◄الأهداف التي نأمل تحقيقها من الزوجين:
1- أن يدرك الزوجان أهمية العلاقة الحميمة بينهما.
2- أن يعرف الزوجان مواصفات العلاقة الخاصة الناجحة.
3- أن يستن الزوجان بالهدى النبوي في العلاقة الخاصة بينهما.
4- أن يحرص الزوجان على حفظ أسرار حياتهما الخاصة.
5- أن يعرف الزوجان متى يبيح الشرع الإفصاح بالعلاقة الزوجية.
أهمية العلاقة الخاصة في الحياة الزوجية:
يعتبر وجود علاقات جنسية سليمة مشبعة بين الزوجين أمراً أساسياً في كلِّ زواج سعيد ناجح، ذلك أنّه إذا كان السكن هدفاً من أهداف الزواج كما ورد في الآية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الرّوم/ 21)، فإنّ المشكلات الجنسية منغص كبير لهذا السكن على المستويين النفسي والجسدي.
الإحصان بالزواج سبيل العفة:
إنّ الإسلام قد ضمن لكلِّ من الرجل والمرأة الطريقة الأسلم والألذ والأمتع لقضاء غريزة الجنس، وهي غريزة فطرية، حيث يشعر كلّ منهما بالأمان والاطمئنان، وهو يفضي على شريكه بجسده وروحه وحسه ومشاعره، هذا الإفضاء الذي يربط الأرواح بالأرواح، ويصل النفوس بالنفوس، ويوطد العلاقات ويجذب القلوب.
فكان الزواج هو الطريق الوحيد والفريد الذي ارتقى بهذا الغريزة وهذبها في حدود الفطرة، في حدود علاقة شريفة نظيفة بين رجل وامرأة، تجمعهما أكثر من رابطة.
كان من أهمها العلاقة الجنسية، ثمّ بعد ذلك تتحول لتطفي عليها علاقة أخرى؛ كالحب والمودة والسكينة والرحمة والأمن والاطمئنان، وبذلك يصل الإسلام بالغريزة والشهوة إلى درجة السمو والرفعة؛ فيرتقي الفرد والمجتمع.
إنّ الاتحاد الحسي والنفسي الذي يحرص الإسلام على تحقيقه بين الزوجين أثناء العلاقة الحميمة له فوائده الكثيرة، لا تخفى على من لهم إلمام في العلوم النفسية والجنسية، ويكفي أنّه يضمن الإشباع الكامل للطرفين، مما يحقق معه احصانهما وتوثيق عرى المحبة والمودة بينهما.
وقد أثبتت الدراسات النفسية الحديثة أنّ السكن والمودة والرحمة بين الزوجين تزداد قوة بوجود توافق جنسي بينهما، وذلك لأنّ العلاقة الجنسية بحكم طبيعتها مصدر نشوة ولذة، فهي تشبع حاجة ملحة لدى الرجل والمرأة على السواء، واضطراب إشباع هذه الغريزة لمدة طويلة يسبب توتراً نفسياً ونفوراً بين الزوجين إلى الحد الذي جعل كثيراً من المتخصصين يفصحون بالبحث وراء كلّ زواج فاشل أو متعثر عن اضطراب من هذا النوع.
الحب والتفاهم في العلاقة الخاصة:
قد يسأل بعض الأزواج عن مواصفات العلاقة الجنسية الناجحة؟ ولا شك أنّ العلاقة الجنسية الناجحة بين الزوجين هي التي تتم ضمن جو من المحبة والاحترام والتقدير بين الزوجين، وليس في جو من السيطرة من طرف على الآخر.
وقد أشارت الدراسات إلى أنّ بعض الصعوبات الجنسية يمكن أن تحدث عند عدد كبير من الأزواج، وحتى الذين تجمع بينهما علاقة زوجية سعيدة في الجوانب الأخرى للعلاقة الزوجية.
فلا تنسى المرأة أنّ النجاح في العلاقة الخاصة هي من أسباب السعادة الزوجية، وهي من الروابط الهامة لتضمن لنفسها ولزوجها العفة والعفاف.
ولا تنسى أنها بحاجة إلى هذه العلاقة، كما أنّ الرجل بحاجة إليها، مما يجعل المرأة تتهيأ لها نفسياً وجسدياً وعاطفياً حتى تصل إلى الدرجة التي تتعادل فيها مع الزوج؛ فيصلان للمتعة المشتركة التي تزيد الترابط والأواصر الحميمة بينهما.
وقد وجد أيضاً أنّ معظم هذه الصعوبات تتحسن بشكل جذري بمجرد أن يحاول الزوجان إعطاء متسع من الوقت للحديث واللمس وعدم التسرع في هذا الأمر.
إنّ هذا البطء في التعامل يشعر كلّ طرف أنّ الطرف الآخر سعيد جدّاً من هذه العلاقة، وأن يعطيها كلّ وقته واهتمامه، وأنّه لا شك مستمتع بهذه الصحبة والعلاقة، إنّ هذا الاطمئنان يعطي الطرفين أرضية طيبة لبناء المحبة والارتباط.
وفي مثل هذا الجو من المحبة والتفاهم يستطيع الزوجان الحديث فيما يرغبان به، وما يسعدها في علاقتهما الزوجية والجنسية على حد سواء وقد وُجد انّ الأزواج أكثر سعادة عندما يتمكنون من المصارحة في الحديث معاً عن الجماع، وعما يشعر به كلّ منهما، وما يريده ويرغب به، وعن مشاعره وخيالاته، وعن المشاعر والمواقف السلبية، لكن مع الانتباه إلى التفريق بين مشاركة هذه التجارب السلبية مع الطرف الآخر، وبين الدخول في مشاجرة ونزاع وجدال، فكلّ المشكلات قابلة للحل ويمكن نقاشها، ولكن في الوقت المناسب، وليس وقت المداعبة والاقتراب.
وأيضاً على الزوجين الاتفاق على موعد اللقاء، وهل يكون بتحديد موعد مسبق؟ أم يُترك للظروف فحيثما شعر الزوجان بالرغبة وفيضان العاطفة والقرب والأنس فثم اللقاء.
إنّ أهم ما في الأمر هو أن يتحدث الزوجان مع بعضهما فيما يهمها من غير الشعور بالحرج من هذا الحديث، وأن لا يسكتا عن الأمر على افتراض أنّ الطرف الآخر سيدرك الأمر من نفسه دون كلام.
عزيزي الزوج، وإذا كنت تنتظر منا الإجابة عن الأسئلة التي أوردتها في أوّل الموضوع، فإنّ الإجابة الشافية لابدّ أن تبحث عنها وتتعلمها بنفسك. وتتناقش مع زوجتك دون حرج عن الإجابة عليها فلن يجيب عنها غيركما.
العلاقة الناجحة بين الزوجين:
إنّ العلاقة الجنسية الناجحة التي تروي ظمأ كلاً من الطرفين، باب من أبواب السعادة والراحة النفسية والقبول والرضا عن الآخر، الذي يولد ارتباطاً ومحبة عاطفية ووجدانية عميقة تسمو بعد ذلك عن كلِّ شيء وإن كانت العلاقة الجنسية تمدها بالتجدد والشوق للآخر.
وهذه العلاقة مع فطريتها وقابلية كلّ من الرجل والمرأة لممارستها؛ لأنها سنة الحياة أودعها الله في البشر، ولكن المتعة والسعادة فن يجب تعلّمه من الرجل والمرأة حتى تتحول تلك الممارسات إلى أنشودة حب وسعادة وعفاف وإحصان لكلِّ من الرجل والمرأة وكلّ محطة من محطات هذا اللقاء له فنه وأدبياته وممارسته. والهدى النبوي خير مثال في هذا الأمر والذي ينبغي على الزوجين تعلّمه والالتزام به، ومن هذه الآداب:
· يستحب للزوجين أن يصليا ركعتين خفيفتين ويدعوان الله – عزّ وجلّ –.
· أن يدعو الزوجان بالدعاء المأثور: "بسم الله، اللّهمّ جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا".
· أن يبدأ بالمداعبة والملاطفة والتقبيل أوّلاً.
· ألا يراهما أحد أو يسمع حسهما.
· أن يستتر الزوجان بلحاف واحد أو غطاء.
· ألا يعاجل الزوج زوجته حتى تفرغ هي الأخرى من شهوتها.
إذا أراد أن يعاود الجماع مرة أخرى فليتوضأ، لقوله: "إذا أتى أحدكم أهله ثمّ أراد أن يعود فليتوضأ وضوءه للصلاة". "زاد في رواية ابن حبان والحاكم: فإنّه أنشط للعود".
كلّ ما يدور في الفراش من الأفعال والكلمات أو غيرها بين الزوجين لا يجوز بأي حال من الأحوال إفشاؤه أو نقله خارج غرفة النوم.
ولا ينس الأبرار حفظ الأسرار:
ومن الآداب التي حث الإسلام عليها بين الزوجين حفظ كلّ واحد لسر الآخر، فكلّ واحد من الزوجين مطالب بكتمان ما يراه من صاحبه أو يسمعه من حيث يقول الرسول (ص): [إنّ شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته والمرأة تفضي إلى زوجها ثمّ ينشر أحدهما سر صاحبه].
فإن كان إفشاء السر بصفة عامة من المحرمات؛ لأنّه أمانة، فإنّ إفشاء أسرار الزوج والزوجية وخاصة أسرار الفراش يعد من أكبر المحرمات التي نهى عنها رسولنا الكريم (ص)، فكيف نمر على الآية: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء/ 34)، وكيف نمر على الآية: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة/ 187)، ثمّ لا نتوقف لنتأمل جوانب العظمة وملامح الروعة وقسمات الإعجاز في هذه اللفظة البديعة [لباس] إنها تلقي على الزوجين ظلالاً ممدوداً من الستر والحماية، وتفيض عليهما بكلِّ معاني الصيانة والعفاف، وهذه المعاني الجميلة الرقيقة لا يتحرك لها ولا ينبض بها إلا قلب قرآني يعيش صاحبه معاني الزواج الرائعة في ظلال القرآن، وعلى منهج الإسلام.
ونحن نتساءل كيف يجرؤ مسلم متدين أو مسلمة متدينة يعرفان حقاً قدسية [الأسرار الخاصة] وخطورة إفشائها. كيف يجرؤ إنسان ذو خلق كريم تجري في عروقه دماء الحياء أن يطلق لسان يوصف ما يستره ذلك [اللباس].
إنّ مما يقدح في رجولة الرجل وكرامته ومروءته أن يجعل الأسرار بيته بضاعته معروضة للناس بلا ثمن على قارعة الطريق. والمرأة العفيفة المتدينة [الراعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها] تحمي بيتها من لسانها أن ينفلت ليصف ما كان مستوراً داخل البيت لم يره أحد، وهي إن صانت أسرار بيتها فهي تسقي بماء الأمانة والعفاف شجرة [السكن] الذي سينعم بظلالها الوارفة جميع أفراد الأسرة.
إنّ البيت أخص ما يملك الرجل والمرأة، فيه يجدا السكن والأمن الأمان، وفيه يضعا حوائجهما وخصوصياتهما، وما لا يحبان أن يراه أو يعلمه الناس حتى ولو كانوا أقرباء وذوي رحم.
وليس أعجب من أن يتفنن الناس في ستر جدران البيوت وحوائطها بألوان عديدة من [الستائر] ثمّ هم يكشفون عوراتهم بألسنتهم.
ويبيح الشرع الإفصاح بالأسرار الزوجية في حالات منها:
1- طلب الفتوى ممن هو أهل لها.
2- استشارة أهل الرأي [الاستشاري الأسري] في حالة الخلافات الزوجية.
3- تعلم فنون العلاقات الزوجية في حدود الشرع والأدب الإسلامي الرفيع.
المصدر: كتاب منازل النور (دليل البيوت السعيدة)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق