يشكّل المنهج الأخلاقي العنصر الأساس في بناء الحياة الاجتماعية، وتنظيم العلاقات الإنسانية، والتواصل بين أفراد المجتمع. جدير ذكره أنّ الأخلاق في الإسلام هي أخلاق اجتماعية وليست أخلاقاً فردية انعزالية، فالعدل والرحمة والتواضع والعفو والصدق والأمانة وحُسن الخلق والإيثار وغيرها من مصاديق الأخلاق. هي سلوكية تُمارس في الحياة الاجتماعية وأساس للتعامل مع الآخر، بل يُختبر الإنسان بحُسن خلقه عندما يتفاعل ويتعامل مع الآخرين، فالتعامل الاجتماعي هو مقياس الاختبار لأخلاق الناس وسلوكهم. رُوي عن الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
ومن حُسن الخلق الدعوة إلى نشر السرور والأمل والانفتاح الإيجابي على الحياة، والابتعاد عن اليأس والقنوط والإحباط والانقباض والانطواء، وأن يلقى الناس بوجه مكفهر يُمثِّل صورة العذاب والجحيم. إنّ من أصدق مظاهر السلوك الإنساني المنفتح، هو الوجه الطلق المبتسم الذي يلقى الناس مُرحِّباً، عندما يلتقي بهم ويتعامل معهم: في البيت، والسوق، ومؤسسات الدولة والعمل، وفي كلّ موقع يجمعه مع الآخرين.
إنّ إشاعة هذه الظاهرة تنشر الحبّ والمودة والسرور في النفوس. إنّ الابتسامة والوجه الطلق لهما خير رسالة للتواصل النفسي والعاطفي مع الآخرين، ومن هذا المنطلق جاء الحثّ النبويّ على هذه السلوكية ووصف الابتسامة بأنّها: «صدقة».
ويشرح الإمام محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) سبط الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الدلالات النفسية والاجتماعية لهذه السلوكية بقوله: «البِشر الحسن، وطلاقة الوجه مكسبة للمحبّة، وقُربة من الله، وعبوس الوجه، وسوء البشر، مكسبة للمقت، وبُعد من الله».
إنّ كلّ هذه المبادئ الأخلاقية لهي مبادئ للتواصل والتفاعل الاجتماعي، وبناء مجتمع يقوم على أساس المحبّة والمودة، المنطلقة من قاعدة الإيمان وحبّ الله، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، داعية الأخلاق والقيم الإنسانية السامية.
ومُعلِّم الإنسان، الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان المثل الأعلى في كلّ خُلق إنساني رفيع. ذلك ما سجَّله القرآن خالداً للأجيال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم/ 4). يروي أصحابه عن طلاقة وجهه وبشاشته بأنّه كان من أكثر الناس تبسماً، لذا كان يدعو المسلمين بقوله: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يأمر بشيء إلّا وهو المثل الأعلى بتطبيقه. والقرآن يدعونا للاقتداء به والسير على نهجه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الأحزاب/ 21).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق