• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيفية إتمام المقابلة الشخصية وحسن إدارتها

م. عبدالحميد عبدالسّلام

كيفية إتمام المقابلة الشخصية وحسن إدارتها

◄إنّ الهدف من هذا الموضوع هو كيف يستطيع المفاوض أن يحمي نفسه قبل أن يصبح ضحية لأي مقابلة شخصية من أجل الحصول على عمل، أو ضحية التفاوض بشأن الراتب المحدد لذلك العمل، فإنّ هذا الموضوع سيفيدك عزيزي القارئ سواء كنت أنت المتقدم من أجل الحصول على العمل وتخضع للمقابلة أو كنت صاحب العمل الذي يجري المقابلة، فيجب أن تخوض هذه التجربة بشكل منظم حتى تحصل في النهاية على النتائج المرجوة.

عليك أن تضع في ذهنك أوّلاً أنّ المقابلة الشخصية من أجل الحصول على عمل ما، تتضمن أدواراً مختلفة يلعبها أطراف تلك المقابلة، فقبل أي مقابلة شخصية سواء كنت أنت صاحب العمل الذي سيجري المقابلة، أو كنت المتقدم للوظيفة والذي سيخضع لها، فعليك أن تختار الدور المناسب كي تلعبه. ففي المقابلة الشخصية، أنت لست الأب، أو الزوج، أو المحب، أو لاعب التنس، أو الشخص الفكاهي فجميعها أدوار غير مناسبة لهذا الموقف، فإنّك عندما تتقدم للحصول على وظيفة فإنك تقدم خدمة لصاحب العمل أو تقدم له حلاً لمشكلته. نعم فإنّ صاحب العمل يواجه مشكلة، فلو لم يكن الأمر كذلك، فلماذا أعلنت شركته عن طلب شخص لشغل الوظيفة؟ فإنك تحتاج إلى معرفة طبيعة هذه المشكلة حتى توضح لصاحب العمل السبب الذي يدفعه إلى اختيارك أنت من بين المتقدمين لحلها. هناك شيء آخر يجب أن يؤخذ في الاعتبار، وهو ضرورة أن تحدد توقعاتك حول رئيس العمل سواء كنت ستعمل في وظيفة عليا أو حتى لو كنت ستمارس أقل الوظائف شأناً في الشركة، وإن ذلك لا يعني أن تفكر في الأمر من جانبك أنت فقط، فإن رئيسك في العمل أيضاً له توقعات بشأنك، خاصة بعد التحاقك بالعمل مباشرة. فهناك أهداف يتوقع منك تحقيقها، فعليك أن تتأكد من أنك سوف تسلك السلوك الذي سيساعدك على القيام بعملك على أكمل وجه.

 

التحكم في المقابلة الشخصية:

قبل أن تذهب من أجل التقدم لوظيفة ما وقبل الخضوع للمقابلة الشخصية عليك أن تضع أمرين أساسين في ذهنك، أوّلاً، أنت لست بحاجة لأن تكون أفضل المتقدمين ولكن عليك أن تكون الأفضل في الراتب الذي ستطلب الحصول عليه. فإنك تمثل الخدمة أو المهمة التي ستقوم بها في تلك الشركة، ويجب أن تبدو هذه المهمة ذات قيمة عالية. ثانياً، عليك أن تدرك أنّه نادراً ما تتطابق أو تتشابه مهاراتك مع مهارات شخص آخر على الرغم من أنّه قد يبدو أن كثيراً من المتقدمين يتمتعون بنفس المهارات وبنفس القدر، ولذلك، عليك أن تميز نفسك عن الآخرين، وعليك أن تسأل نفسك هذا السؤال: ماذا يمكن أن أقدمه والذي لا يملكه المتقدمون الآخرون؟ فإذا كان المتقدمون يتمتعون بنفس خبرتك وحصلوا على نفس القسط من التعليم ويمكنهم جميعاً أن يقدموا للشركة نفس الأشياء، الأشياء التي سنرمز لها بـ(أ، ب، ج) من الأشياء فما هي الخدمات الأخرى (هـ، و) التي يمكنك تقديمها علاوة على ما يستطيع الجميع تقديمه؟ فقد يكون الشيء الوحيد الذي يُميزك عن الآخرين هو أن صديقك الحميم يعمل في الجريدة المحلية للبلدة وقد يفيد ذلك بشكل أو بآخر. فلتستغل هذه الميزة، وقد تكون قادراً على التحدث بثلاث لغات بطلاقة، فلتخبر صاحب العمل بذلك، واشرح له السبب في أن ذلك يميزك عن باقي المتقدمين، فقد يقول له! أعلم أنّ اللغة البرتغالية ليست من اللغات المطلوبة كثيراً في مجال العمل في بعض دول العالم، ولكن لست بحاجة إلى أن أذكرك أن تحدثي لهذ اللغة يمكنني من فهم الطريقة التي يفكر بها العملاء من متحدثي تلك اللغة، وكيف أن ذلك لا يقدر بمال في مجال عالم التجارة والأعمال.

وفي أثناء المقابلة عليك أن تبدأ باستخدام أساليبك الحركية من البداية حتى تحقق نوعاً من السيطرة، وقد يتحقق ذلك من خلال بعض الحركات البسيطة للغاية بأن تقوم مثلاً بالميل نحو الشخص وأنت تصافحه، فإن ذلك سيدفعه أو يدفعها للرجوع للخلف للحفاظ على المسافة بينكما، وبذلك ستخلق نوع من التحكم النفسي وعليك ألا تجعل المقابلة الشخصية كلها في العمل فقط فلتتحدث عن أشياء عامة أو خاصة، فقد يجعل ذلك من الصعب على صاحب العمل أن يقول لك "لا" فتلك هي إحدى فوائد الأحاديث القصيرة أو الدردشة وهناك فائدة أخرى لها، فبينما تتحدث مع أصحاب العمل عن الجو الممطر أو عن نشأة  كليكما في بيئة ريفية، يمكنك أن تتحدد قاعدة أساسية لذلك الشخص مما يساعدك في التأثير عليه، فلتلاحظ أي رد فعل يعكس عدم شعوره بالراحة أثناء قيامك بذلك، وقد يكون لذلك الشخص وقت محدد لهذه المقابلة، وقد يشير إليك للدخول مباشرة في الموضوع، وفي تلك الحالة عليك أن تنهي دردشك. فلتنظر إلى ذلك الأمر من الجانب الآخر! لتفترض أنك صاحب العمل وتجري المقابلة الشخصية وأنك تريد أن تتحدث عن العمل فقط دون التحدث عن أي أمور عامة أو خاصة كتلك التي يحاول المتقدم فتحها معك، وذلك حتى لا يشعر بالحرج في أن تقول له"لا" وترفض طلبه للعمل، عليك حينها أن ترد على دردشته أو على عباراته بإجابات موجزة ومختصرة وأن تبدأ مباشرة في الأسئلة المتعلقة بالعمل، وعليك هنا أن تنتبه إلى الحواجز الموجودة مثل وجود طاولة تفصل بينكما أو جهاز حاسب آلي أو وضع يديه على المكتب أو أي شيء آخر قد يحول بينك وبين ذلك الشخص، وعليك أيضاً أن تحدد دور تلك الحواجز وما إذا كانت ستفيدك في هذا اللقاء أم لا. كما أنّ الموقع الذي سوف تتخذه مجلساً لك على الطاولة قد يساعدك في توصيل رسالة محددة، عليك أن تستفيد من ذلك في تلك المقابلة بأقصى درجة ممكنة كما هو الحال في مقابلتك مع الرفاق، وعليك أن تذهب للقاء مبكراً أملاً أن تجد هناك من يرشدك إلى القاعة التي سيقابلك فيها شخص أو مجموعة أشخاص من أجل المقابلة الشخصية. والموقف الأفضل سيكون عندما تظل قاعة واحدة ليأتي إليك الأشخاص الذين سيقومون بعمل المقابلة معك، وفي تلك الحالة يمكنك أن تضع مقعدك في زاوية بعيدة عن الطاولة حتى تكسر الحاجز النفسي الذي تسبب في تلك الطاولة، وتخلق جواً من المودة، وكأنّك أنت الذي تستقبلهم في مكانك، وفي تلك الحالة أيضاً ضع مقعد الشخص الآخر بزاوية بشكل يبدو وكأنكم شركاء تقومون بمحادثة سوياً.

كذلك يمكنك أن تجعل موضعك في مقابل جانب الطاولة إن كنت تعتقد أنّ الحواجز ستفيدك في تحقيق هدفك، فإذا كنت من النوع الذي يظهر عليه التوتر وستبدأ في الإهتزاز عند توترك فإن وجود الطاولة سيخفي جزءك السفلي ولن يلاحظ صاحب العمل حالة التوتر التي إنتابتك.

وهناك طريقة أخرى لاستخدام الحاجز إن كنت تعلم أن هناك العديد من الأشخاص سيقابلونك أو سيجرون معك المقابلة الشخصية في نفس الوقت، فيمكنك أن تضع مقاعدهم لتبدو قريبة من بعضها البعض من الجهة الأخرى من الطاولة وعليك أن تجعل مقعدك وحيداً في الجانب الآخر كما لو كان ذلك هو مكتبك وتلك هي طاولتك، وتلك الإعدادات قد تمنحك نوعاً من السلطة. وهناك حالة أخرى قد يدعوك صاحب المقابلة للجلوس على مكتب يكون من "إعداده الخاص" فعلى سبيل المثال، قد يكون لديه بعض الكتب والمجلات على المكتب التي تحول فيما بينكما، فكل الأوراق تزيد من هذا الحاجز فيما بينكم وأنت ترغب في إزالتها بقدر الإمكان، وهناك يكون لديك خياران عليك أن تحاول إخفاء الحاجز أو تقليله بقدر الإمكان أو تحاول تغيير مكانك لتقليل هذا الحاجز، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال محاولة توجيه اهتمامك نحو إحدى تلك المجلات فتمسكها وتلقي نظرة عليها ثمّ بعد ذلك تضعها على الجانب الآخر، ويمكنك أن تتخلص من هذا الحاجز بأن تنتقل ببساطة إلى مقعد آخر مجاور له، وربما تبرر ذلك بأنك تريد أن تريه شيئاً ما.

كما يعتمد تحقيقك للتواصل بينك وبين الشخص الذي يجري معك المقابلة الشخصية على استعداداتك التي تقوم بها قبل المقابلة. المعلومات التي تعرفها عن الشخص الذي يجري معك المقابلة، وعن الشركة، ومن خلال الأشياء التي استنتجها من خلال لغة جسده ومظهره الخارجي، على سبيل المثال، إذا كنتِ سيدة أو فتاة تقدمين من أجل الوظيفة، فقد يحدث أي تواصل نفسي بينك وبين الممتحن إذا وجد أن هناك صفات مشتركة بينك وبين زوجته مثلاً، ولكن كيف لك أن تعرفي ذلك فغالباً ستجدين صورة لزوجته على المكتب وحينها يمكن أن تسأليه "لقد قابلت سيدة تعمل في مجال المحاماة تشبه هذه السيدة، فهل تلك السيدة التي قابلتها هي زوجتك؟" فإذا أجابك "لا" فإن زوجتي تعمل صيدلانية في مجموعة من الشركات "فأنتِ بذلك قد حصلت على معلومة مهمة، أما إذا كانت إجابته "لا" إن لزوجتي مجرد بعض الإتصالات البسيطة مع موظفي الشركات الطبية" فإن ذلك سيدلك على شيء مختلف تماماً. ففي الحالة الأولى، يعكس أسلوبه في الإجابة أنّه ينجذب – حسب الافتراض – للمرأة الناضجة المتميزة.

وحتى تقوي تلك العلاقة التواصلية عليك باستخدام لغة الجسد التي تعكس سماتك ومميزاتك التي تجعل الشخص يتمنى العمل معك لاتصافك بالإخلاص والهمة ولأنكِ مفعمة بالطاقة، وعليك ألا تبالغ في استخدام لغة جسدك حتى لا تبدو متكلفاً ومصطنعاً، فعليك أن تبتسم، ولكن دور تظاهر. اجعل ابتسامتك طبيعية حتى تبدو كما لو كنت تتعامل مع صديق.

وعليك أن تكون متيقظاً أثناء المقابلة الشخصية لتلاحظ إذا  كانت هناك أي دلالات وجهية أو حركات بدنية تشير إلى أنّ الشخص الذي يجرى معك المقابلة يشعر بالتوتر. فهذا هو الشخص الذي يجرى المقابلة أي أن له اليد العليا – فلماذا إذن يشعر بالتوتر، فربما يكون هناك شيء بك يجعله يشعر بهذا التوتر، ولكن يمكن تحديده إذا سألته وربما يرى أنك لا تصلح تماماً للعمل المطلوب ولا يجد طريقة مهذبة ليقول لك "لن يكون هناك عمل لك عندنا وعليك المغادرة الآن وإن لاحظت عينيه تخفضان لأسفل اليمين مثلاً فعليك أن تعرف أنّه وصل إلى حالة انفعالية قد تكون نتائجها سلبية بالنسبة لك إلا إذا استطعت أن تحل له مشكلته وتفرج عنه آلامه. فقد يسألك سؤالاً موجهاً نحو نقطة ما أنت ضعيف فيها، فماذا تقول له؟ فحينها أنت بحاجة إلى أن تحول الحوار إلى نقطة أخرى أو شيء آخر تعرفه، وقد تكون فرصة العمل المتقدم إليها تتمثل في القيام بدور مدير أو مشرف مبيعات في شركة برامج حاسب آلي. فقد توجّه إليك سؤالاً حول كيفية تسويق البرامج، بينما أنت خبرتك مقصورة فقط على فن شراء هذه البرامج لا بيعها، وهنا ستحاول الهروب من ذلك السؤال، قائلاً على سبيل المثال "لقد قرأت مقالاً من حيرة المديرين عند مواجهة مشكلة تحديد نوع  إدارة المشروع وصفقات البرامج المطلوبة، فمن خلال خبراتي الخاصة، فإني أعلم أنه بإمكانك تقليل المشكلة بشراء تلك البرامج من خلال... وتهرب من هذا السؤال بأن توضح له تفهمك للمشكلة، وكأنك تتحدث بصوت العميل لتقول له إنني أدرك المشكلة.

ومن ناحية أخرى إن كنت أنت الذي يجرى المقابلة واستمتعت إلى ذلك التحول عن النقطة الرئيسية للسؤال فكان يفترض منك أن تعود إلى تخطيطك وإعدادك لتحدد ما هي الأسئلة التي تمثل الإجابة عنها "ضرورة" بالنسبة لك؟ وهل كانت الأسئلة التي تتعلق بإدارة المشروعات للبرامج يتم التركيز عليها بشدة في قائمة أسئلتك؟ فعليك إذن أن تقول وببساطة "شيء مدهش" كيف يمكننا تطبيق هذا الدرس على مشروع إدارة البرامج؟ وبصفتك المحاور فستكون لديك الميزة في ذلك، وعليك استخدام تلك الميزة، فأنت لا تحتاج لأن تكون فجاً معه ولكن عليك دائماً إعادة صياغة أسئلتك باستخدامها بأسلوب لغوي جديد فتقول "إن ما أبحث عنه هو شخص يكون ممتازاً أو يتمكن من تسويق منتجاتنا الجديدة في أكبر عدد من الشركات سواء كانت شركات كبرى أو متوسطة، وأن ما أحتاج إلى معرفته هو... وعند تلك النقطة سيكون لدى ذلك الشخص الذي تتم معه المقابلة الاختيار بين طريقين، إما أن يقول الحقيقة ويقلل من شأن ذاته أو يخدعك. وقبول الشخص بالتقليل من شأنه يستدعي الصدق، ولكن عليك توضيح قدراتك الخاصة في تلك الحالة فتقول إن خبرتي في تسويق برامج الحاسوب ليست كبيرة ولكن على الرغم من ذلك فإنني أستمتع بخبرة واسعة في شراء تلك البرامج فإنني أعرف عنها الكثير من خلال شرائها، ولكن لم أقم بتسوقها من قبل، أما في حالة الكذب فستجد أنّه يتخذ طريقاً آخر ليبدو الحديث هكذا "لقد قمت ببيع ما يستحق عشرة ملايين دولار لدى شركات البرمجة وذلك هو الجزء الحقيقي من كلامه وكان من ضمن ذلك العديد من المشروعات في إدارة البرمجة وذلك هو الجزء غير الحقيقي فإن كنت متمكناً وتعرف كيف تدير الحوار جيداً فسنتمكن من تجاوز تلك الأكاذيب. وهناك حقيقة محزنة تقول إنّ الشخص يحصل على العمل من خلال قدراته على إتقان الكذب. وهذا ما لانشجع عليه.

وإليك عزيزي القارئ العناصر الأربعة الأساسية المطلوبة عند إجراء مقابلة عمل:

1-    كن صادقاً وواضحاً؛ فلتجعل من نفسك شخصية واضحة ومباشرة، فإذا  كان هدفك الأوّل من أجل التقدم للحصول على عمل ما هو قرب هذا العمل من منزلك، فلتعزز طلبك ومؤهلاتك بذلك السبب ولتذكره بشكل واضح، أخبر صاحب العمل "أن لديّ أطفالاً صغاراً بالمنزل ولا أرغب في أن أبعد عنهم أكثر من ذلك، إنني أعلم تماماً إنني مناسب لتلك الوظيفة، وقد أكون سعيداً بالعمل هنا في هذا المكان قريباً من أسرتي".

2-    لا تقلل من شأنك؛ حاول تجنب المناقشة في نقاط ضعفك.

3-    لا تكتفي بمجرد الجلوس والإجابة عن الأسئلة فيجب عليك المشاركة في توجيه بعض الأسئلة من ناحيتك فقد تقول ما هي أفكارك بالنسبة للشركة؟ ما نوع المشكلات التي تعانون منها؟ ويفترض أن يكون لديك تصور لعلاج تلك المشاكل.

4-    حاول أن تبدو مرحاً فالإحساس بالفكاهة يبدو من السمات الشخصية التي تتعلق بالعلاقات الشخصية أكثر فلا تكثر منها حتى لا تخاطر بمجمود الحوار وخاصة ما يثيرك للضحك قد يقلب عليك الموازين وتخسر الوظيفة التي تطلبها.►

 

المصدر: كتاب تطورات التنوع العلمي وأثرها على الحياة

ارسال التعليق

Top