يعد الرمان مصدراً غنياً جدّاً بمضادات التأكسد، والأحماض الدهنية غير المشبعة، والأستروجينات النباتية، حيث يبلغ نشاط الإستروجين النباتي (500:1) إلى (1000:1) من نشاط الإستروجين الموجود في الإنسان – المسمى بـ"استروجين" (Estradiol) – وهو (أي الإسترادايول) من أقوى أنواع الإستروجينات الموجودة في الإنسان. إذ يعمل الإستروجينات النباتية بوصفه مادة مضادة للإستروجين (anti – oestrogenic agent) في الإنسان. وعمل الإستروجين النباتي هو إعاقة المستقبلات الخاصة بالإستروجين في أنسجة الإنسان، ولكثرة الشبه بينهما يستطيع الإستروجين النباتي أن يرتبط بمستقبلات إستروجين الإنسان. وهذا يعني أنّ للإستروجينات النباتية قابلية تثبيط نشاط الإستروجين وذلك بدخولها في تلك المستقبلات في كثير من أنسجة الإنسان مثل أنسجة الثدي، وبهذه الطريقة تقي المرء من خطر الإصابة بالسرطان.
وبعد هذا الشرح الموجز للإستروجينات النباتية يظهر لنا الفائدة العظيمة للإستروجين النباتي الموجود في الرمان. وقد وجد في دراسة خاصة أنّ الرمان يفوق من حيث نسبة مضادات الأكسدة التي فيها على الثمار التالية:
التوت البرّي (Cram berries) والعنبيّة (Blue berries) والشاي الأخضر. يذكر الباحث (ريتا جنكس Rita Jenkins) في مقالة بعنوان: (Pomegranate Juice May Keep Prostate Cancer at Bay) سنة 2006 في الإنترنت قائلاً: إنّ الرمان يمنحنا صحة استثنائية منقطعة النظير، والنساء اللاتي يعانين من أعراض سن اليأس تزول لديهنّ تلك الأعراض بالإستروجينات النباتية المستخلصة من الرمان، وتباع تلك المستخلصات تحت اسم إستراجرانيت Estragranate، حيث أنّ هذا المُنتَج يعوض المرأة عن الهرمونات التي توصف للنساء من قبل الأطباء في سن اليأس، ناهيك عن أن تلك الهرمونات الموصوفة غير مأمونة إطلاقاً والأطباء يدركون ذلك وكثير منهم يدلون ذلك لمرضاهم بصراحة، وأنّ هذه الهرمونات المستخلصة من الرمان تعيد للنساء الرغبة الجنسية التي تنخفض مستواها في سن اليأس، (والمنتوج إستراجرانيت متوفر في الأسواق الغربية).
وتستخلص من الرمان أيضاً مضادات التأكسد المتواجدة فيها، ويباع تحت اسم كارديو جرانيت Cardiogranate، وإن هذا المستخلص يحتوي على كافة مضادات التأكسد الموجودة في الرمان. ويذكر الكاتب أيضاً: إن مضادات الأكسدة الموجودة في الرمان تساعد بأسلوب فريد من نوعه في خفض ضغط الدم العالي والمستوى العالي من الكولسترول في البروتينات واطئة الكثافة (Low density lipoproteins). هذا وقد تم استعمال الرمان كدواء لعلاجات عدة منذ 8000 عام. والرمان هو رمز لزيادة الرغبة أو الشهوة الجنسية، كما أنّ هناك أبحاثاً تشير بأنّ الرمان مفيد ضد أنواع معينة من السرطان.
كما أنّ زيت الرمان يعد مصدراً ممتازاً ضد شيخوخة الجلد ويعطي للجلد نضارة مميزة. استعمل عصير الرمان لعلاج الديزانتري والإسهال المزمن، وهو فعّال جدّاً في هذا المجال. هناك أبحاث تفيد أنّ الرمان وعصيره يساعدان على عدم تجلط الدم كما أن عصير الرمان يقي الشرايين من التصلب الناتج من علو مستويات الكوليسترول.
- السرطان وعصير الرمان:
تقول الباحثة ريتا جنكنس في مقالها في الـHealth News: أن شرب ثمانية أقداح (8 أونص) من عصير الرمان يومياً يقي الفرد من الإصابة بسرطان البروستات مدى الحياة. كما أنّ الرمان الأحمر الحلو يمنع الخلايا السرطانية من الانتشار.
وهناك أبحاث قدمت في مركز جونس للسرطان في UCLA ونشرت في مجلة الأبحاث الطبية للسرطان (Clinical Cancer Research) تفيد أن تناول عصير الرمان بعد عملية استئصال الورم السرطاني أو إثر العلاج بالأشعة يؤدي إلى مضاعفة المستضدات النوعية للبروستات (Prostate Specific Antigen) ويختصر بـ(PSA) فترة (54) يومياً من العصير.
حيث من المعروف أنّه كلما زاد مستوى (PSA) في الدم بعد العملية كانت احتمال الموت بسرطان البروستات أكثر. ولكي يتعرف القارئ الكريم على المستضدات النوعية للسرطان نقول: إنّ الأورام الناشئة من المواد المسرطنة التي تظهر على سطح خلاياها مستضدات (Antigens) جديدة لم تكن بالأصل موجودة على سطح الخلية الطبيعية – أي غير المصابة بالسرطان – وعادة تظهر هذه المستضدات كجزء من الكلايكوبرتين (يعني البروتين الذي يحتوي على وحدات من السكريات) في غشاء الخلية.
- مضادات الأكسدة ومسؤوليتها عن صَدّ الإصابة بسرطان البروستات:
يذكر الباحث الطبيب الآن باوتُك (Allan Pautuck) وهو بروفيسور في قسم مبحث البول (Urology) في مدرسة الطب في ديفد جيفن (David Geffen School of Medicine) في UCLA دور مضادات الأكسدة في الرمان وتأثيرها على سرطان البروستات. حيث يقول:
يحتوي الرمان على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، وأنّ للإلتهابات دوراً للإصابة بسرطان البروستات، وأنّ لمضادات الأكسدة دوراً في الشفاء من الالتهابات ومنع حدوثها، وعلى هذا الأساس فالرمان الغني بمضادات الأكسدة يقينا شر الإصابة بسرطان البروستات.
إنّ المركب الفعال المضاد للأكسدة في الرمان هو حامض إيلاجك (Ellagic acid) وهو المركب الرئيس من مضادات الأكسدة الموجودة في عصير الرمان، ومن صفاته أنه يهاجم الجزيئات التي تضيف الأوكسجين إلى البروتينات والدهون الموجودة في الخلايا وكذلك الدورة الدموية، إذن هكذا يمنع حامض الإيلاجك أن تتعرض جزيئات الدهون والبروتينات للتأكسد وبالتالي يقي الفرد من شر تكوين الدهون المؤكسدة التي يؤدي تكوينها إلى الإصابة بأمراض العصر الخطيرة كتصلب الشرايين وغيرها. إذن هكذا يقي حامض الإيلاجك في الرمان البروتينات والدهون من التأكسد علماً بأن تأكسد البروتينات والدهون تغير من فعاليتها البايولوجية الطبيعية في الإنسان.
إذن يعدّ حامض الإيلاجك حارساً أميناً يحافظ على البروتينات والدهون من التأكسد. فهل لهذا الحامض عقل يدبر هذا الأمر؟؟!! أم أن ذلك هو قدرة من لا يغفل ولا ينام، وهو الله العالم بكل شيء...
إنّ إخماد العمليات التأكسدية بواسطة مضادات الأكسدة يُبقي في الجسم المستوى الطبيعي لـ"نايترك أوكسايد" (Nitric Oxide) ويختصر بـ(N.O)، وهذا الأمر ضروري وبالغ الأهمية لأن للـ(N.O) فعاليات بايولوجية متعددة ومفيدة للغاية ومنها أنّه يعمل على توسيع الأوعية الدموية (Vasodilation)، أمّا الفعل الآخر للـ(N.O) فهو كونه ناقلاً عصبياً (Neurotransmitter) مهماً. فالأصول الحرة التي تحدثنا عنها في موضوع بذور العنب تسبب لنا أمراض العصر الفتاكة كما أسلفنا، وتقضي أيضاً على (N.O) المفيد للإنسان. فبوجود حامض الإيلاجك نقضي على الأصول الحرة وبالتالي سنقلل من العوامل (الأصول الحرة) التي تقلل من تركيز (N.O). فاستحقت الثمرة بذلك ذكرها في القرآن الكريم (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (الرحمن/ 68)، وقال تعالى: (.. وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) (الأنعام/ 99).
إنّ النتائج التي توصل إليها الدكتور Pautuck تؤكد أن إجراء أبحاث أخرى ضرورية لتأكيد الدور الفاعل للرمان في تأخير أو منع إعادة أو تكرار سرطان البروستات في الرجال، ويقول إننا في تجاربنا خلال الدراسة لم نستطع إيصال تركيز المستضدات النوعية لسرطان البروستات إلى الصفر ولكن قللناه... فربّما يحتاج المريض بعد فترة طويلة إلى علاج إشعاعي آخر.
المصدر: كتاب قبسات علمية من القرآن والسنّة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق