• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ريجيم الكافيين لتحطيم الدهون العنيدة

ريجيم الكافيين لتحطيم الدهون العنيدة

حين يبدأ الكلام عن الريجيم تمر الأطعمة والمشروبات المتنوّعة في البال، كما انسياب النهر، ويبدأ السؤال: أتناول الجزر أو لا؟ ماذا عن الخردل؟ ماذا عن شراب الليمون الطازج؟ ماذا عن زيت الزيتون؟ وماذا وألف ماذا عن كل الأطايب؟ ويبرز بين الأسئلة سؤال: ماذا عن القهوة؟ ماذا عن القهوة والريجيم؟ وهل صحيح أنّ بعض أخصائيي التغذية بدأوا في تطبيق ريجيم القهوة؟

رُبع رغيف خبز قمحة كاملة وملعقة لبنة وخيارة وبندورة ونعناع وفنجان قهوة مرّ. هذا هو فطور اليوم الأوّل من ريجيم موصوف. نتناوله. نشعر بالشبع لكننا لا نشعر بالرضا. ففنجان القهوة الواحد لا يكفي. والحل؟ لِمَ لا نجرِّب ريجيم القهوة؟ فماذا فيه؟ وماذا في دور وفعالية القهوة في خطة إنقاص الوزن؟ هل هي عامل مساعد؟ هل تُسهم في إنقاص الوزن أم في منع إكتساب الوزن؟

فلنبحث عن أجوبة بين النقاط:

أوّلاً: يُسهم شرب القهوة، بكميات صحية، في قمع الشهيّة مؤقتاً وتحفيز حرق السعرات الحرارية أحياناً، لكن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى رفع مستويات التوتر والأرق، وهذا ما يُسبِّب الإفراط مجدداً بتناول الطعام. الحلّ؟ نشرب قهوة أو لا؟ الحلّ قد يكون، في منظور البعض، في تناول كوبين إلى أربعة من القهوة التي تحتوي على الكافيين يومياً، أي بمعدل 400 ملليغرام من الكافيين، ونجد هذا المعدل في أربعة أكواب من القهوة، أو في عشر علب من المشروبات الغازية، أو في تنكتين من مشروبات الطاقة.

في كل حال، يهم أن نتذكّر دائماً أنّ كوباً واحداً من القهوة السوداء يضم أقل من سعرين حراريين، وهي خالية تماماً من الدهون، بينما المشروبات الأخرى التي تحوي الكافيين، مثل الصودا ومشروبات الطاقة عالية السعرات الحرارية، ما يمكن أن يُعيق عملية فقدان الوزن.

 

-        كيف يعمل الكافيين في الجسم؟ سؤالٌ يُطرح

يُسهم الكافيين الذي يتضمّن حمض الـ(كلوروجينيك) في حرق الدهون، كما يُسهم أيضاً في تنشيط عمل (الليباز)، وهو الأنزيم الذي يساعد على تحطيم الدهون خلال عملية الهضم ونشاط الجسم، و(الليباز) يعمل على تحويل الدهون في الجهاز الهضمي إلى أحماض دهنية وجليسرين. وتحتاج هذه الدهون إلى عشرين دقيقة لتحترق في الجسم بعد تقسيمها وتحطيمها. في كل حال، إنّ تآزُر عمل مادّتي الكافيين وحمض الـ(كلوروجينيك) الموجودتين في القهوة، يؤدي إلى رفع كفاءة الجسم كثيراً في التخلص من الدهون.

الكافيين من جهة أخرى مُدرّ للبول، ما يساعد الجسم على التخلص من الفضلات والسوائل الزائدة. كما أنه يعزز عملية التمثيل الغذائي والدورة الدموية. كما يؤدي إذا أخذ بكميات معتدلة إلى حالة من الإسترخاء، والإسترخاء يُفيد الجسد والروح، ما يجعل خوض غمار الريجيم أسهل، كما أنّ رائحة القهوة حين تعبُر حاسة الشم تؤدي إلى زيادة موجات (ألفا) في الدماغ فيرتاح الجسد ويخفض مستويات التوتر.

ثانياً: إذا كنتم تنوون الإستفادة قدر الإمكان من فائدة تناول القهوة في إنقاص الوزن، فيُفترض أن تباعدوا بين كل فنجان قهوة وآخر، ما يمنح طاقة على مدار النهار ويقمع في آن شهوة تناول الطعام، وبالتالي إذا كان مسموحاً بتناول أربعة أكواب من القهوة، فيُحبَّذ تناول واحد عند الصباح، وثانٍ بُعيد وجبة الغداء، وثالث عند العصر، ورابع عند العشاء. فضبط الجدول الزمني لتناول القهوة واجب وضروري إذا كانت الغاية منه خسارة الوزن.

ثالثاً: يُفترض بمُحبّي القهوة الذين يريدون الحصول على فائدة أعلى عبر تناول أكواب أكثر، إختيار القهوة نصف كافيين، عبر خلط الحبوب كاملة الكافيين، وتلك منزوعة الكافيين مع بعضها البعض جيداً، وهذا سيسمح بتناول مزيد من أكواب القهوة بأمان، ما يساعد على حرق مزيد من السعرات الحرارية يومياً. تريدون حيلة أخرى؟ تناولوا نصف فنجان من القهوة العادية بعد إضافة نصف فنجان من الماء الساخنة إليها.

رابعاً: يُفترض تناول القهوة جنباً إلى جنب مع ممارسة التمارين الرياضية، وأفضل وقت لذلك شرب القهوة قبل عشرين إلى ثلاثين دقيقة من البدء بممارسة الرياضة، كونها تساعد حينها على حرق مزيد من الدهون. أمّا تناول القهوة بعد وجبة الطعام، فيعطي إحساساً بالإمتلاء ويُريح الرأس.

خامساً: يزيد الكافيين من نشاط الإنسان، لاسيّما نشاط الجهاز العصبي والقلب والعضلات، ويساعد تناول مئة ملليغرام من الكافيين، وهو المعدل الموجود في كوب القهوة الواحد، على حرق المزيد من السعرات الحرارية، 9 سعرات إضافية كل ساعة، لكن هناك مَن يُعلق على هذه النقطة، معتبراً أنّ 9 سعرات ليست كثيرة، ولن تؤدي إلى فارق ملحوظ في الوزن، ناهيك عن أنّ الجسم قد يعتاد مع الوقت على مادة الكافيين، ولا يعود يستجيب لفعاليتها في الإسهام في خسارة مزيد من السعرات. في كل حال، إذا كنتم من مُحبّي القهوة لا يضرّ أن تجرِّبوا الخيار الأوّل، وإذا لم يفد لن يضر!

القهوة إذن قد تكون نافعة شرط تناولها سوداء بلا حليب وسكر، لأن تناول كوب من القهوة مع ملعقتي شاي سكر أبيض عادي، يزيد على الحمية 70 سعراً حرارياً، يعني إذا شربنا أربعة أكواب، نكتسب على الأقل 280 سعراً حرارياً إضافية، ما يُلغي مبدأ "ريجيم القهوة" من أساسه! لكن في حال إستبدال السكر العادي بسكر الريجيم والحليب الدسم بحليب خالٍ من الدهون، نخفض السعرات المكتسبة من كل كوب قهوة من سبعين إلى عشرين سعراً. لذا، يفترض أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر عند تناول القهوة.

 

-        جرَّبتم ريجيم القهوة ولم ينفع؟

ريجيم القهوة قد لا ينفع كل البشر لكن ثبت علمياً، بحسب دراسة أجرتها (جامعة هارفرد) للصحة العامة، أنّ تناول القهوة قد يحدّ من خطر الإصابة بأمراض السكري والقلب وسرطان الكبد والباركنسون. لكن، هناك مَن يحاول أن يُقلل من قيمة هذه الإثباتات، مُعللاً أنّ تناول القهوة قد يجعل الإنسان يتوتّر والقلق يزيد، كما تعلمون، من معدل ضربات القلب، والإكثار من تناول القهوة قد يؤدي إلى أرق، وهذا ما قد يرتَدّ سلباً على طبيعة الحياة ويؤدي إلى تدمير جهود أي ريجيم، أضيفوا أنّ عادات النوم السيئة تؤثر في هرمونات الجسم وتجعله جائعاً نهماً، ومستعداً أن يأكل أي شيء من دون مراعاة لا ريجيم ولا سعرات حرارية. وكل هذا يجعلنا نُفكِّر جيداً قبل الإقدام على أي ريجيم أو إتباع أي نهج.

 

-        ماذا في المحصّلة؟

تناول القهوة يساعد على التخلص من بعض السعرات الحرارية، غير أنّ تناولها وحدها من دون تضمين هذه الخطوة سلسلة إجراءات، لن يؤدي إلّا إلى حالة من الأرق!

ومادام الأمر كذلك، دعونا نسأل بعد: ماذا علينا أن نضمن خطوة تناول القهوة للإستفادة أكثر من دورها في الريجيم؟

يُحبَّذ تناول البن المحمَّص قليلاً بدل الداكن، وتُفضَّل القهوة التقليدية بدل القهوة الفورية الجاهزة، التي تحتوي على كافيين أقل وحمض الـ(كلوروجينيك) أقل.

أمرٌ آخر يُفترض التنبُّه إليه، وهو أنّ هناك فرقاً بين فعّالية القهوة الباردة والقهوة الساخنة، حيث إنه حين تكون ساخنة يُصبح سهلاً على الجسم إمتصاصها. في كل حال، الكافيين هو عنصر أساسي موجود في كثير من حبوب الحمية الشعبية، وفي كثير من المواد الغذائية أيضاً. وبالتالي، وبما أننا لا نأخذ الكافيين في حبة دواء، فسيبقى صعباً علينا تحديد الكمية التي حصلنا عليها جراء شرب القهوة وتناول بعض المأكولات. وما يهم معرفته، هو أنّ كميّة الكافيين التي يمكن الحصول عليها في فنجان القهوة السوداء، تفوق تلك الموجودة في الشاي أو الشوكولاتة، وحتى في العلامات التجارية المختلفة للقهوة. لذا، لن يكون سهلاً القول إنّ تناول فنجان قهوة يعطي هذه الكميّة من الكافيين. لذلك، نقول إنّ كل كوب من القهوة يحتوي على مابين 80 و125 ملليغراماً من الكافيين.

يبقى أن تتذكّروا، أنّ لا سحر في الريجيم، بل عمل دؤوب ومستمر يتحوّل إلى أسلوب حياة، كي تعيشوا حياة صحية وتتحلّوا بجسم جميل، وبالتالي القهوة وحدها لن تُنجز شيئاً إذا لم تقترن بممارسة الرياضة أكثر، وبتناول وحدات حرارية أقل. 

ارسال التعليق

Top