◄الأسرة في وضعها الاجتماعي جزء من المجتمع.. والمجتمع بطبيعته مجموعة من الأُسر والأفراد .. والعلاقات الاجتماعية قضية أساسية في حياة الأسرة. فلابدّ من أن تكون للأسرة علاقات مع بقيّة الأُسر.. لا سيّما الأقرباء والأرحام والجيران .
فالأسرة الناجحة، والصحّية في سلوكها الاجتماعي، هي الأسرة التي تكون لها علاقات صداقة، وتعارف مع أُسر أُخرى.. فللعمّ والخال، والعمّة والخالة، والأخت المتزوِّجة والأخ المتزوِّج... إلخ، ويجب أن تكون لأسرتنا علاقة ودِّية ، وروابط وثيقة مع تلك الأُسر.
إنّ التزاور، والمشاركة في المناسـبات السارّة؛ كالأعياد، وليالي رمضان، والزواج، والنجاح المدرسي، أو الأحزان، أو عند حدوث المشاكل، أو في حالات المرض، هي واجب أخلاقي، وموقف يُعبِّر عن الطبيعة السليمة للأسرة، وعمل يحبّه الله سبحانه، ويُؤجر عليه.
فصلة الرحم من أهم الأعمال التي ندب إليها القرآن، واعتبر التشريع الإسلامي قطيعة الرحم من الذنوب الكبائر. وأنّ صلة الرحم من أفضل الأعمال، وإن كان ذلك الرحم أو القريب قاطعاً.
وصلة الرحم تدفع البلاء، وتوسِّع الرزق، وتجلب المحبة والتعاون، وتشعرهم بردّ الجميل، والوقوف إلى جنب الأسرة عندما تقع لديها المشاكل الحياتية، كما تدعوهم إلى مشاركتها في أفراحها وأحزانها.. وتلك هي الحياة الاجتماعية.. محبة وتعاون، ومشاركة وجدانية وفعلية في السرّاء والضرّاء.
إنّ الأسرة التي تعيش منكفئة على نفسها، منعزلة عن الآخرين، هي أسرة فاشلة اجتماعياً، سواء كانت تلك العزلة بسبب الغرور المالي أو الاجتماعي، والتعالي على الآخرين، أو بسبب الطبيعة الانطوائية والانعزالية .
وكلّ تلك صفات سـيِّئة تُسيء إلى سُمعة الأسرة، وتُربِّي أفراداً فاشلين اجتماعياً، يفقدون احترام الآخرين وتعاونهم.. وليس في المجتمع الإنساني مَن يستغني عن الآخرين.
وعندما تحدث مشاكل مع بعض الأُسر، كأسرة الأخت أو الأخ أو الأعمام أو الأخوال... إلخ، فلا يصحّ أن تواجَه بالقطيعة والعداوة والتراشق بالكلام المؤجِّج للخلاف، بل يجب العمل على حلِّها والمصالحة بين الأسرتين، عن طريق توسّط الأصدقاء، أو بعض أفراد الأسرة المقبولين لدى الطرفين.
وممّا يزيل الأزمة الزيارة والتسامح ونسيان أسباب المشكلة، والدعوة إلى وليمة طعام، أو سفرة عائلية مشتركة، أو إرسال الرسائل وبطاقات المعايدة والاتصال التلفوني إذا كانت بين الأسرتين مسافة بعيدة.. وإذاً فلنفهم الحياة الاجتماعية أنّها تعارف ومحبة وتعاون.. صَوَّر القرآن ذلك بقوله :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ) (الحجرات/ 13).
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة/ 2).
(وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ) (الأنفال/ 75).
ويوضِّح الرّسول الكريم محمّد (ص) أنّ رسالة الدِّين هي الحبّ الصادق الطهور، قال (ص): "وهل الدِّين إلّا الحبّ".. وإنّ خير الناس هو خيرهم لأهله، كما جاء في قوله (ص): "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" .
وهكذا نفهم أنّ الأسرة تصنع شخصية أبنائها، وأبناؤها يمثِّلون شخصيّتها.. ولا سعادة للفرد مع شقاء الحياة في داخل الأسرة.. والأسرة الطيِّبة تصنع شخصيات طيِّبة.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق