• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الذكاء والخوف من الإمتحانات.. هل يجتمعان؟

أسرة البلاغ

الذكاء والخوف من الإمتحانات.. هل يجتمعان؟

فتاة ذكية عمرها ست عشرة سنة أنعم الله عليها بالذكاء والجد في الدراسة، تحقق مستوى ممتازاً في دراستها وهي في المرحلة الثانوية، والحمد لله عالمة بأهمية العلم، لكن دائماً ما تكون قلقة ومتخوفة في فترة الإمتحانات، على رغم أنّها تذاكر بشكل مستمر، فما هو الحل للقضاء على هذا الخوف؟

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد.. الخوف والقلق في مثل هذه الأمور أمر طبيعي إذا كان ضمن الحدود المقبولة، لأنّه هو الحافز على تدارك الأمور وبذل الجهد والعمل لتجاوز المرحلة بنجاح. ولكن قد يزداد الخوف ويكثر القلق إلى حد يرهق الإنسان ويدخل الإضطراب إلى نفسه، فعندها يكون مضراً، إذ يسلب الأمن والإطمئنان من الإنسان، ولا يدعه يؤدي واجباته وأعماله بهدوء. وفي حالة الدراسة، فإنّ الإنسان المضطرب لا يستطيع المذاكرة والحفظ جيِّداً، لأنّ الصورة التي يحفظها الإنسان ستكون وكأنّها تقع على ماء مضطرب متموج ليس له قرار، فلا تثبت وتكون مشوشة. والسبب في ذلك يعود غالباً إلى العوامل التالية: الأوّل: شخصية الإنسان المرهفة والذكية والحساسة، بحيث يكون أكثر تحسساً للمسائل وتحسباً للعواقب والتفكير فيها بشكل دائم ومفصّل ومسؤول، والبحث دوماً عن الكمال المطلق والنجاح الدائم.. وازدياد ذلك إلى درجة ترهق الإنسان وتقلقه كثيراً. وينبغي أن يعرف هؤلاء أن سعيهم للكمال، وهو لله وحده، أمر رائع، ولكن لا يعني ذلك عدم تقبل وقوع الخطأ من الإنسان، فهو خطّاء بطبعه، ولا يعني ذلك أن تكون النتائج 100%، فقد يكون الحصول على ذلك غير ممكن أحياناً، وعلينا السعي لذلك دون الخوف من النتيجة والقلق المفرط بشأنها. الثاني: بيئة الإنسان، وفي حالة الأولاد، البيت... فقد تعيش العائلة أجواءً صاخبة، يكثر فيها الجدل، وتطغي عليها العصبية، ويتشدد فيها في محاسبة الأولاد وتعنيفهم.. وقد يكون الأب مضطرباً أو الأُم فتنقل للأولاد هذه السمة... وعلى أيّة حال يجب أن يعلم الوالدان خطورة ذلك على الأولاد، فيعملوا على تهدئة أجواء البيت وتصفية الأجواء فيما بينهما، وحل الخلافات بعيداً عن أعين الأولاد حتى لا يقلقوا ويطمئنوا إلى مستقبلهم، والتعامل مع الأولاد برفق وهدوء ومحبة ومودة.. الثالث: تعظيم شأن الإمتحانات في عين الطالب والطالبة، سواء من المجتمع أو الأسرة، فلا ينبغي أن يشعر الإنسان وكأن كل الدنيا متوقفة على نتيجة الإمتحان، ويعنّف الطالب ويغلظ عليه، ويحذّر من نتيجة الإمتحان وغير ذلك ممّا يقلق الأولاد ويشعرهم وكأنّهم يسيرون على حافة هاوية. من المفيد تذكير الأولاد بأهمية الإمتحانات وتشجيعهم على الدراسة وتهيئة الأجواء الهادئة المناسبة للمذاكرة... ولكن أيضاً إعلامهم بأن عليهم أن يبذلوا جهدهم وتقبل النتيجة... وأنّ الحياة الموفقة ليست متوقفة على الطب والهندسة، كما يفهم من ذلك كثير من الناس، بل أن يكون الإنسان شريفاً ونظيفاً في ذاته، مؤمناً بربّه، صالحاً في أعماله.. وعليه أن يبذل الجهد، وبهذه الروحية المطمئنة والمستقرة يمكن الحصول على نتائج أفضل بإذن الله وإذا لم تحصل، فلا يعني ذلك أنّ الدنيا أظلمت وانتهى كل شيء، بل هناك مجالات واسعة في الحياة، وعلينا إعادة الكرة والتجربة.. قال الشاعر: على المرء أن يسعى بمقدار جهده***وليس عليه أن يكون موفقاً وفقكم الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله.

ارسال التعليق

Top