• ٢٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

خصائص الصحافة الإلكترونية

أ. عبير الرحباني

خصائص الصحافة الإلكترونية

◄أدّى النمو المتزايد للثورة التكنولوجية الذي شهده العالم خلال العقدين الماضيين، إلى خلق منافسات وتحديات كبيرة وبخاصة في مجاليّ الإعلام والإتّصال، وعلى الرغم من النمو السريع والتطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال بكل أبعادها وأحجامها، إلا أنّ العالم لم يستطع حتى الآن إيجاد وسائل كفيلة بالتحكم والسيطرة بشكل كامل على هذه التكنولوجيا الضخمة التي تمتاز بالتعقيد والتداخل بشكل كليّ.

وقد أدت هذه الثورة إلى تغيير عاداتنا وسلوكياتنا وأساليب معيشتنا، حيث جعلت إعلامنا العربي يتأرجح بين القيود المرتبطة بالسلطات، وبين التنافس الحُرّ، وغياب قيود الرقابة في وسائل أخرى كشبكة الانترنت، التي أصبحت أحد الإنجازات الضخمة والقوية للثورة التكنولوجية، حيث سمحت شبكة الإنترنت بإصدار صحف متعددة ذات أبعاد وأحجام ومساحات مختلفة، مما أدى إلى تغيرات عديدة في مفهوم الأداء الصحفي، واستخدام قوالب صحفية مختلفة، تبدو أكثر قدرة على التعبير عن متطلبات العصر وإمكاناته، الأمر الذي جعل العاملين في مجال الصحافة والإعلام، يستيقظون من غفوتهم ويسرعون باللحاق بعجلة التنمية والتطور في عصر تفجرت فيه المعلومات.

وقد أصبحت الصحافة الإلكترونية ظاهرة واسعة الانتشار في مجتمعاتنا العربية، وانتشارها الواسع أيضاً بين الصحافيين والإعلاميين، لكنها تفتقد غياب دراسات علمية تبحث في استخداماتها وانعكاساتها على الصحافة الورقية. وقد واجهت الصحافة المطلوبة أزمات عدة منذ بداية القرن العشرين، ولا زالت تواجه أزمات وتحديات كبيرة خاصة مع ظهور الثورة المعلوماتية وتطور تكنولوجيا الاتصالات السريعة التي نجم عنها ظواهر متناقضة في عالم الصحافة، فمن إعلام إلكتروني إلى صحافة إلكترونية لها جمهورها المتميز الذي يعتمد على الإنترنت إلى إعلام رقمي إلى صحافة رقمية إلكترونية، حيث أصبحت تقف عائقاً في وجه الصحف الورقية، وأخذ انتشارها الواسع وتطورها السريع يؤثر بشكل كبير على الصحافيين والإعلاميين العاملين في مجاليّ الصحافة والإعلام، وفرضت عليهم واقعاً مهنياً جديداً.

ويمكن تعريف الصحافة الإلكترونية على انّها صحف غير ورقية، تأخذ طابعاً دورياً، ويتم اصدارها ونشرها واستخدامها عن طريق الكمبيوتر، من خلال شبكة الإنترنت وشبكات الاتصالات الرقمية الأخرى. وهي وسيلة اتصال فعّالة تحتوي على جميع عمليات الاتصال الجماهيري التي تشمل: مرسل، ومستقبل، ورسائل تحتوي على الوسائط المتعددة (صور – صور متحركة – فيديو صوت.. إلخ) في أغلب الأحيان، لتحقيق هدف ما، عبر أي مسافة، وفي أي وقت، وفي أي مكان، بعيداً عن مقص الرقابة المباشرة وغير المباشرة، وتعمل باتجاهين بحيث يكون لها تغذية مرتدة، سواء أكانت صحف لنسخ ورقية، أو صحف إلكترونية ليس لها اصدارات ورقية، أو صحف إلكترونية لصحف ورقية غير منسوخة.

والصحافة الإلكترونية أشبه بالعاصفة الثلجية، فعندما نسمع بحدوث عاصفة ما، نبدأ نُلملم ما هو مبعثر خارج المنزل، ونتفقد احتياجاتنا من وقود، وطعام، ودواء، وتأمين جميع ما نحتاجه في هذه الظروف لحماية أنفسنا من العاصفة الثلجية وبردها القارس. وهكذا فعلت الصحافة الإلكترونية بالصحفيين والإعلاميين، حيث جعلت المسؤولين يدركون أهميتها ويشعرون بمنافستها الشديدة للصحف الورقية. الأمر الذي جعلهم يحثون العاملين على القيام بعملهم بشكل أفضل من ناحية الأداء المهني والتقني والتحريري والكتابي. إذ تحاول الصحف الورقية أن تقدم خدمات أفضل وأكبر للناس.

ويمكن القول إنّ الإعلام الإلكتروني يتميز ببعض الخصائص كالتنوع الشديد في الوسائل والمواقع الإعلامية، ومن أبرز خصائص الصحافة الإكترونية ما يلي:

1-    خاصية التنوع:

كان الصحفي يواجه مشكلة المساحة المخصصة لإنجاز مقالة إخبارية ما على مستوى الصحافة الورقية، وبما أنّ الصحافة تعيش على التوازن بين الفضاءات المخصصة للتحرير والمساحات الأخرى، كذلك كانت مهمة الصحفي تتمثل في إنجاز عمل صحفي يوفق بين المساحة المخصصة للتحرير وبين تلبية حاجات الجمهور.

2-    خاصية المرونة:

تبرز خاصية المرونة بشكل جيِّد بالنسبة لمستخدمي صحافة الإنترنت، إذ لا يمكن له إذا كان لديه الأدنى من المعرفة بالإنترنت أن يتجاوز عدداً من المشكلات الاجرائية التي تعترضه.

3-    التفاعلية:

حيث تستخدم الصحف الإلكترونية هذا الأسلوب التفاعلي من خلال تكنيك النص المترابط أو الفائق Hypertext الذي يتضمن وصلات Links لنقاط داخل الموضوع أو الخبر المنشور وأنّ هذا التميز يُعد واحداً من أهم سمات وخصائص النشر الإلكتروني. وقد ساعدت التفاعلية على تخصيص المواقع الإلكترونية صفحات للاهتمامات الخاصة للمستخدمين بحيث يمكن لأصحاب الاهتمامات المشتركة من خلال الصفحات تبادل الخبرات والأنشطة، كما يمكن من خلال التفاعلية الافادة من آراء الجمهور في إعداد المواد الصحفية للصحف المطبوعة أو البرامج التلفزيونية أو الإذاعة التقليدية إلى جانب تلك التي تتوفر عند الإنترنت.

وتسمح الصحافة الإلكترونية بمستوى غير مسبوق من التفاعل، يبدأ بمجرد البحث في مجموعة من النصوص والاختيار فيما بينها، وينتهي بإمكان توجيه الأسئلة المباشرة والفورية للصحفي أو مصدر المعلومة نفسه، أو التدخل للمشاركة في صناعة الخبر أو معلومة جديدة أثناء القراءة وتصفح الموقع، من خلال ابداء الملاحظات أو المشاركة في استطلاعات الرأي والحوارات الحيّة مع الآخرين حول ما يقرأ.

4-    إمكانية توزيعها:

أصبح من السهل توزيع الصحف في أي وقت وفي أي مكان بطريقة إلكترونية وعبر الإنترنت، بعكس الصحف المطبوعة التي لا تزال تعاني تكلفة التوزيع والشحن، وعدم إمكانية إيصالها للمشتركين بخاصة في ظل الأحوال الجوية السيئة، أو عدم تمكنها من الوصول للأماكن النائية حيث من الصعب وصولها في نفس الموعد للمشتركين كافة، فقد تصل مشترك ما الساعة الخامسة صباحاً بينما تصل لمشتركين آخرين الساعة التاسعة صباحاً. أمّا الصحيفة الإلكترونية فهي تصل للجميع بدقة وبنفس الموعد.

5-    المباشرة والتحديث المستمر:

ويقصد بذلك تقديم الصحف الإلكترونية خدمات إخبارية مباشرة Online حيث أصبحت الأخبار تنقل من خلال المراسل الصحفي من موقع الحدث إلى موقع مؤسسته الصحفية بطريقة آنية ومباشرة، ويمكن تعديل الخبر أو حذفه أو إضافة ما يمكن إضافته من مستجدات وهذا ينطبق على النصوص الاخبارية والصوت والفيديو أيضاً.

6-    سهولة العرض:

حيث تعد سهولة العرض أحد أهم عوامل تفضيل الوسائل لدى الجمهور.

7-    تعدد الوسائط:

إذا كان الراديو يقدم الصوت والتلفزيون يقدم الصورة، والصحافة المطبوعة تقدم النص؛ فإنّ الصحافة الإلكترونية هي الوسيلة الوحيدة التي بإمكانها تقديم الثلاثة معاً بشكل مترابط وفي قمة الانسجام والإفادة المتبادلة.

كما يكتسب استخدام عناصر الوسائط المتعددة مثل: الصور المتحركة، والثابتة، والأصوات، والمؤثرات السمعية والبصرية، أهمية خاصة ترتبط بدور العناصر المرئية في تسهيل متطلبات العرض للوسائل المختلفة، حيث تسهم الصورة والألوان في تقليل الجهود التي يتعيّن ان يبذلها القرّاء لتلقي الرسائل المتضمنة في هذا النمط من الاتصال.

8-    المساحة الجغرافية:

"تمكّن الموقع الإعلامي أن يصل عن طريق الإنترنت إلى مختلف أنحاء العالم، على عكس عدد كبير جدّاً من وسائل الإعلام التقليدية التي تكون مقيدة في أغلب الأحيان بحدود جغرافية محدودة".

9-    عامل التكلفة:

يبرز هذا العامل خاصة على مستوى الصحافة المكتوبة، وبشكل أكبر عندما يتم تأسيس موقع إلكتروني من حيث إنّه يوفر على صاحب الجريدة جزءاً من تكاليف طبع وتوزيع النسخة الورقية للجريدة، ويتضمن في الوقت نفسه عدداً أكبر من القراء.

10-                      العمق المعرفي:

تتميز الخدمات الصحفية المقدّمة في الصحف الإلكترونية بالعمق المعرفي والشمول، ويتهيأ ذلك من اتساع المساحة المتاحة لهذه الصحف، حيث لا تربط الصحف الإلكترونية، شأنها في ذلك شأن كل المواقع الإلكترونية، بقيد المساحة كما في الصحف المطبوعة. حيث تعمل هذه الصحف – عبر ما تقدمه من خدمات إضافية – على تقديم عمق معرفي إضافي للمواد المنشورة فيها، وتستهدف هذه الخدمات تقديم خلفيات الأحداث، وربطها بالقضايا أو الموضوعات المتعلقة بها.

11-                      التفتيت أو اللاجماهيرية:

هو كأحد سمات الصحيفة الإلكترونية هو التخلي عن مفهوم الحشد في التعامل مع مستخدمي الوسيلة الإعلامية، وتقديم مُنتج إعلامي يُمكنه أن يتكيف مع الاهتمامات الفردية لكل قارئ.

12-                      الأرشيف الإلكتروني الفوري:

تأتي خدمة الأرشيف على جانب من الأهمية خاصة في مجال النشر الإلكتروني للصحافة الإلكترونية، فتقديم المعلومات المختلفة داخل الموقع بالإضافة لخدمة الأرشيف، وإمكانية البحث، يقدم للمستخدم سياقاً شاملاً حول الموضوع الحالي الذي يتعامل معه ويستخدمه، مما يحقق نوعاً من التكامل والثراء في عرض المعلومات.

13-                      سهولة الاستخدام:

تعد خاصية سهولة الاستخدام أحد أهم عوامل تفضيل مستخدمي الإنترنت وزيادة إقبال الجماهير لهذه الشبكة، حيث لا تتطلب الافادة من الشبكة بذل جهد جسدي وعقلي كبير لفهم واستيعاب ما تتوافر من مواد خاصة مع استخدام بعض البرمجيات التي تسهم في تسهيل الموضوعات المعقدة مثل الوسائط المتعددة وغيرها. وتشمل سهولة الاستخدام جوانب كثيرة من أهمها سهولة الحصول على المعلومات، إلى جانب تفعيل الشبكة لعملية الاتصال الشخصي بين الجماهير الأمر الذي هيأ الاتصال بين عدد كبير من الأشخاص، وتبادل الرسائل فيما بينهم في وقت كان من الصعب حدوث ذلك قبل ظهور هذه التقنية.

14-                      الشخصية:

إنّ بيئة عمل الصحافة الإلكترونية بما تحمله من مرونة واعتماد كثيف على تكنولوجيا المعلومات بإمكانها أن تجعل كلّ زائر للموقع قادراً على أن يحدد لنفسه وبشكل شخصي الشكل الذي يريد ان يرى به الموقع، فيركز على أبواب ومواد بعينها ويحجب أخرى، وينتقي بعض الخدمات ويلغي الأخرى، ويقوم بكل ذلك في أي وقت يرغبه، وبإمكانه أيضاً تعديله وقتما يشاء، وفي كلّ الأحوال هو يتلقى ويستمع ويشاهد ما يتوافق مع اختياراته الشخصية وليس ما يقوم الموقع ببثه.

وعلى الرغم ما تمتاز به الصحافة الإلكترونية من خصائص وميزات تجعلها منافساً قوياً للوسائل التقليدية الأخرى وخاصة الصحف الورقية، إلا أنّ هذه الوسيلة لها سلبيات أيضاً، إذ أنّ قراءة تلك الصحف صعبة ومرهقة ومضيعة للوقت، ولا تتيح فرصة التصفح والمراجعة في أثناء التصفح، علاوة على فقدان القارئ لوظيفة أكثر ملاءمة للقارئ حيث تتيح له حرية بصرية وشعوراً بالعراقة والتفرد. وعلاوة على ذلك تكون أسعار الصحف رخيصة بسبب نشر الاعلانات فيها ما يشجع القرّاء على شرائها.

أما سمات الكتابة الإلكترونية فهي تمتاز بما يلي:

1-    السرعة في جمع الخبر وتحريره ونشره والتفاعل معه في أي وقت وأي مكان.

2-    استخدام أشكال مختلفة للخبر من موقع الاحداث كالصوت – الصور الرسومات – الفيديو... إلخ.

3-    تمتاز الكتابة الإلكترونية بالسعة والآفاق الكبيرة في عرض الخبر، والمساحة اللامحدودة في نشر الخبر.

4-    تعتبر الكتابة الصحافية أداة من أدوات تنظيم المجال التكنولوجي الفضائي.

5-    امكانية الاتصال عبر الشبكات المحلية والاقليمية والعالمية، ما أدّى إلى تقارب المسافات بين الناس والمجتمعات والدول إضافة إلى اختصار الزمن.►

 

المصدر: كتاب الإعلام رسالة ومهنة

تعليقات

  • 2020-06-19

    ضياء الدين عبد الواحد جاسم

    البلاغ موقع ثقافي جيد ومفيد، أحسنتم وأشكر القائمين على هذا الموقع الرائع بالتوفيق للجميع

ارسال التعليق

Top