يؤكّد النبيّ (ص): «أيّها الناس، إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ـ كما إذا رهنت مالك عند شخصٍ لقاء دَيْن له عليك، ألا تحاول سداده لتحرّر مالك؟ (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدّثر/ 38)، كيف نفكّ رهن أنفسنا؟ ففكّوها باستغفاركم، لا تتركوا الاستغفار لله عمّا أسلفتم، في أيّ وقتٍ من الأوقات، في البيت، والسيارة، وفي المحلّ.. وظهوركم ثقيلة بأوزاركم، فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أنّ الله تعالى ذكره أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين والساجدين، وأن لا يروِّعهم بالنّار يوم يقوم الناس لربّ العالمين...». وهكذا، نجد كيف يخسر الإنسان الذي لا يصلّي ولا يسجد، الكثير من رحمة ربّه ولطفه وأمنه له بالنجاة من النّار.
وهناك الصوم الأخلاقي، فالإنسان عليه أن يصوم، بحيث يجعل أخلاقه في خطّ التقوى، «وغضّوا عمّا لا يحلّ النظر إليه أبصاركم، وعمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم». وعن فاطمة الزهراء (ع)، أنّها قالت: «ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه»، فالصوم هو أن تصوم حواسك عن كلّ الخطوط السيئة في الأخلاق.
ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع)، «ليس الصيام من الطعام والشراب أن لا يأكل الإنسان ولا يشرب فقط، ولكن إذا صمت، فليصم سمعك وبصرك ولسانك وبطنك وفرجك، واحفظ يدك وفرجك، وأكثر من السقوط إلّا من خير، وارفق بخادمك». هذا هو الصوم في معناه الإنساني الأخلاقي، بحيث يعيش الإنسان إنسانيته في القيم الأخلاقية والروحية المتّصلة بحياته أو بحياة الآخرين.
إنّنا في هذا الشهر الشريف، نعيش بين يدي الله وفي ضيافته وفي آفاق رحمته، فعلينا أن نعمل على أن ننمّي إيماننا وأخلاقنا وروحياتنا والتزامنا في كلّ شيء، لأنّ القضية هي أن يتحرّك الإنسان بصومه، ليكون الإنسان الذي ينطلق من أجل أن يحصل على رضا الله في كلّ شيء، وحتى لا يكون كما ورد في الحديث: «كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلّا الجوع والعطش»، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة/ 183).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق