• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

نحو فقه بيئي

السيد هاني فحص *

نحو فقه بيئي
◄علامات بيئية في الفكر الديني: لقد تعسف كثيراً كل من فصل بين المعرفة والحياة، فالحياة في أدنى صورها وأبسطها لدى الحيوان والنبات وحتى الجماد، تنطوي على معرفة ما. والمعرفة في أدنى مستوياتها ضرورة من ضرورات الحياة، وعندما تصل المسألة إلى الإنسان الذي يتحول تدريجاً في نهر الزمان، من بشر إلى إنسان بقدر ما يكتسب من معرفة وما يبدع في حياته من أنماط وعلائق، فتصبح المعرفة بذاتها حياة وتصبح الحياة معرفة. فالمجرد والمشخص، الذاتي والموضوعي، الأنا والآخر، الغيب والشهود، الظرف والمظروف، المعارف والمعروف، الروح والجسد، مضامير تلعب عليها المعرفة الإنسانية في حركة دائمة ودائبة، وهي هي الحياة في الدنيا والآخرة "هلك خزان الأموال والعلماء باقون ما بقي الدهر... العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق". ذلك التعسف تبعه تعسف آخر، لاح للحظة، وكأنه أمر منهجي، ألا وهو فصل المستويات المتعددة للمعرفة إلى ابنية متفارقة أو متقابلة، ما اقتضى عملياً فصل مستويات الحياة إلى انصبة متناقضة.. وانّه وإن كان مخيفاً أن تصل مسألة البيئة إلى هذا المستوى من التعقيد والخطورة، فإنّ المفيد فيها هو انها تجبرنا على إعادة النظر في المسألة السالفة، مسألة الفصل بين المعرفة والحياة، بين معرفة ومعرفة، بين حياة وحياة. "انّ تاريخ البيئة تاريخ جامع للتخصصات، وهو ذو أبعاد، ليس في التاريخ وعلم الآثار والجغرافيا فحسب، وانما أيضاً في علوم الأرض والعلوم البيولوجية والطبية. وهو ميدان تمخض عن واحد من أقدم التحالفات بين التخصصات في الزمن الأكاديمي الحديث، ألا وهو التحالف بين التاريخ والجغرافيا، حيث يوجد التاريخ على الحدود بين العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية، وتوجد الجغرافيا على الحدود بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية". هذا في حين انّ الاتجاه التوحيدي الإيماني في تعبيراته المبكرة، لدى الفراعنة مثلاً، كان يرى المتعدد تجلياً للواحد، فيعنى بكل واحد، لأنّ فيه روح الواحد. ومن أناشيد الموت الفرعوني: "عندما يصير الزمان إلى خلود سوف نراك من جديد، لأنّك صائر إلى هناك، حيث الكل في واحد". ربما كانت هذه الرؤية التوحيدية أحد الكوامن أو البواعث الرئيسة التي جعلت الفرعون يصدر قانوناً لحماية البيئة، ولعل قراءة متأنية للتاريخ القديم، ومن دون استعلاء علمي معاصر، تجعلنا ندرك انّ علاقة الأقوام البدائية ببيئتها، بمحيط حياتها، أكثر جمالاً واتساقاً، كأنها الفطرة التي على العلم أن يصونها فلا تضطر أن تعتصم بنفسها بعيدة عنه لتسلم. لأكاد هنا، أن أرى، في عبادة الريح والشجر والحجر والشمس والقمر ومنابع الخير والشر والخوف والرجاء والعزاء وسذاجتها، معرفة ما، أقل تجريحاً من هذه المعرفة العلمية الهائلة الذاهبة افقاً وعمقاً خارج القلب والذوق والروح والوجدان والفن، إلى خراب معمور بالقتل وكل ما هو ساحق وقاتل، يطال موجودات الكون ومكوناته المادية والمعنوية، ويطال إيقاعات الجمال وأنساقها المختلفة المؤتلفة على نظام كوني رحب ومتوازن ومتزن... لقد كان رجال الغابة في ناميبيا يثيرون غضب الههم إن هم قتلوا من الحيوانات أو جمعوا من الثمار ما يزيد على حاجتهم، وأعلن الأراندا في استراليا انّ جميع المواقع الكائنة في حدود كيلومترين في مستوطنتهم مواقع مقدسة. والملك البوذي اسوكا (247-242ق. م) اصدر مراسيم تضم قوائم بالحيوانات التي يحظر قتلها، وخصص غابات للفيلة جعل عليها حراساً... والجانتي الصالح في عقيدة البراهما، "لا يزرع لأنّ الزراعة تمزق التربة وتسحق الديدان والحشرات، ولا يأكل الجانتي العسل لأنّه حياة النحل، ويصفى الماء قبل شربه خشية أن يقتل ما كان عالقاً فيه من كائنات، وهو يغطي فمه حتى لا يستنشق مع الهواء أحياء فيقتلها، ويحيط مصباحه بستار حتى يقي الحشرات من لذع النار"... انّه التزام، قد يراه البعض مبالغاً فيه، ولكنه التزام بالحفاظ على التوازن الطبيعي، حفاظاً على البيئة. تدخل في مفهوم البيئة وتعريفها وتكوينها محددات عدة، وتكاد الأرض أن تكون الحيز الأوسع في التعريف، أو تكاد أن تكون اختزالاً مكثفاً لمجموع المحددات. من هنا ترتقي الفلسفات والآداب لدى الشعوب كافة، وفي كل الأزمنة، بالأرض من مستوى الشرط المادي المحض، إلى المستوى الروحي، وتبرز هذه المسألة في الأديان كافة والأديان السماوية خاصة، وبأشكال وتعبيرات متعددة حين تحاول أن ترسم افقاً للرؤية الإيمانية وحركة الأنبياء. وليس صدفة أن يكون أكثر الأنبياء رعاة وأهل برية، ويضع القرآن الكريم الأرض ومحمولاتها المتصلة بها اتصالاً رحمياً، في إطار منظومة كونية، بحيث يمسي الاخلال بنظامها وانتظامها وقوانينها وسننها اخلالاً بالتكليف، يأتي من فراغ في الروح وخلل في الإيمان، ما يمكن أن يعتبر إضافة للروح العامة والروح الإنسانية إلى محددات البيئة. ونقرأ في التنزيل أمثلة من قبيل (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ... وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) (الرحمن/ 5-12). ويشبه القرآن المعرفة في سلامتها ورسوخها ونتاجها الحضاري المتوالي بالشجرة وعلاقتها بالأرض، رسوخاً ونسغاً ونمواً وحياة، في صورتي السلب والإيجاب، يأتي ذلك من ضمن مطابقة القرآن بين حركة الطبيعة وحركة الاجتماع ومركز الأفراد والجماعات وحياتها، (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (إبراهيم/ 24-25). وتتجه المنظومة المؤتلفة على اختلاف ونظم وتناغم نحو الخالق مسكونة بشوق واحد ولغة واحدة (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ...) (الحج/ 18)، وكأن الفطرة في تكوين الكائنات هي الوصلة الثابتة، وهي لدى غير الإنسان تبقى على حالها لا تشوشها غرائز ولا نزعات ولا شهوات، حتى لدى الحيوان الذي ربما تكون غرائزه أكثر انتظاماً رغم مظاهرها القاسية أحياناً، بينما، لدى الإنسان، تنقطع الوصلة بالتروع إلى المخالفة وتغيير نظام الأشياء، فكيف بعض الناس عن السجود والتسبيح، ويذهب البعض تخريباً في البيئة ومكوناتها، واسرافاً في استهلاكها (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام/ 141). ويخرج يونس النبي من بطن الحوت إلى فضاء الأرض وعرائها، فيرى ويتنفس وتعود إليه حيويته وتظلله شجرة اليقطين، فيرتاح ويأتي كلام رسول الله محمد (ص) تلخيصاً وتركيزاً وختاماً وختماً على الوحدة الكونية مصدراً وحياة ومآلاً وحركة وحواراً ومضارعة للتوحيد... يستطلع مكة في طريقه إليها يوم الفتح من على ظهر بغلته ويخاطبها خطاب الرحم والذاكرة والرفقة والعناء المشترك والحيوية المتبادلة "ولولا اخرجت منك ما خرجت". انّه التواصل، أو إعادة اللحمة، مع المنبت الذي لا ينبتُّ، وعندما يلتقي في مهجره في المدينة أحد القادمين من مكة يستخبره عن أدق التفاصيل فيحكي له عن أعشابها وأشواكها فيثير الشوك شوقاً نبوياً صافياً "واغرورقت عيناه بالدمع". قال: "يا أبان كيف تركت أهل مكة؟ قال: تركتهم وقد جيدوا، تركت الأذخر (نوع من البقول) وقد اعذق وتركت الشمام (نبات ضعيف)، وقد خالص "ويسكنه أبو قبيس الجبل الذي يشرف على مكة، وفيه غار حراء الذي التحمت الرؤية بالرؤيا فهبط جبريل حاملاً البشارة "أبو قبيس جبل نحبه ويحبنا". وأثناء تجواله في حواريها يداري عن رسالته عناد أهلها ونكرانهم وهجرانهم فيكشف عن وشيجة مع محتوياتها الصامتة، تكشف إلى أين يصل في توحيده وتوحده يقول: "كان في مكة حجر يكلمني ويسلم علي" ويستقر به المقام على طمأنينة ذاتية وقلق على الآخر من ذاته ومن الآخر وعلى النظام الكوني المنسق الجميل. فيقول: "اخرج يا علي فقل عن الله لا عن رسول الله: لعن الله من يقلع السدر (شجر) واستوصوا خيراً بعمتكم النخلة". إذاً هناك صحبة ونسب مع الشجر ولغة. كل ذلك يستدعي حفاظاً وحفظاً، وترقى البيئة إلى مستوى الدين والروح والشرع، حلالاً وحراماً وواجباً وكراهة ندباً، وإذا ما بقيت حساباتنا مع البيئة حسابات أرقام ونتاج مادي مباشر، فإننا سنبقى ذاهبين فيها وفينا تشويهاً وتخريباً حتى الموت... حتى موتنا، روحاً وجسداً ومعرفة وفناً وجمالاً، والحل أن نعيد للبيئة محمولاتها لتعيدها إلى نظام سلوكنا الشرعي والإيماني والقانوني والحضاري. ويصل الصدى إلى أبي تمام "رعته الفيافي بعدما كان حقبة رعاها"، ويشتاق السياب إلى رحمه "واحسرتاه متى أنام؟ فأحس انّ على الوسادة، من ليلك الصيفي طلاً فيه عطرك يا عراق؟"، ومن دون شروط "الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام، حتى الظلام، هناك أجمل، فهو يحتضن العراق". وهل هناك شروط على الرحم؟ "قال: يا رسول الله إن امّي سيئة الأخلاق، قال: وعندما حملتك كانت سيئة الأخلاق"... ونعرف انّ فلاحينا الذين عانوا الأرض وعانتهم، زرعوها وزرعتهم، حتى اخشوشنت بخشونتها راحاتهم وارتسمت في جباههم غضونها، وطهرت ولانت دواخلهم كما دواخلها، كانوا لا يبيعون أرضهم إذا امحلت ولو جاعوا.. ويجعلونها مهراً لعرائسهم... بينما تجار العقارات، الذين لم يعانوها، يشترونها على الخرائط ويبيعونها عليها ولا يرف لهم جفن. تحتل الأرض مساحة واسعة من النص التوراتي ولكنها ليست الأرض التي تحبها وتحبك، تشتاق إليك وتشتاق إليها، تسكنك فتسكنها، بل هي الأرض التي تستولي عليها تسترقها، تمسك برقبتها، تمتلك رقبتها بقدميك، وتئن من وطء قدميك، ولكنك لا تسمع وكل أرض تطؤها قدماك فقد جعلتها لك".. اما من عليها. من كان فيها وكانت فيه، من البيارة إلى حقل الذرة، فإنّه يقطع عنها ومنها وتقطع عنه ومنه. وهنا تغيب عن التوراة علامة تميز الأديان عامة، والسماوية منها خاصة، وهي العلاقة الحميمة بالأشياء والألوان والروائح، ما جعل النص التوراتي والسلوك مزروعاً بالتروع الحاد إلى التخفف من أعباء التسامي الذي يكاد يكون سر الأديان جميعاً. وتنفتح تلك المساحة التوراتية على وعي مرضي مدمر، يصل إلى حد تحويل الأرض إلى معطى مادي صرف، لا وهج فيه ولا نبض ولا صلة له بوهج أو نبض، وتصبح اليهودية ذريعة إلى الأرض (السلعة) وتتراجع مؤشرات التوحيد في سلوكية اليهودي عندما يرى إلى الأمم من حوله أرقاماً جافة في نظام استملاكه واستهلاكه، ويرى الدين والسياسة والعلم والشعر والحب طرقاً إلى الأرض التي تستقر على نصاب وعي يهودي جارح يضعها في نصاب السيطرة بعيداً عن تلوينات الهوية ومعادلها الوجداني. وتتحول ذاكرة اليهودي، بفعل التوراة، إلى أشواق مشبوبة للجسد اليهودي المزدحم بأعراض وأمراض القوة والرغبة في اجتياح الأرض وما ومن عليها من أرواح وعيون جميلة وورود متفتحة ونافحة أو على وشك التفتح، وبشر رعوها ورعتهم، "ليس جلعاد ولي منسى، افرايم خوذة رأسي، مو آب مرحضتي، على أدوم اطبرح نعلي، يا فلسطين اهتفي على، من يقودني إلى المدينة المحصنة، يهديني إلى أدوم "مزمور 108" قال الرب أرني، اجلس عن يميني، حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك" "يرسل الرب قضيب عزك من صهيون وتسلط في وسط أعدائك، اقسم الرب لن يندم أنت كاهن إلى الأبد الرب عن يميني يحطم في يوم وجزء ملوكاً، يدين بين الأمم" إلخ... و"كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان من نهر الفرات إلى البحر الغربي يكون تحكمكم" تثنية 11-24.. وليس في التوراة اشارة إلى خلود أو حياة بعد الموت أو ثواب في الآخرة على عمل صالح في الدنيا، بل كان ما فيها وعود بالمكافأة في الدنيا (طول العمر، النسل، المال، وغلة الأرض، الانتصار والتسليط على الغير والرفاهية) أما المذنبون فتعدهم التوراة بالجدب وانحباس المطر والأوبئة.. أي تدمير البيئة. وتبقى المسيحية في تواصلها مع أصلها التوحيدي ونصها الطقسي الباحث باستمرار عن المعادل الموضوعي للتوحيد، في الكون والإنسان والحياة، وفي روحيتها الموصولة بروح كونية.. تبقى ترى في الأرض تراباً للروح غنياً باحتمالات الخصب ومثالاً مشهوداً لجسد المعلم الجليلي المولود في مكان تآلفت محتوياته ومحدداته (مذود المغارة في بيت لحم بين المواشي والدواجن) على نسق تكاملي، وكان المخاض على جذع النخلة ملمحاً في مولده والرجاء الأخضر الذي حمله للخراف. وكان الرطب الجني في غير أوانه ايذاناً بانفتاح قلب الأرض على أوجاع الروح والجسد، وتواصل الخصب بالروح. ومن المذود إلى البراري إلى المثل اليومي في النص الانجيلي ممتلئاً زرعاً وثمراً وزراعين وحصادين وصوباً آتياً من البراري سارحاً فيه إلى حيث الآفاق المفتوحة على الخلود والمحبة والعدل والعفة والفداء ومعمودية الماء والميرون وزيت الزيتون، "في تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية، صوت صارخ في البرية، اعدو طريق الرب، ثمّ اصعد يسوع إلى البرة من الروح" متي 3- وقل لهم "الزارع الزرع الجيد هو ابن الإنسان والحقل هو العالم، الزرع الجيد هو بنو الملكوت، ولزؤان هو بنو البشر، هو العدو الذي زرعه إبليس" متي 13- "اجعلوا الشجرة جيِّدة فتكون ثمرتها جيِّدة أو اجعلوا الشجرة رديئة فتكون غرستها رديئة..، لأنها من الثمرة تعرف الشجرة" متي 4- تكاد تكون مماهاة على أساس التوحيد، بين الأرض روحاً وتراباً وبين الإنسانية جسداً وروحاً. أنها الروح في البيئة التي تحفظها وتحيا بها. وفي مصر حيث النيل، النجاشي الأسمر، هو نهر الحياة وهو الناظم لروح مصر وأرضها وأهلها وذاكرتها وأحلامها، تندمج الطبيعة في طقس العبادة القبطية في الصلاة (اصعد المياه مقدارها، كنعمتك، فرح وجه الأرض... ليرو حرثها، لتكثر ثمارها، اعدها للزرع والحصاد وفي (لقان الغطاس) "لتفرح كل بلاد مصر تتهلل بفرح من جودك، وبارك في غلات الأرض وأصعد مياه النهر وهب اعتدالاً للمناخ، ونيل مصر باركه في هذا العام وكل عام، ويفرح وجه الأرض بالنيل، ويعود لنا نحن البشر، ويعطي النجاة للشعب والحيوانات".   * عالم دين، وأديب وناقد 

المصدر: مجلة قضايا إسلامية معاصرة/ العدد 8 لسنة 1999م

ارسال التعليق

Top