• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

القيادة في الممارسة الإدارية

عبدالكريم راضي

القيادة في الممارسة الإدارية

◄القيادة هي السمو بالرجل إلى إطلالة أعلى وبناء راق للشخصية إنها ارتفاع كبير في مستوى الأداء والتعامل والإدارة إلى مراحل تتجاوز حدودها التقليدية..

إنّ أفضل إعداد لأرضية مثل هذه القيادة هو الروحية الإدارية المتحمسة التي تترسخ يوماً بيوم في الممارسات والمبادئ الراسخة الرشيدة المبنية على نوعيات عالية من الأداء القائم على احترام الفرد المبدع وعمله.

 

مفهوم القيادة:

ما هي القيادة؟

القيادة هي القابلية لجعل الناس تتبعك، وتفعل بكلِّ رغبة ما تريده منهم أن يفعلوه.. وهي ليست سهلة بالشكل الذي يظنه البعض ولكنه صفة وسمة ممتازة يفضل أن يتحلى بها أو يمتلكها المدير إضافة لمؤهلاته الأخرى. بل تصبح عاملاً مهماً لتطوير العمل وانجاح مهمات المدير.

وصفة القيادة ليست من الصفات الشائعة عادة، وقليل من القادة هم الذين يجمعون بين عنصر المحبة والطاعة من قِبَل الآخرين بالإضافة إلى صفات المهارة القيادية والكفاءة الوظيفية في آن واحد. فتكون أوامرهم مطاعة باحترام وحب.

على أنّ القائد لابدّ له من اصدار الأمر الذي تتطلبه ضرورات عمله أن يبرهن تطبيقه العملي على صحته.

 

·      عناصر القيادة الناجحة:

إنّ المدير الذي يتصف أو يسعى لأن يحرز الصفات القيادية لابدّ أن يتمثل بالعناصر التالية:

-         الإحساس بالمهمّة: إنّ اعتقاد الشخص بقابليته القيادية، وحبه للعمل القيادي نفسه، لابدّ أن تدفعه للإحساس بالمهمة والعمل بدأب وإخلاص لخدمة الناس والمؤسسة.

-         إنكار الذات: الرغبة بالامتناع عن تمجيد الذات مع القابلية على تحمل عذاب وتبعات العمل..

-         سمو الشخصية: الأمانة مع النفس والآخرين والقابلية على مواجهة النقد وتقبله مع تحمل المواقف الكريهة بشجاعة وإخلاص طوال الوقت.

-         الكفاءة والتخصص: معرفة تامة بنوعية العمل والعاملين..

-         الحكم الصائب: قابلية على اتخاذ القرارات الصائبة وحسن توقيتها وفصل المهم عن غير المهم مع مهارة في وضع الخطط وتنفيذها.

-         الطاقة: صحة جيدة وكَمٍّ  كافٍ من القابلية على العمل والراحة في الوقت المناسب.

 

·      طراز القيادة:

من المتعارف عليه أنّ هناك ثلاث نوعيات للقيادة هي:

1-    القيادة الأوتوقراطية: وفيها يُصدر القائد أوامر ويطالب بتنفيذها ويجب على المدير الأوتوقراطي أن يجعل أوامره صحيحة.

2-    القيادة الديمقراطية: يناقش القائد فيها ويستشير، ويطلب الأفكار المفيدة من المحيطين به.. وهذا الأسلوب يقوّي ويدعم عمل الفريق الواحدة والروح الجماعية..

3-    قيادة العنان الحر: والعنَّان هنا هو اللَّجام..

وفيها يقوم القائد بإعطاء المعلومات والممارسات بأقل قدر من السيطرة.. للموظفين والمعاونين المحيطين به.. ليفسح المجال أمامهم للشعور بالمسؤولية والقرار المدروس الجيد لتنفيذ الأوامر الخاصة بالعمل.. ويمكن تصنيف هذا الطراز بالنوع التشاركي..

ويجابه القادة في مؤسساتهم عدوين أساسيين خلال سعيهم لتحقيق الهدف هما: الفردية والمؤسسة.

والمؤسسة أوّلاً وأخيراً هي من صنع الأفراد المنضمين إليها لأنّها ترضي بعض احتياجاتهم.

·      القيادة الفعالة: يفترض الكثير من الناس أنّ القيادة الديمقراطية هي أحسن طراز يمكن تطبيقه والحقيقة فإنّ القيادة الفعالة لا تعتمد فقط على قائدها وإنما تتحمل المجموعة أو الفريق المحيط قسطاً من ذلك. لذا فليست هناك قيادة أفضل قبل أن تقرر العوامل التالية:

1-    القائد: تتأثر شخصية القائد بعدّة قوى مؤثرة ومواقف تتفاعل مع ذاته، شخصيته ذاتها ونوع القيادة التي يحب. كلّ ذلك يخضع أيضاً لخلفيته، أرضيته التي نشأ عليها، ونوع ثقافته التي بلورت طراز القيادة في داخله.

2-    الأتباع أو المحيطين: الأتباع شأنهم شأن البشر، مختلفون في طبائعهم وتعتمد نوعية وطراز القيادة على ذلك. هل هم يشعرون بحاجة إلى استقلال أكثر؟ هل هم على استعداد لتحمل المسؤولية؟

وهل يؤمنون أو يثقون بالقائد؟

إنّ هذه التساؤلات وغيرها، ستساعد على تقرير طراز القيادة وفعاليتها.

3-    الموقف: للموقف أو الحالة تأثير كبير على طراز القيادة.

هل تسير المؤسسة عادة على نمط قيادة أوتوقراطية؟ ما طبيعة المشكلة أو المعوقات المتعلقة بضغط التوقيت أو المرحلة التي تمر بها المؤسسة أو النمط السائد للحياة في البيئة المحيطة بها؟ وهذه التساؤلات والإجابات المفترضة عليها يمكنها أن توضح إذا كان النمط الاتوقراطي فعالاً في بعض الحالات أو غير فعال في حالات أخرى.

وفي حالة الضرورة يمكن تطبيقها إذا كان ذلك يجنبك ضياع الوقت في استشارة الآخرين من المحيطين على المدى القريب والمتوسط!.

أما على المدى الطويل ومنظور المستقبل، وفي حالة تطوير مفهوم الإحساس بالمسؤولية لدى العاملين ورفع مستواهم، فإنّ القيادة الديمقراطية تصبح أكثر فاعلية، لأنّها تؤكد مفهوماً مهماً في احترام آراء المرؤوسين التابعين وشعورهم بأنهم أطراف مشاركة وجزء من الفريق الواحد.

4-    الشخصية والقيادة: إنّ المدير الذي يبتسم لموظفيه.. الودود المرن المساير.. يمكن أن يتعايش ويمضي بيسر مع المحيطين به.. ولكن الشخصية وحدها لا تكفي، ومن الضروري أن يكون مخلصاً ويمتلك الرغبة في التفهّم والتعاطف مع المحيطين.

وأن يعاملهم بسلوك حسن ويهتم بتطلعاتهم، كما أنّ القرارات الصائبة ستساعد المدير على دعم صفاته القيادية أكثر مما تفعله الشخصية لوحدها.

5-    كسب الولاء: يكسب القائد الولاء بإخلاصه وأمانته مع الاتباع، بدعمهم وحماية موقفهم تجاه من يريد التشكيك بهم.

·      نظرية القيادة: للتقدم والاستمرار بقيادة الناس بفاعلية لابدّ للقائد أن يدرك بأنّه يتعامل مع ناضجين.

وأن يدرك أنّه يتحمل المسؤولية بإدارة مسائل بشرية في العمل ويولي عنايته بها مثلما يولي عنايته للمسائل التقنية والإدارية.

وسنورد هنا نظريتين حول القيادة:

-         النظرية الأولى:

وتمثل الرؤية أو النظرة التقليدية للسلوك الإنساني في تنظيم العمل، وهي تميل إلى فكرة أنّ أغلب الناس هم كسالى ولا يشعرون بالمسؤولية. وإنّ مهمة أو واجب القيادة أن تعطي الناس التوجيه وترغمهم على احترام النظام وتحدد لهم واجباتهم.

-         النظرية الثانية:

تجد جذورها وأرضيتها بناء على البحوث الحديثة المتراكمة حول السلوك البشري وقد تأسست على الرؤية ووجهة النظر التي تقول بأنّ الناس الذين يكونون في الحالة العادية المناسبة يكونون على استعداد تام للعمل الذين يكونون في الحالة العادية المناسبة يكونون على استعداد تام للعمل المنتج، وتقبّل المسؤولية وإبداء الممارسة الخلاقة.

ويفترض استخدام النظرية الأولى الحالة التالية للعاملين بنموذجها:

1-    يقومون بالعمل بأمان ويتجنبون المخاطرة.

2-    يقومون بأداء ما يطلب منهم فقط ولا يزيدون عليه.

3-    يحققون الإنتاجية لأنّهم مجبرون على ذلك.

4-    غالباً يكون أداؤهم مصحوباً بروحية ونوعية ضعيفة محاولين دائماً إيجاد طرق لضرب النظام.

إنّ النظرية الثانية هي أكثر صعوبة من الأولى، ولكن نتائجها أفضل على المدى الطويل. وهي مبنية على الحوافز، التوجيه الذاتي وعلى المشاركة الكاملة.

ويفترض بالعاملين أو الناس الذين يقادون على نهجها أن يكونوا:

·      يرغبون بإدارة ذات توجيه ذاتي هادف.

·      يندفعون للمشاركة في حل المشاكل والقضايا المتبادلة.

·      يرغبون بالمساهمة والعطاء والإحساس بالأهمية.

 

إضاءات مرشدة للقيادة:

1-    كن متنبئاً:

يرغب العاملون بأن يعرفوا أين يقفون مع الرئيس أو القائد القاعدة هي: كن متسقاً وثابتاً، لو أنّ شخصاً حصل على الثناء لعمل قام به اليوم، ثمّ وجهت له الزجر أو الردع في يوم آخر لقيامه بنفس العمل، فإنّ ذلك الشخص لن يعرف بعدها كيف يتصرف وسيظل دائماً ينتظر التعليمات (يفقد المبادرة).

2-    ضع نفسك مكان الموظف:

إنّ قيامك بذلك يجعلك تدرك ردود فعلهم واستجابتهم مقدماً.

3-    كن مهتماً برفاهية الموظفين:

ترغب الناس التي أولت ثقتها للقائد أن يكون القائد عند حسن ظنها وقت الحاجة، وأن يسهل حل مشاكلهم الشخصية ويقدم لهم النصح.

4-    عامل الموظفين بالتساوي:

يرغب الموظفون (وكلّ الناس) أن يعاملهم قائدهم بعدالة.. وأن يرافقه الإحساس بالعدالة في تعامله مع الجميع، لأنّهم يودون أن يبقوا دائماً واثقين بأنّ مديرهم لا يتعامل بأفضليات أو محسوبيات لأنها من عوامل ضعف القائد أن يكيل بمكيالين.►

 

المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعّال/ سبيلك إلى فن الإدارة

ارسال التعليق

Top