• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التهاب ملتحمة عين الطفل

التهاب ملتحمة عين الطفل
إن رأيت عيني طفلك محمرَّتين، مُغطاتين بما يُشبه غشاءً شفافاً، ويَسيل منهما قيحٌ ضارب إلى الصفار، مع انتفاخ الجفنين السفليين واحمرارهما أيضاً، فلا داعي إلى القلق: إنّه التهاب الملتحمة. وهو مرض غَيْر خطير، يُحَلّ بشكل خاص حين يلمّ مرض فيروسي بالممرات التنفسيّة العليا للطفل، كالرَّشح والزكام.
يُصاب معظم الصغار، منذ سن الرضاعة (وأحياناً حتى المواليد الجُدد)، أقَلّه مَرَّة في عمرهم، بالتهاب الملتحمة (بالإنجليزية Conjunctivitis). فهو مرض مُعدٍ واسع الانتشار، تتلخّص أعراضه في الآتي:
- احمرار العينين، اللتين تبدوان وكأنهما مُغطّاتان بغشاوة شفّافة. إلى ذلك، تصبحان مدمعتين، أو تبدوان كذلك.
- سيلان سائل لزج، بلون ضارب إلى الصفار، هو الصديد أو القيح (Pus). لذلك، من تسميات التهاب الملتحمة الأخرى، هناك "الرَّمَد الصَّديدي" وأيضاً "احمرار العين" و"العيون الورديّة").
- تبدو الأهداب ملتصقة ببعضها بعضاً، جَرّاء سَيَلان ذلك الصديد اللَّزج. وهذا الالتصاق واضح أكثر بعدما يستيقظ الصغير من النوم.
- احمرار الجفنين السفليين، وانتفاخهما.
أما أسباب الإصابة بالتهاب الملتحمة عند الطفل، فصحيح أنها متعددة، لكل يظل السبب الأهم متمثلاً في مرض فيروسي في المجاري التنفسية العليا، مثلما هو مشروح أدناه. نستعرض هنا أسباب إصابة الطفل بالتهاب الملتحمة، مع الإشارة إلى أنّ الالتهاب قد يظهر في عين واحدة، لكنه على الأغلب يظهر في العينين كليتهما:
أوّلاً: إصابة الطفل بفيروس ما، على الأكثر في مستوى المجاري التنفسية العليا. ذلك هو السبب الأوّل لالتهاب الملتحمة عند الطفل، وهو وراء 95 في المئة من الحالات. لذا، لا يندر أن يكون التهاب الملتحمة مصحوباً بسيلان سوائل من الأنف، وكحّة بسيطة إلى متوسطة، وذلك جَرّاء مُعاناته في الوقت نفسه الرشح أو الزكام. وبحسب شدة إصابة الأنف والمجاري التنفسية العليا، قد يكون التهاب الملتحمة مصحوباً بارتفاع درجة الحرارة، أو الحمَّى. لكن، على الأغلب، لا يحصل أي ارتفاع في درجة الحرارة. وفي الأحوال كلها، إن حصل ذلك الارتفاع، فليس بسبب التهاب الملتحمة، في حد ذاته، إنما جَرّاء الفيروس التنفسي.
لذا، إن رأيت أن التهاب الملتحمة عند طفلك مُتزامن مع تلك الأعراض (الرشح أو الزكام أو أي نزلة برد)، فهذا يعني قطعاً أنّ الفيروس المسبّب للرشح وصل إلى مستوى العينين، فيُهيّجهما، ما أدّى إلى التهاب الملتحمة. في تلك الحالة، عموماً، تزول أعراض التهاب الملتحمة من تلقاء نفسها، خلال فترة 5 إلى 7 أيام، من دون علاج مُعيَّن. على الرغم من ذلك، قد يصف الطبيب قطرات خاصة، بغية إزالة الصديد وتنظيف سطح الشبكية و"فتح" الأهداب لكي لا تظل ملتصقة. كما قد يصف مرهماً خاصاً، يوضع على العينين لتهدئة الالتهاب وإراحة الطفل. في الأحوال كلها، لا داعي إلى القلق. فتلك حالة شائعة. وبطبيعة الحال، يصف الطبيب في الوقت نفسه أدوية ضد التهاب المجاري التنفسية العليا، بما أنّه هو الأساس، وأنّ التهاب الملتحمة ليس سوى أحد تداعياته. وفي الأحوال كلها، يظل غسل العينين بالماء أفضل ما يمكن أن يفعله الوالدان للطفل المصاب، مع مسح ما حولهما بقطعة شاش أو قطن نظيفة، يفضل تخضيبها بمحاليل التنظيف المطهرة الخاصة بالأطفال.
ثانياً: يمكن أن ينجم التهاب الملتحمة أيضاً، في حالات أقل، عن مُعاناة الطفل حساسية ضد جزيئات وأغبرة مُعيَّنة، موجودة في جو البيت أو الغرفة أو دار الحضانة أو المدرسة. في تلك الحالة، يصبح تحديد السبب أكثر صعوبة. على الرغم من ذلك، يظل العلاج هيّناً، إن كان ثمّة داع إلى العلاج.
ثالثاً: قد يكون السبب "ميكانيكياً"، مثلاً يؤذي الطفل عينيه بنفسه، عن طريق الخطأ، بفركهما بشدة، أو تعريضهما لكدمة. إلى ذلك، قد يكون السبب دخول جزيئات غبار في عينيه. في تلك الحالة، يشكل التهاب الملتحمة رد فعل طبيعياً، في إطار نظام مناعة الجسم، بهدف التصدي لمسببات الرمد. عن العدوى:
غالباً ما يتساءل الآباء والأُمّهات عن مدى عدوى التهاب الملتحمة عند الطفل، وضرورة إبعاده عن دار الحضانة أو الروضة أو المدرسة في حال إصابته. في الواقع، تُعد درجة عدوى التهاب الملتحمة عالية نسبياً، بما أنّ المرض فيروسي في 95 في المئة من الحالات. إلى ذلك، تنتقل العدوى بشكل خاص مع الصغار جدّاً، لأنهم معتادون على اللعب بشكل متقارب جدّاً الواحد من الآخر. وبذا، مع أطفال الحضانة، يجدر فعلاً التغيب. أما مع الأطفال الأكبر، فما من ضرورة لعزل الطفل وإبقائه في البيت، لا سيّما إذا كان يَنمّ عن نشاط جيِّد وصحة جيدة، عَدَا عن التهاب الملتحمة، غير الخطير مثلما أسلفنا.
على الرغم من ذلك، يحصل أحياناً أن يكون إفرازاً الصديد غزيراً، بحيث يتطلب الأمر من ذوي الطفل تنظيف عينيه مراراً، سواء أكان بالماء النقي، أم بالقطرات أم أي محاليل طبّية، قد يصفها الطبيب أو ينصح بها الصيدلاني. في تلك الحالة، بطبيعة الحال، من الأفضل إبقاء الطفل في البيت، وذلك ليس فقط للتمكن من تنظيف عينيه باستمرار، إنما أيضاً لتفادي نقل العدوى إلى رفاقه. فعندما يكون القيح غزيراً، ذلك يعني أنّ الفيروس أقوى من الحالات المتوسطة الاعتيادية. بالتالي، ترتفع احتمالات انتقاله إلى أطفال آخرين. ويجوز إعادة الطفل مُجدّداً إلى الروضة أو المدرسة حالما تَضْمَحِل كميّة القيح الخارج من العينين. الوقاية:
في حال إصابة الطفل بالتهاب الملتحمة، أو إصابة أحد رفاقه أو أحد أفراد العائلة الآخرين، ثمّة إجراءات وقائيّة، ينصح الأطباء بالالتزام بها. ومنها.
- الإكثار من غسل اليدين مَليّاً، للطفل وذويه أيضاً، في حال وجود إصابة فيروسية في العائلة أو في مدرسة الطفل، أيّاً كان المرض (وليس بالضرورة التهابات الممرّات التنفسيّة). فالطفل، طبيعياً، يميل إلى فرك عينيه. فإن لامَس أي شيء يحمل الفيروس، فإنّه ينقله إلى عينيه أغلب الظن، من خلال فركهما. في الأحوال كلها، إن لم يَخْتَفِ التهاب الملتحمة خلال أسبوع بعد ظهوره، يجب مُراجعة الطبيب بسرعة. إذ ليس طبيعياً أن يدوم "الرَّمَد الصَّديدي" أكثر من 7 أيام.
- في حال تفاقُم الإصابة، أو إذا كانت الإصابة قوية أصلاً، يصف الطبيب عموماً قطرات تضم مضاداً حيوياً. لكن، قد يسأل سائل: "ما فائدة المضاد الحيوي بما أن التهاب الملتحمة فيروسي المنشأ؟". والتفسير هو أنّ المضاد الحيوي، الموصوف لتلك الحالات الخاصة، يهدف لا إلى معالجة التهاب الملتحمة في حد ذاته، إنما استباق حصول أيّ نَتَانَة بكتيريّة في مستوى العينين، جَرّاء الصديد الخارج منهما. وذلك إجراء وقائي، قد يُقرّر الطبيب اتخاذه.
- في حال إصابة أكثر من طفل واحد في العائلة، يُنصح باستخدام قنينة قطرات منفصلة لكل واحد منهم، وتسجيل اسمه عليها لتفادي الخلط.
- أثناء وضع القطرات، يجب تفادي تلامس قنينة الدواء عيني الطفل أو أهدابه، وذلك لتجنُّب انتقال أي جراثيم وميكروبات.
- يُستحسن تسجيل تاريخ فتح قنينة القطرات. فهذه، على العموم، لها مدة صلاحية مُحدَّدة، على الأكثر 15 يوماً من تاريخ فتحها. وحال بلوغ تلك المدة، من الأفضل التخلص من القنينة حالاً، تفادياً لاستخدامها عن طريق الخطأ بعد انتهاء صلاحيّتها.

ارسال التعليق

Top