انعدام الخوف في طفل ما قد يكون نادراً للغاية، وهو يرجع عادة إلى قِلّة إدراكه كما هو الحال في ضعاف العقول، الذين لا يدركون مواقف الخطر أو الضرر، فقد يمسك البالغ ضعيف العقل ثعباناً، أو يضع يده في مكان يصيبه بضرر لعدم تقديره لخطورة مثل هذه المواقف. كما أنّ الطفل الصغير رغم ذكائه قد يُقدم على الثعبان، ظنّاً منه أنّه لعبة يمكنه أن يتسلّى بها، غير مدرك الضرر الذي قد يلحقه منه، لكن هذا الطفل يستجيب باتِّصال الخوف للمواقف نفسها في سنِّ الخامسة أو السادسة. وكثير من الآباء والأُمّهات من يستنكف أن يشعر أبناؤهم بالخوف، خشية أن يشبَّ على هذه العادة، فهؤلاء الآباء غير الواقعيين ينظرون إلى مخاوف الأطفال كأنها قصور في إدراك الطفل، وبذلك يقمعون انفعالات الخوف التي تظهر على أبنائهم اعتقاداً منهم أن ذلك كفيل باستئصالها وأنّ هذا الأسلوب يزيد مخاوف الأطفال ويعقِّد شخصياتهم، وهؤلاء الآباء والأُمّهات عاجزون عن فهم نفسية الطفل ومشاعره ومخاوفه الطبيعية، وقد نسوا أنّهم مرُّوا بالانفعالات نفسها في طفولتهم. وقد يلجأ بعض الآباء والأُمّهات لعلاج خوف الطفل بالسخرية منه، أو إثارة ضحك أفراد الأسرة عليه بسبب مخاوفه، وقد يتخذ الإخوة هذه المخاوف وسيلة للتسلية والضحك على حساب مشاعر الطفل المسكين. بل قد يلجؤون إلى تخويفه بما يخاف منه، فيعقِّدون بذلك شخصيته، كما تسوء علاقته بوالديه وبأفراد أسرته. وقد يلجأ بعض الآباء والأُمّهات والمربّون إلى تخويف الطفل لدفعه لعمل معيّن، أو لمنعه من عمل معيّن، أو إلزامه بالسكوت، أو مذاكرة دروسه.
وكثيراً ما يقال للطفل في الحضانة إنّه سيوضع في حجرة الفئران، أو أنّ الغول سيخطفه، أو القطط ستأكله، وإلى غير ذلك من الأقوال الشائعة لضمان هدوئه. وبعض الآباء والأُمّهات ينزع إلى فرض سلطته المطلقة على أطفاله، فيخيفهم بالطبيب، أو بالمدرِّس في المدرسة، أو بالشغل. وبعض الأُمّهات يلجأ إلى تخويف الطفل لينام في ساعة محددة، فيهدّدرونه بالغولة، أو بالعفريت، وينسى هذا البعض أن ذلك يجعل الطفل يميل إلى الانطواء حول الذات ويجبر مخاوفه في مرارة وضيق. فتربية الآباء والأُمّهات لتعليمهم أساليب التربية وفنونها ينبغي أن تسبق تربية الأبناء، إذ يجب أن يعرفوا الخصائص النفسية لكلِّ مرحلة من مراحل أبنائهم، وسبل التعامل معهم في كلّ مرحلة.
المصدر: كتاب الأمن التربوي للطفل في الإسلام للكاتبة أ. فاطمة محمّد
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق