنسان ليعيش عليها ويقتات من خيراتها، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك/ 15)، فسواء كنت قريباً أم بعيداً لا تستطيع العيش إلّا عليها، ونظراً لذلك يجب علينا المحافظة عليها ومن الأضرار التي قد تلحق بها، وكذلك الدفاع عنها، فكما قيل الأرض هي العرض، فإن صنتها تكون قد صنت عرضك وحافظت عليه وإن أهملتها تكون قد أهملت حياتك كلّها، وبسبب تلك الأهمية للأرض فقد كان هناك أكثر من يوم للأرض، وهي يوم الأرض العالمي، ويوم الأرض الفلسطيني، الذي يختص به الشعب الفلسطيني.

يوم الأرض الفلسطيني هو يوم يُحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كلّ سنة، وتعود أحداثه لآذار 1976م بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب وأندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات. يعتبر يوم الأرض حدثاً محورياً في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الإسرائيلي حيث أنّ هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948م احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.

يرتبط الإنسان ارتباطاً عاطفياً بالأرض التي نشأ وترعرع فيها، فالأرض تحتّل جانباً مهمّاً من حياة الإنسان واهتماماته، فالأرض هي تعبير عن الوطن الذي يحتوي الإنسان ويقدّم له الأمن والعيش الكريم، والأرض هي موطن الحضارات التي نشأت عبر التاريخ وهو الهُويّة المعبّرة عن شعوبها.

لقد تعرّضت كثير من الشعوب عبر التاريخ إلى ممارسات عنصرية قامت على طردهم من أراضيهم وبلادهم والاعتداء على حقوقهم، ومن بين هذه الشعوب الشعب الفلسطيني الذي تعرّض إلى مؤامرة صهيونية غربيّة استهدفت هُويّته وأرضه، وقد كانت نكبة عام 1948م بداية النكبات لهذا الشعب حيث تأسست دولة الكيان الصهيوني ورحل مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم ومورست ضدهم أبشع أساليب القمع العنصرية كما حصلت عدد من المذابح والمجازر التي روّعت الشعب الفلسطيني ومنها مجزرة دير ياسين حيث قتل مئات الفلسطينيين العزّل والأطفال الرضع بدون رحمة وكان الهدف من هذه المجازر إخافة الشعب الفلسطيني وبثّ الرعب في قلبه لكي يترك أرضه ويرحل عنها.

لقد استغلت السلطات الصهيونية غياب الإرادة العربية في ذلك الوقت، كما استغلّت رحيل كثير من الفلسطينيين عن ديارهم وأراضيهم فسنّت قوانين عنصرية منها قانون العودة الصهيوني الذي قام على تشجيع اليهود في أصقاع العالم على الهجرة إلى فلسطين للاستيطان فيها، كما صدر قانون أملاك الغائبين الصهيوني الذي قام أيضاً على سياسية إحلال اليهود في أراضي الفلسطينيين وتوطينهم فيها من خلال بناء مستوطنات بحجّة أنّ تلك الأراضي هي أراض غائبين أو أراض مشاع، وقد سمحت تلك القوانين للسلطات الصهيونية بمصادرة ملايين الدونمات التي تعود ملكيتها للفلسطينيين.

ويعتبر حبّ الوطن رمزاً، وفخراً، واعتزازاً؛ لذلك يجب علينا أن ندافع عنه ونحميه بكلّ قوّة، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدّره لتوفيره الأمن لنا، فلهذا الوطن حقوق يجب على كلّ فرد أن يلتزم بها ما دام يعيش فيه، ويأكل ويشرب من خيراته، ومن هذه الحقوق: المحافظة عليه، وحمايته من كلّ شرّ، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، والمحافظة على نظافته، وحماية ممتلكاته العامّة، وأن نفديه بأرواحنا في حال تعرّض لأيّ خطر.

ارسال التعليق

Top