◄يرجع مصطلح العولمة Globalization وترجمها البعض بالعولمة، وترجمها آخرون بالكونية، وفصل آخرون استعمال لفظ الكوكب. ولقد تعددت الآراء حول مفهوم العولمة، حين يتفاوت فهمها ومضامينها من فرد لآخر. ويرجع هذا إلى حداثة المفهوم بدليل عدم وروده في قاموس أكسفورد إلا في عام 1991 فقد وصفه القاموس أنّه من السمات العديدة التي برزت خلال التسعينات، ومنها التركيز الاقتصادي على المستجدات الاقتصادية العالمية وطبيعتها لفهم العولمة، وذلك على اتجاه عالم السياسة الذي يبحث عن تأثير التطورات العلمية والتكنولوجية المعاصرة على الدولة.
وتعنى العولمة أو الكونية تخطي الحدود القومية، ومحاولة استبدال الولاء للأُمّة إلى الولاء للشركة أو المهنة.
وقد تزامن البحث عن العولمة مع بروز مجموعة من الظواهر الحياتية والمستجدات الفكرية والتطورات التكنولوجية والعلمية التي تدفع في اتجاه زيادة ترابط العام وتقاربه وانكماشه الأمر الذي يعنى العمل على إبقاء الحدود والفواصل بين الأفراد والمجتمعات والثقافات والدول.
ولقد كانت العولمة نتاج عدة اعتبارات، هي[1]:
1- المتغيرات في التوازن السياسي للقوى العالمية.
2- الثورة الاتصالية الراهنة.
3- تعاظم إمكانيات القوى الاقتصادية في العالم المتقدم وتزايد الفجوة بينهما وبين الدول النامية.
4- الطفرة العلمية والتكنولوجية الضخمة في أدوات السلم والحرب.
فلقد أدت الثورة العلمية والتكنولوجية إلى تطور شكل النظام العالمي عن طريق شبكة الاتصالات الكونية بالأقمار الصناعية وسرعة النقل التي تفوق سرعة الصوت والمعلومات والأسلحة العابرة للقارات، مما جعل في الإمكان استخدام كرة أرضية لها توابع على مستويات متعددة تحت تأثير قوة موجودة.
ولقد أثرت العولمة على اقتصاد الدول، فالاقتصاد القوى للدول أصبح يعتمد على المصادر الأجنبية للمواد الخام، وعلى التكنولوجيا الحديثة وفتح الأسواق، فالتكامل هو قانون العالم. وأصبحت العولمة تدعمها التكنولوجيا الحديثة عامل له قوة جعلها قادرة على تخطي المواقف الأيديولوجية.
ولقد سعت المراكز الرأسمالية لاختلاق البنية الثقافية في مجتمعات العالم الثالث، ومنها مضر بأساليب وآليات جديدة تواقف ظروف ومتغيرات العصر الحديث. وتعدد الشركات المتعددة الجنسيات أحد أهم الآليات الخارجية التي تسهم إلى حد كبير في تشكيل العلاقة بين الذات والمجتمع في مصر بعد أن أصبحت هذه الشركات أحد الأدوات الفاعلة في اختراق بنى الثقافة في مجتمعات العالم الثالث.
وقد تعاظم دور الاختراق، وازدادت خطورته وبانت عند قيام بعض حكومات العالم الثالث بخلق تحالف مصلحي قوي بين الطبقات العليا والنظام الرأسمالي العالمي، واستطاعت كذلك نقل نشاطها إلى مجال الثقافة والإعلام.
ولقد نشطت العديد من المنظمات والهيئات والشركات الدولية للترويج لفكرة الكونية.
وتتميز الشركات المتعددة الجنسيات بالضخامة وتنوع الأنشطة والانتشار الجغرافي والاعتماد على المدخرات العالمية.
ويرى البعض أنّ العولمة تعمل على أن يسود العالم ثقافة تحمل مفاهيم وقيماً واحدة من شأنها القضاء على التفاوتات الثقافية والحضارية بين الأُمم ويقصد بذلك سيادة وهيمنة الثقافة والقيم الأمريكية على العالم كله.
ولا شكّ في أن عولمة الثقافة يهدد دول العالم العربي والإسلامي الذي تسوده ثقافة تختلف عن تلك التي تسود الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر قيماً مستجدة ومتمشية تماماً مع الفلسفة.
الهامش:
[1]- د. عبدالهادي الجوهري، علم الاجتماع السياسي – مفاهيم وقضايا. ص 175-177.
المصدر: كتاب السياسية والمجتمع (دراسة في علم الاجتماع السياسي)
ارسال التعليق