◄يُصاب بعض الأهل بالحرج من إخبار أولادهم ببعض المتغيّرات البيولوجية خاصّة، التي تطغى عليهم حين يشرفون على دخول مرحلة المراهقة، وهذا الحرج لا يصيب الرجال وحدهم، أو النِّساء وحدهنّ، بل يصيب كلا الجنسين؛ الأب والأُمّ، وهذا الأمر يدفع الولد إلى استقاء معلوماته من مصادر أُخرى.
فماذا تفعلون؟
لماذا تخجلون من إخبار أولادكم أنّهم على مستوى الذكور سيتعرَّضون لكذا على المستوى البيولوجي والهرموني، وعلى مستوى الإناث أيضاً، وتتركونهم يتفاجأون. ودعوني أخبركم، أنّ الفتاة إن فوجئت بدخولها هذه المرحلة، فقد تُصاب الفتاة بصدمة تستمرّ معها إلى مراحل لاحقة، وكذلك الولد، يستشعر المفاجأة وبالحرج في الآن ذاته، لأنّه لم يكن محضَّراً لهذه المرحلة.
إذاً فماذا تفعلون؟
يسعى المراهق في هذه المرحلة إلى تحصيل المعرفة من مصادر أُخرى؛ من الرِّفاق والخلّان، ومن الإنترنت الذي يضخّ المعلومات التي فيها الغثّ وفيها السمين، وتضحون كأهل المرجع الأخير لأولادكم.. تخجلون ويخجلون، وفي لعبة الخجل المتبادلة هذه، قد ينحرف الأولاد، قد يأخذون معلومات بشكل جرعة مضافة لا يحتاجونها في هذه المرحلة، وهم لا يدركون ولا يعرفون، لأنّ هذا العالم بالنسبة إليهم هو عالم جديد بالكامل.
هذه حال المراهق من الناحية البيولوجية، ماذا بالنسبة إلى التغيّر السيكولوجي أيضاً؟ حين لا نتقبَّل أنّ الولد لديه متغيّرات، وأنّه عندما يدخل في المراهقة، يستشعر في هذه المرحلة بالحاجة إلى الانفراد بذاته، فنمنعه ونقمعه، ونقول له لماذا أنت منطوٍ، ونرسل له بعض الاتهامات، والأمر سواء بالنسبة إلى الصبي والفتاة، فكلاهما يحتاج للانفراد بذاته كثيراً، كلاهما يحتاج إلى الإسرار ببعض خاصياته لرفيقٍ أو لرفيقة أو لقرين، فيجدنا كالحرس، نقول لهم: بماذا تتهامسون؟!
يا سادة، يا سيّدات، أولادنا في عمر المراهقة يحتاجون إلى التهامس، يحتاجون إلى خلّ ورفيق يتحدَّثون معه بخاصياتهم، فإن شئتم أن تكونوا تربويّين بامتياز، قبل دخول أولادكم مرحلة المراهقة، فليكن كلّ منكم الرفيق والخلّ، فإن لم تكن ناجحاً في ذلك في مرحلة الطفولة، أفهل تتوقَّع أن تنجح في ذلك في مرحلة المراهقة؟!
أعزائي الأهل، إنّ السمة الأولى للمراهقة المبكرة هي التمرّد على الأهل، فكيف سيتيح لك مصادقته، أو أن يشركك في أسراره، إن كان متمرّداً عليك تلقائياً نتيجة هذا المتغيّر النفسي؟
إذاً، تحضير أولادنا لمرحلة المراهقة يجب أن يتّسم بعنصرين أساسيين؛ أوّلاً، عدم وجود الحرج، وعدم التكلّف بتقديم المعلومة المناسبة بالجرعة المناسبة. وثانياً، تفهّم المتغيرات الشاملة لهذا الولد، وإخباره بأنّه إن شعر بشيء، فلا حرج ولا مشكلة على الإطلاق، أن نخبره أنّنا متفهّمون لهذه المرحلة، كأنّها رحلة علاجية، رحلة نقاهة لك، لك منّا كلّ المساندة، وكلّنا آذان صاغية حين تحتاجنا، لا أكثر ولا أقلّ.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق