• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

القرآن.. دستور المسلم

عباس عليّ الموسوي

القرآن.. دستور المسلم

قال تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد/ 24).

القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على عبده ورسوله محمد (ص)، أنزله الله عليه بألفاظه وحروفه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، هو عهد الله إلى عباده ودستوره إليهم، أمرهم بتلاوته وتدبر آياته، ففيه الحياة والسعادة وفيه الراحة والطمأنينة.. القرآن الكريم كتاب الله ودستوره أنزله الله تعالى لينظّم على أساسه حياة الإنسان ويأخذ بيده نحو السعادة والخير فإنّ الله الذي خلق الإنسان وخلق هذه النفس البشرية يعرف ما يصلحها مما يفسدها وما يُكمّلها مما يُسقطها وعلى هذا الأساس كان القرآن شاملاً لسائر احتياجات الناس بعمومات اعطاها وخطابات فصلها، فوضع للفرد والأسرة والمجتمع كلّ ما يصلحها ويسعدها ولم يهمل قضية تدخل في طريق تحقيق السعادة والتكامل لهذا الإنسان إلا وشرعها وهيأ سبلها ويسر وصولها إلى الناس، وقد استطاع الجيل الأوّل الذي عاصر الرسول وتلقى القرآن منه وتفاعل مع أحكامه وقضاياه أن يتسلق القمة في الكمال ويصل إلى المرتقى العالي في الطهر والنزاهة، استطاع هذا الجيل المبارك أن يحطّم الصنمية الحجرية في المجتمع كما استطاع أن يحطم الصنمية المنصوبة في قلوب الناس ليحل محلها الإيمان بالله والحبّ له والجهاد في سبيله.

فكان المسلم عندما يتلقى آيات الله يعيش معها ويطبقها على حياته ويجسدها في أفعاله وأقواله ولم يقصد من خلال النظر فيها والاستماع إليها أن يشبع فضوله البشري أو من أجل التبرك بها فحسب، كما ان همه لم يكن من أجل أن يباهي بحفظها وتلاوتها، ليس ذلك همّ المسلم ولا من عاداته بل همّه أن يستوعب الآية ليعمل بها ويتخذها دستوراً له في حياته يعمل على أساسها ويدعو الناس إلى العمل بها..

كان الفرد والمجتمع مع كتاب الله ساعات من الخلوة والنشوة. عندما كان يتلو النبيّ تلك الآيات النازلات فيرتفع الإنسان عن عالمه الأرضي ليعيش مع مضمون الآيات وأهدافها ويذوب مع كلّ آية ليتحول بنفسه إلى آية تتحرك على الأرض.

كانّ النبيّ إذا تلى آية فيها حضّ على الجهاد اندفع المسلمون كلهم وكأنهم لم يُخلقوا لغير الحرب والقتال وإذا نزلت آية في العبادات والطاعات كانوا رهبان المساجد وأبناء المحاريب يُسمع دوي أصواتهم كالنحل من مكان بعيد يذوبون مع كلّ آية ويحيون مع تلاوة كلّ سورة.. كانوا يخرجون عن أنفسهم – فضلاً عن أموالهم – ويقدمونها في سبيل الله عندما يطلب منهم ذلك..

فهل ترى كتاباً أسمى من كتاب الله يصنع فرداً ويصنع أُمّة بهذا المستوى وبهذا العمق والمضمون؟!.

هل رأينا فكرة أو نظرية أثرت في اتباعها وأنصارها كما أثر هذا القرآن؟!

انّها آيات الله تترك في نفوس الناس ما لا يتركه سواها، وكلماته التي تفعل في القلوب والعقول وتحولها من طور إلى طور حتى تصل إلى هذا العمق والأصالة بحيث أضحت معجزة خارقة بحد ذاتها..

وأين نحن اليوم؟ وما هو واقعنا؟ وما مدى تأثيرنا بهذا القرآن وتفاعلنا معه؟؟! هل حكمناه بشيء من قضايانا؟! هل عاش في واقعنا الفردي والاجتماعي؟

المسلم يقرأ القرآن ويتدبر آياته ويعيش مع كلّ آية بمفردها كما يعيشها مجتمعة مع غيرها ويسعى في تدبر آياته ولا يكتفي بتردادها فانها تكون حجة عليه بدل ان تكون حجة له.

المسلم يحمل القرآن حقيقة شاخصة في قلبه وضميره وسلوكه وعمله ويتحول إلى قرآن يتحرك على الأرض..

المسلم يقرأ القرآن ويتدبر آياته ويفكر في كلّ آية ويعيش معها صورة متحركة تبعثه نحو الخير والفضيلة..

1-  قال تعالى:

(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).

2-  قال تعالى:

(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) (ص/ 29).

3-  قال تعالى:

(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل/ 44).

4-  عن أبي عبدالله (ع):

"القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كلّ يوم خمسين آية".

5-  عن عليّ بن الحسين (ع) قال:

"آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها".

 

المصدر: كتاب ملامح المسلم الرسالي/ المكتبة الإسلامية (18)

ارسال التعليق

Top