◄كما تفعل بعض الشركات والمؤسسات بالنسبة لموظفيها أو عامليها الجدد، بأن تفتح لهم دورات تدريبية أو تأهيلية حتى يدخلوا عالم العمل وهم قادرون على تلبية متطلباته، كذلك يمكن اقتباس هذه اللفتة العملية في حياة المراهقين من كلا الجنسين.
فالفترة السابقة على مرحلة التكليف الشرعيّ، أي سنيّ ما قبل المراهقة، هي سنوات (رفع القلم) كما تتحدّث الروايات لأنّها امتداد لمرحلة الطفولة التي لم ينضج فيها العقل لتقبّل وتحمّل الوظائف الشرعية، إلّا أنّ الحديث عن قبول أعمال الصبيّ المميّز إذا كانت حائزة للشرائط لاسيّما نيّة القربة إلى الله، تدعونا للتأمّل في أنْ نغتنم مرحلة الإعداد والتأهيل لئلّا يكون الدخول إلى حلبة التكليف والمسؤولية والعضلات الإيمانية خاملة أو غير مهيّئة نفسياً وعمليّاً لحمل هذا الحمل.
ما تفعله بعض العوائل خاصة بالنسبة لصيام الصبيان والفتيات فيما يُطلق عليه بـ(صوم العصافير) أو الصوم التقسيطي، هو تجربة طيّبة في هذا المضمار، وبالنسبة لمن هم أكبر سنّاً صيام أيام معدودات من الشهر الفضيل هو تمرين أوّلي يساعد على اقتحام العقبة أو (العتبَة) لاحقاً بيسر وسهولة وتلقائية.
وما يقال عن الصوم يقال عن الصلاة أيضاً، فالصلاة المتقطّعة خير من عدم الصلاة، ذلك أنّ المنظور في الصوم هناك والصلاة هنا ليس العبادة كتكليف وإلّا كان الأمرُ بهما من قبل الشارع المقدس قبل التوقيتات المعروفة لبلوغ سن التكليف لكل جنس، وإنّما هو التأهيل الروحي والنفسي والعملي، وإزالة شبح أو وحشة التكاليف والوظائف والفروض من نفوس ألفت الإسترخاء والدعة والتسامح، ولكي يكون الدخول إلى عالم التكليف هيّناً ليّناً وسهلاً ومريحاً لا مشقة ولا تعسّف فيه، والتجربة واضحة ومؤكّدة ومدعّمة بالأرقام، فبالنسبة لمن لم يمرّ بمرحلة التأهّب والاستعداد، حيث النفرة والتبرّم والتأفف من الفرائض التي تبدو ثقيلة على الإمتثال والقبول والاستجابة.
إنّ المكافآت الممنوحة من قبل الأهل لمن يصوم أياماً معيّنة أو يصلِّي أوقاتاً وفروضاً معيّنة، على خلاف ما قد يتصور البعض منه يعوّد المكلّف مستقبلاً على انتظار المكافأة، فالمكافأة ستبقى قائمة؛ لكنّها تختلف من (مادية) إلى (معنوية) بعد أن يكون عقل أو ذهن الصغير قد تطوّر ونضج أكثر بحيث بات يفرِّق ما بين المادي والمعنوي، وأن ما ينتظره من (ثواب) الله أعظم ممّا يقدّم له من (ثواب) والديه!►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق