• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السكر: بخطورة التدخين

السكر: بخطورة التدخين

الدراسات الجديدة تحذّر من أضراره

"نعم لكن باعتدال".. "القليل منه لن يضر".. "إنّه وقود للدماغ"..

كلها مبررات تحاول إقناع أنفسنا والغير بها، لاستهلاك السكر من دون الشعور بالذنب. السؤال هو: هل يجب أن نستهلك السكر من الأساس؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الكمية المناسبة للصحّة؟

الكثير من الأطعمة: إلا أنّه إذا أخذناه على حدة فهو لا يحتوي على:

·      أي عناصر غذائية

·      أي بروتينات

·      أي دهون صحية

·      أي أنزيمات

إنّه عبارة عن مادة فارغة وسعرات حرارية يتم هضمها بسرعة، إلا أنّها فعلياً تقوم بامتصاص المعادن من الجسم أثناء الهضم. فضلاً عن ذلك، يطلق السكر هرمونات تلعب دوراً في خلق حلقة مفرغة، تبدأ برد فعل إيجابي في الجسم تجاه السكر وتنتهي بتشجيعه على استهلاك المزيد. في وقت كان فيه الغذاء نادراً ويحتاج الناس إلى استهلاك كميات كبيرة من السعرات الحرارية في فصل الصيف، من أجل البقاء على قيد الحياة في الشتاء، كان استهلاك السكر أمراً جيداً. لكن اليوم ومع انتشار الأطعمة السكرية التي صارت متاحة للجميع وفي أي وقت، فإنّه فلم يعد مفيداً جدّاً استهلاكاً كما في السابق.

يقول الدكتور ديفيد روبن، مؤلف كتاب "كلّ ما تريد أن تعرفه عن التغذية" (Everything You Always Wanted to Know About Nutrition): "السكر الأبيض المكرر ليس طعاماً، هو مادة كيميائية نقية مستخرجة من مصادر نباتية، في الواقع هو أنقى من الكوكايين، الذي يشبهه في نوحٍ عديدة. اسمه الحقيقي هو السكروز وصيغته الكيميائية هي C12H22O11. ويحتوي على 12 ذرة كربون و22 ذرة هيدروجين، و11 ذرة أكسجين، ولا شيء آخر يقدمه". ويتابع في شرحه: "الصيغة الكيميائية للكوكايين هي C17H21NO4. الفرق هو أنّ السكر يفتقر لذرة الـ"N"، أو النيتروجين، ليس إلا".

 

ما الموجود في السكر؟

في أغلب الأحيان، عندما نتحدث عن السكر، فإننا نشير إلى خليط من الجلوكوز والفركتوز، وهما من السكريات البسيطة التي توجد بكميات مختلفة في عدد من الأطعمة. ويوضح الخبراء ما يلي:

·      "الدكستروز والفركتوز والجلوكوز كلّها سكريات أحادية، وهي معروفة غالباً باسم السكريات البسيطة. الفرق الأساسي بينها هو طريقة الجسم في تمثيلها غذائياً. الجلوكوز والدكستروز هما أساسان السكر نفسه، لكن مصنعي المواد الغذائية عادة ما يستخدمون مصطلح الدكستروز أو "سكر العنب" في قائمة مكوّنات منتجاتهم.

·      يمكن الجمع بين السكريات البسيطة لتكوين سكريات معقدة، مثل السكروز ديساكهارايد (سكر المائدة)، وهو مكوّن نصفه من الجلوكوز ونصفه الآخر من الفركتوز (سكر الفواكه).

·      شراب الذرة عالي الفركتوز مكوّن من 55% فركتوز و45% جلوكوز.

·      الإيثانول (الكحول) ليس سكراً، على الرغم من أنّ البيرة والنبيذ يحتويان على السكريات والنشويات، بالإضافة إلى الكحول.

·      السكريات مثل إكسيليتول، الجلسرين، السوربيتول، المالتيتول، مانيتول، واريثريتول ليست سكريات ولا كحولاً، ولكنها تزداد شعبية كمحليات بديلة عن السكر. في الواقع صحيح أنّ امتصاصها يتم بشكل كامل في الأمعاء الدقيقة، ما يعني أنّها توفر سعرات حرارية أقل من السكر، ولكنها غالباً ما تسبب مشاكلها في الجهاز الهضمي كالانتفاخ والإسهال.

·      سوكرالوز (أي سبليندا) ليست سكراً، على الرغم من اسمها وشعارها الخادع بأنها "مصنوعة من السكر"، إلا أنّها عبارة عن مُحلٍّ اصطناعي مكلور السكرين والأسبارتام، مع الآثار الصحية الضارة نفسها.

·      شراب الصبار (Agave syrup)، الذي يتم تسويقه على أنّه "طبيعي"، هو في الواقع مادة غذائية معالجة بإفراط وعادة ما تحتوي على 80% من سكر الفواكه. المنتج النهائي لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد نبات الصبار الأصلي.

·      العسل يتألف من نحو 53 في المئة من الفركتوز، ولكنه طبيعي تماماً في شكله الخام، وله العديد من الفوائد الصحية عند استخدامه باعتدال، بما في ذلك العديد من المواد المضادة للأكسدة، شأنه شأن السبانخ.

·      ستيفيا هو مادة عشبية حلوة جدّاً، مستخرجة من أوراق نبات ستيفيا الموجودة في أميركا الجنوبية، والتي هي آمنة تماماً (في شكلها الطبيعي). لو هان (أو luohanguo) هو محلٍّ طبيعي آخر، ولكنه مستخرج من الفاكهة.

 

هل هناك كمية آمنة؟

في رأي الخبراء، ليست هناك كمية آمنة من السكر المضاف. فالسكريات الواردة بشكل طبيعي في الفاكهة والخضار تكون عادة متوازنة مع الألياف والفيتامينات والأنزيمات وغيرها من المواد المغذية الموجودة في الفاكهة أو الخضار، والتي تبطئ عملية هضم السكر وتساعد الجسم على التعامل معه بسهولة أكبر. السكر المضاف، من ناحية أخرى، لا يوفر أياً من هذه المزايا، وبدلاً من ذلك فهو:

·      يؤثر في الكبد: فعندما نأكل سكر الفواكه، يذهب فوراً إلى الكبد. إذا كان مستوى الجليكوجين في الكبد منخفضاً، مثل ما يحدث بعد نشاط بدني مضنٍ، فحينها يتم استخدام الفركتوز لتعويض النقص. لكن معظم الناس لا يستهلكون الفركتوز بعد ممارسة التمارين الرياضية وحسب، وفي هذه الحالة تكون أكبادهم مشبعة بالجليكوجين. لذا، عندما يتناول الناس السكر تحول أكبادهم الفركتوز إلى دهون. بعض من الدهون تخرج من الكبد، ولكن يبقى جزء كبير منها هناك. وهذه الدهون يمكن أن تتراكم مع مرور الوقت وتؤدي في نهاية المطاف إلى مرض الكبد الدهني غير الكحولي.

·      يزيد من معدل الكوليسترول والتريغلسريد.

·      يمكن أن يسهم في تطور حالة مقاومة اللبتين (ومن ثمّ زيادة الوزن، والرغبة الشديدة في تناول السكريات، والصعوبة في النوم، إلخ).

·      يخلق استجابة إدمانية للسكر في الدماغ.

·      لا يُشعر متناوله بالشبع، وبدلاً من ذلك يشجعه على تناول المزيد.

 

نداء لحظر الأطعمة السكرية:

في دراسة جديدة، دعا الأطباء من "جامعة كلية لندن"، و"كلية لندن للصحة والطب الاستوائي" إلى حظر الأطعمة السكرية أقله في المدارس والمستشفيات، موضحين أنّه ينبغي خفض كمية الاستهلاك اليومي للسكر إلى أبعد مما هو موصى به حالياً، لتكون فقط 14 غراماً كحد أقصى، أي ما يعادل أربعة مربعات صغيرة من الشوكولاتة بالحليب.

يأتي هذا النداء، بعد أن عمدت منظمة الصحة العالمية مؤخراً إلى تحديد متوسط كمية السكر الموصى باستهلاكها يومياً للبالغين بـ50 غراماً كحد أقصى، و25 غراماً كحد مثالي، ولكن الأطباء اعتبروا أنّ هذا المعدل لا يزال مرتفعاً جدّاً. بالإضافة إلى ذلك، أشار الأطباء إلى أنّه لا ينبغي إعطاء الأطفال الأطعمة السكرية كوجبات خفيفة، في حين أنّ المدارس والمستشفيات لا ينبغي أن تقدمها لهم على الإطلاق، في محاولة لمعالجة مشكلة تسوس الأسنان الآخذة في الارتفاع بين الفئات العمرية هذه، وأيضاً للحد من تأثير السكر المضرّ في القدرات التعليمية لدى الأطفال.

في الدراسة التي قاموا بها، وجد الباحثون أنّ الأشخاص الذين يتناولون القليل من السكر المضاف، أو لا يتناولونه على الإطلاق، نادراً ما يعانون مشاكل الأسنان.

وأدت هذه النتائج إلى حثهم الناس حول العالم على الحد من استهلاك السكر لكي لا يتخطى الـ5 في المئة من مجموع السعرات الحرارية المستهلكة في اليوم الواحد، ويفضل حتى أن يكون أقل من ثلاثة في المئة، يعني أقل من نصف علبة من المشروبات الغازية في اليوم.

أما للأطفال الذين تقل أعمارهم عن السنوات السبع، فلا ينبغي أن يتخطى معدل استهلاكهم اليومي من السكر أكثر من 11 غراماً، أي ما يعادل ثلاثة مربعات من الشوكولاتة بالحليب.

وهذا المعدل يجب أن يشمل جميع أنواع السكر المضاف إلى الطعام، إما بواسطة المصنعين، أو في المنزل، أو تلك السكريات الطبيعية الموجودة في العسل، وعصير الفاكهة.

 

السكر أسوأ من الملح:

وفقاً لإحدى الدراسات التي قام بها علماء من نيويورك وكنساس، فإنّ السكر هو أكثر ارتباطاً بارتفاع ضغط الدم من الصوديوم. نتيجة لذلك يجب لوم السكر، وليس الملح، على مشاكل ارتفاع الضغط التي تؤدي إلى أمراض القلب المختلفة والسكتات.

ويقول الباحثون إنّ مستويات السكر العالية تؤثر في منطقة رئيسية في الدماغ، مسببة زيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع في ضغط الدم.

وقد انطلق العلماء في بحثهم من دراسة فرنسية حديثة أجريت في أوساط 8670 من البالغين، ولم تجد أي صلة بين الملح وارتفاع ضغط الدم.

لسنوات، حث الأطباء الناس على خفض تناول الملح، على ألا يتعدى معدل استهلاكه الملعقة الصغيرة يومياً.

واعتبر الخبراء أنّه يزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية بمقدار الربع، وأنّه المسؤول عن 3 ملايين حالة وفاة سنوياً في جميع أنحاء العالم.

ولكن في مقال نشر في المجلة الأميركية لأمراض القلب، أكّد باحثون تحت إشراف الدكتور جيمس دي نيكولانتونيو "أنّ السكر وليس الملح هو المسبب الفعلي لارتفاع ضغط الدم".

وقال الباحثون "يجدر تشجيع المستهلكين على خفض استهلاكهم السكر، وليس الملح، فهذه قد تكون الاستراتيجية الغذائية الأفضل للسيطرة على ضغط الدم".

وقال الباحثون "يجدر تشجيع المستهلكين على خفض استهلاكهم السكر، وليس الملح، فهذه قد تكون الاستراتيجية الغذائية الأفضل للسيطرة على ضغط الدم".

هذا البحث هو دليل آخر على المخاطر الصحية الناجمة عن تناول الكثير من السكر.

 

هل نتخلّى عنه؟

إذن، هل حان الوقت لتقبل الحياة من دون سكّر؟ "ليس بهذه السرعة"، بحسب الجمعية البريطانية للسكري (BDA)، التي تشير إلى "أنّ السكر ليس سيئاً كجزء من نظام غذائي متوازن"، وتقول أخصائية التغذية سيلفيا تيرنر: "للسكر دور مهم في توفير نكهة وملمس للأطعمة. علينا فقد أن نتذكر أنّ السكر يحتوي على سعرات حرارية قليلة، ولكنه يحتوي أيضاً على عناصر غذائية أقلّ. لذلك، يمكن لتناول السكر والسكر المضاف والأغذية السكرية والمشروبات بدلاً من الأطعمة الصحية الأخرى، أن يجعل النظام الغذائي أقل قيمة من الناحية الغذائية".

وتضيف: "تشير بعض الأبحاث إلى أنّ المشروبات السكرية تجعل من الصعب علينا تنظيم المعدل الإجمالي للسعرات الحرارية التي نستهلكها يومياً، ثمّ إنّ استهلاكها بانتظام قد يكون عاملاً مسهماً في ارتفاع معدل البدانة لدى الأطفال".

 

هل أنت مدمن سكّر؟

1-  حين تمر أمام قطع الحلوى، هل تناضل لكيلا تأخذ "قطعة واحدة فقط"؟

2-  هل لديك روتين لاستهلاك السكر، على سبيل المثال، هل يوجد دائماً حلوى في بيتك، أو تحتاج إلى قطعة من الشوكولاتة بعد تناول وجبة الغداء، أو للاسترخاء أمام التلفزيون؟

3-  هل هناك أوقات تشعر فيها كما لو أنّه لا يمكنك الاستمرار من دون تناول السكر؟

4-  إذا اضطرت إلى الامتناع عن تناول السكر لمدة 24 ساعة، هل تصاب بالصداع وتقلب المزاج؟

إذا أجبت بنعم عن أحد تلك الأسئلة أعلاه، فأنت من مدمني السكر.

ارسال التعليق

Top