• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فلسطين.. مهد الأنبياء والحضارة

عمار كاظم

فلسطين.. مهد الأنبياء والحضارة

أرض فلسطين قلب الشرق وبوابة العبور إلى الغرب، وهي حلقة الوصل بين قارة آسيا وشمال إفريقيا، ومهد الأنبياء وأرض الرسالات والحضارات التي انطلقت إلى العالمية عبر إرساء قواعدها وغرس جذورها في تلك الأرض.. إنّ فلسطين تحتل مكانة عظمى في الإسلام، إذ بها القدس ثاني مدينة أضاء بها نور التوحيد بعد مكّة المكرَّمة، حيث بُني بها المسجد الأقصى بعد بيت الله الحرام أوّل بيت وضع للناس بأربعين عاماً، هذا المسجد الذي كان أُولى القبلتين، ونال المنزلة الثالثة في القدسية بعد المسجد الحرام ثمّ المسجد النبويّ، وأطلق عليه لذلك ثالث الحرمين، وامتدت حوله البركة لتشمل أرض فلسطين كلّها، حيث قال الله عزّوجلّ عنه: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء/ 1).

ولا عجب فقد كانت ميدان الرسالات السماوية، تلك الرسالات التي خُتمت برسالة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيكاد يكون لجميع الأنبياء والرُّسل الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم صلة بها، فنبيّ يمرّ بها، ونبيّ يدعو فيها، ونبيّ يُدفن فيها.. فصالح (عليه السلام) كما جاء في بعض الروايات قيل إنّه آوى والذين نجوا معه إلى أرض فلسطين. وإبراهيم (عليه السلام) جاء إلى فلسطين مسلماً ودخلها مع لوط (عليه السلام) مهاجرين بدينهما من العراق، فأقام إبراهيم (عليه السلام) في مدينة الخليل، وأقام لوط (عليه السلام) في هذه الأرض الطاهرة أيضاً. وداود وسليمان (عليهما السلام) أقام الله لهما الملك بها، وزكريا ويحيى (علیهما السلام) عاشا في كنفها، وعيسى (عليه السلام) رفعه الله إليه منها، ومحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أُسري به إليها، وعُرج به منه إلى السماء، فشرَّف الله بذلك هذا المسجد (المسجد الأقصى) وأرض فلسطين تشريفاً عظيماً، وجعلت بيت المقدس بذلك بوابة الأرض إلى السماء، وهناك في المسجد الأقصى جمع الله سبحانه لرسوله الأنبياء من قبله فأمهم في الصلاة، دلالة على استمرار رسالة التوحيد التي جاء بها الأنبياء، وعلى انتقال الإمامة والريادة وأعباء الرسالة إلى الأُمّة الإسلامية.

وقد ورد ذكرها مرات عديدة في القرآن الكريم  في كثير من الآيات، منها قول الله عزّوجلّ: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء/ 1).

وعلينا نحن ـ كمسلمين ـ أن ندرك هذه الحقائق، ونعي أنّ أرض فلسطين هي أرض إسلامية، لا تخص شعباً مسلماً دون آخر. جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مطالبين بالدفاع عن حرمتها وحرمة المسجد الأقصى المبارك.. إنّ ما يجري في فلسطين اليوم يضع الأُمة الإسلامية خاصّة والعالم عامّة أمام مسؤوليات جسيمة، ونحن تتطلع بأمل وغبطة لهذا الشعب المجاهد الذي يصنع الملاحم من خلال التضحيات المضمخة بالدماء الطاهرة حيث إنّ كلّ هذه التضحيات الغالية ينظر إليها الشعب الفلسطيني بتواضع، لأنّ فلسطين تحتاج إلى الكثير من هذا الصبر هذه الجراحات من أجل استعادتها وتحريرها، وأنّ العالم الإسلامي اليوم يضج استجابة لنداء هذا الشعب المجاهد.. إنّ قضية فلسطين من القضايا الأساسية التي تشكّل أُولوية في اهتمامات الأُمّة الإسلامية من خلال التأكيد الدائم على عظمة هذا الفعل الجهادي والواجب الديني والإنساني والعقلاني في دعم أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم.

ومن هذا العرض نرى مسيرة النبوّة المسلمة في أرض فلسطين، مسيرة دعوة لا تحمل جنساً ولا لوناً ولا طائفة، لا تحمل معها عصبية جاهلية، مفصولة عن قوى الشرّ في الأرض، نقية من الشِّرك.. تفوح بعطر الطهارة والنقاوة الإسلامية بكلّ ما يحمل الإسلام من مبادئ وقيم تُرجمت على هذه الأرض المباركة.

ارسال التعليق

Top