ومن هنا نعلم لماذا أراد الله، عزّوجلّ، أن تكون ليلة القدر هي ليلة عبادية، ليلة أريد لها أن تُحيا بطاعة الله، وبالتوجّه له بكل حاجاتنا ومطالبنا...، علّ الله يستجيب دعاءنا، ويغفر ذنوبنا، ويحقّق أمانينا...
· تحديد ليلة القدر:
لحكمة إلهيّة مُعيّنة لم تُحدّد ليلة القدر؛ بل كلّ ما في الأمر أنّه وردت بعض الروايات التي استقربت كونها ضمن مجموعة ليالٍ... فمِمّا ورد في تحديدها أنّها الليلة الأولى من شهر رمضان، وقيل إنها ليلة النصف من شهر رمضان، وورد أنها في الليالي العشر الأخيرة، حتى أنّه روي عن الإمام جعفر الصادق (ع): "كان رسول الله (ص) إذا دخلت العشر الأواخر من شهر رمضان شدّ المِئزرَ واجتنبَ النساء، وأحيا الليل وتفرّغ للعبادة". وفي رواية عن الإمام علي (ع): "أنّ النبي (ص) كان يوقظ أهلَه في العشر الأواخر من شهر رمضان، وإذا دخلت تلك الليالي دأب في العبادة وأدب أهله فيها". وهناك آراء متعدّدة حول تحديدها، فبعضهم يقول بكونها الليلة السابعة والعشرين، وبعضهم يقول إنّها الليلة الأخيرة، وآخرون يقولون بأنّها ليلة من ليالي شهر رمضان. ولكنّ الرأي الغالب يحصرها في ثلاث ليال، وهي: الليلة التاسعة عشرة، والليلة الواحدة والعشرون، والليلة الثالثة والعشرون. وأنها في واحدة من هذه الليالي. ويؤيّد هذا الرأي قول الإمام جعفر الصادق (ع): "اطلبها في تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين".أمّا الدليل القاطع على كون ليلة القدر في شهر رمضان، فهو ما ورد في الكتاب العزيز: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ...) (البقرة/ 185)، واعطف على هذه الآية قوله تعالى: (إِنّا أنْزَلْناهُ في ليلة القَدْرِ) (القدر/ 1)، فالآية الأولى تؤكّد نزول القرآن في شهر رمضان، والآية الثانية تؤكّد نزول القرآن في ليلة القدر؛ لذا فلابدّ أن تكون ليلة القدر في هذا الشهر الفضيل.
· فضل ليلة القدر والحثّ على إحيائها:
بقدر ما لهذه الليلة من الخصائص والفضائل... شدّدت الشريعة على ضرورة إحيائها بالعبادة والإنقطاع على الله عزّوجلّ. ففي رواية عن رسول الله (ص) أنّه قال: "مَن أحيا ليلة القدر غفر الله له ذنوبه، ولو كانت عدد نجوم السماء، ومثاقيلَ الجبال، ومكاييل البحار" وفي مورد آخر قال (ص): مَن صلّى ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه". وعلى الإمام موسى الكاظم (ع): "مَن اغتسل ليلة القدر، وأحياها إلى طلوع الفجر خرج من ذنوبه". وفي حديث عن الإمام محمد الباقر (ع): "من وافق ليلة القدر فقامها غفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر". كما ورد عن النبي الأكرم (ص) أنّه قال: "مَن صلّى ركعتين في ليلة القدر لا يقوم من مقامه حتى يغفر الله له ولأبويه، وبعث الله له ملائكة يكتبون له الحسنات إلى سنة أخرى، وبعث الله له ملائكة إلى الجنان يغرسون له الأشجار، ويبنون له القصور، ويُجرون له الأنهار، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى ذلك كلّه". المصدر: كتاب (مفاهيم رمضانية)مقالات ذات صلة
ارسال التعليق