• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فضائل الإمام علي بن موسى الرضا (ع)

عمار كاظم

فضائل الإمام علي بن موسى الرضا (ع)

هو الإمام علي بن موسى الرضا الإمام الثامن من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) والذين بشر بهم رسول الله (ص)، وكنيته أبو الحسن، ولقبه الرضا، ولد في المدينة المنورة عام 148 هـ ولقب بغريب الغرباء كونه دفن في ولاية خراسان من بلاد فارس بعيداً عن أرض جده رسول الله (ص). واستشهد الإمام الرضا (ع) في السابع عشر من صفر سنة 203 للهجرة إثر مؤامرة دس السم في الطعام ودُفن في خراسان. نسبه الشريف هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب (عليهم السلام) وجدته هي  السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بضعة المصطفى (ص) وأُمه: نجمة وقيل أروى. لذلك ينتهي نسبه إلى رسول الله (ص) أيضاً. لقد كانت شخصيّة الإمام الرضا (ع) ملتقى للفضائل بجميع أبعادها وصورها، فلم تبقَ صفة شريفة يسمو بها الإنسان إلّا وهي من نزعاته، فقد وهبه الله كما وهب آباءه العظام وزيّنه بكلّ مكرمة، وحباه بكلّ شرف وجعله علماً لأُمّة جده، يهتدي به الحائر، ويسترشد به الضال، وتستنير به العقول. إنّ مكارم أخلاق الإمام الرضا (ع) نفحة من مكارم أخلاق جده الرسول الأعظم (ص) الذي امتاز على سائر النبيين بهذه الكمالات، فقد استطاع (ص) بسمو أخلاقه أن يطوّر حياة الإنسان، وينقذه من أحلام الجاهلية، وقد حمل الإمام الرضا (ع) أخلاق جده، وهذا إبراهيم بن العباس يقول عن مكارم أخلاقه: "ما رأيت، ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا (ع)، ما جفا أحداً قط، ولا قطع على أحد كلامه، ولا ردَّ أحداً عن حاجة، وما مدَّ رجليه بين جليسه، ولا اتكأ قبله، ولا شتم مواليه ومماليكه، ولا قهقه في ضحكة، وكان يجلس على مائدته مماليكه ومواليه، قليل النوم بالليل، يحيي أكثر لياليه من أوَّلها إلى آخرها، كثير المعروف والصدقة، وأكثر ذلك في الليالي المظلمة". ومن سموّ أخلاقه أنّه إذا جلس على مائدة أجلس عليها مماليكه حتى السائس والبوّاب، وقد أعطى بذلك درساً لهم، لقاء التمايز بين الناس، وأنّهم جميعاً على صعيد واحد، ويقول إبراهيم بن العباس: سمعت علي بن موسى الرضا (ع) يقول: "حلفت بالعتق، ولا أحلف بالعتق إلّا أعتقت رقبة، وأعتقت بعدها جميع ما أملك، إن كان يرى أنّه خير من هذا، وأومأ إلى عبد أسود من غلمانه، إذا كان ذلك بقرابة من رسول الله (ص)، إلّا أن يكون له عمل صالح فأكون أفضل به منه". ومن صفات الإمام الرضا (ع) الزهد في الدنيا، والإعراض عن مباهجها وزينتها، وقد تحدث عن زهده محمد بن عباد حيث قال:" كان جلوس الرضا على حصيرة في الصيف، وعلى مسح -الكساء من الشعر- في الشتاء، ولباسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين". أما بالنسبة لسخاءه، حيث لم يكن شيء في الدنيا أحبّ إلى الإمام الرضا (ع) من الإحسان إلى الناس والبر بالفقراء. ومن جوده وإحسانه، أنفق جميع ما عنده على الفقراء، حينما كان في خراسان، وذلك في يوم عرفة فأنكر عليه الفضل بن سهل، وقال له: إنّ هذا لمغرم ... فأجابه الإمام (ع): "بل هو المغنم لا تعدّنّ مغرماً ما ابتغيت به أجراً وكرماً". إنّه ليس من المغرم في شيء صلة الفقراء والإحسان إلى الضعفاء ابتغاء مرضاة الله تعالى، وإنّما المغرم هو الإنفاق بغير وجه مشروع. كما كان (ع) يكرم الضيوف، ويغدق عليهم بنعمه وإحسانه وكان يبادر بنفسه لخدمتهم، وقد استضافه شخص، وكان الإمام يحدثه في بعض الليل فتغيّر السراج فبادر الضيف لإصلاحه فوثب الإمام، وأصلحه بنفسه، وقال لضيفه: "إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا". والشيء البارز في شخصية الإمام الرضا (ع) هو إحاطته التامة بجميع أنواع العلوم والمعارف، فقد كان بإجماع المؤرخين والرواة أعلم أهل زمانه، وأفضلهم وأدراهم بأحكام الدين، وعلوم الفلسفة والطب وغيرها من سائر العلوم. كما كان المرجع الأعلى في العالم الإسلامي الذي يرجع إليه العلماء والفقهاء فيما خفي عليهم من أحكام الشريعة، والفروع الفقهيّة .

ارسال التعليق

Top