• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الكتابة والقراءة الناقدة

الكتابة والقراءة الناقدة

◄الكتابة مرآة التفكير، إنها تساعدنا على تحسين أفكارنا، وتصفيتها من الغموض، واكتشاف الخلل فيها، كما تمكننا من معرفة طرق تفكيرنا، وإيضاح ما نود قوله. إنّ الكتابة الواضحة تشير إلى تفكير واضح، وفي معظم الأحيان، فإنّ اللغة هي الوسيلة التي نعبر من خلالها عما يدور في أذهاننا. فإذا كانت الكلمات التي نستخدمها غامضة، فستكون أفكارنا غامضة بالنسبة لمن يقرأها. والغموض وعدم الدقة في استخدام الكلمات يؤثر سلباً في القدرة على الفهم والاستدلال. وتعد الكلمة أو العبارة غامضة عندما تحتمل أكثر من معنى. فللكلمات في اللغة دلالات صريحة ومباشرة تدل عليها، وهناك تلميحات غير صريحة تشير لها. فمثلاً، عندما تقول إن "أحمد شخص راشد"، فقد تعني أنّه رجل عاقل، أو تقصد أنّه رجل بالغ. لذا يمكن أن تُوَضّح الكلمة عن طريق إرفاقها بكلمة تعطي المعنى المقصود، مثلاً، "أحمد شخص راشد في تفكيره"، أو من خلال شرح معناها.

ومن جانب آخر، يمكن أن تسهم العبارة الناقصة في غموض المعنى، والعبارة الناقصة معلومة غير مكتملة، فمثلاً، لو قلت "استدعت الشرطة خالداً"، فقد تثير كثيراً من علامات الاستفهام عن خالد، فهل تم استدعاؤه للتحقيق معه لارتكابه فعلاً مجرماً؟ أو شاهداً على جريمة؟ أو لأنّه تم اعتقاله أثناء مشاركته في مظاهرة تنادي بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة مثلاً؟ إن تكملة المعلومة ستساعد كثيراً على فهم واقع ما جرى.

 

فكّر

عندما يقول لك شخص ما إنّه لا يحبك، فهل قصد بذلك أنه يكرهك؟

وعندما يقول إنّه غير متفائل، فهل قصد بذلك أنّه متشائم؟

 

والتفكير الناقد يتطلب التفكير والتعبير بوضوح لفظاً وكتابة. وهناك كثير من الادعاءات والحجج تتسم بالاضطراب بسبب الغموض والعمومية. وهناك بعض المصطلحات في اللغة من الممكن أن تكون غامضة بعض الشيء، كمصطلح غني، وطويل، وسريع، وغيرها، فمثلاً قد تصف قيادة شخص للسيارة بأنّه يسير بسرعة عالية. لكن ما هو تعريف عالية هنا؟ فهل هو أعلى من الحد المسموح به في ذلك الطريق؟ أم عالية بسبب أن أحوال الطقس السيئة لا تسمح حتى بالاقتراب من الحد الأعلى المسموح به في الأحوال العادية؟ وأحياناً يكون الغموض متعمداً عندما لا يريد الشخص إعطاء إجابة محددة كما يفعل بعض الساسة.

ويستخدم كثير منا المصطلحات الغامضة خلال تواصله مع الآخرين، وفي معظم الأحيان لا تكون هناك مشكلة تذكر عندما لا يتصف المصطلح بالغموض إلى الدرجة التي لا نفهم ما يقصده المتحدث. فهناك درجة مقبولة من الغموض مادامت المعلومات المنقولة لنا يمكن أن نفهمها من سياقها العام. لكن هناك مواقف قد تتطلب وضوحاً أكبر وأدق، كما يحدث عندما يدلى شاهد بشهادته في المحكمة. وهناك بعض المصطلحات التي تحتمل أكثر من معنى ولا ندري ما المعنى الذي يقصده المتحدث، مما يسبب التباساً. مثلاً عندما تقول: "إن في هذا البلد كثير من العيون"، فهل تعني أن بها عدداً  كبيراً من عيون الماء، أم المخبرين؟

من جانب آخر، فإنّ القراءة الناقدة هي إحدى الصور التطبيقية للتفكير الناقد. وتتطلب هذه القراءة الناقدة من القارئ مجموعة من المهارات الأساسية، التي نورد أهمها على النحو الآتي:

1-    القدرة على معرفة الفكرة المركزية من المادة المقروءة، أي الموضوع الرئيس الذي يعرضه الكتاب.

2-    تَعَرُف الأسباب التي دفعت الكاتب إلى كتابة الموضوع، ومدى مناسبة توقيت كتابتها، والمكان الذي نُشرت فيه.

3-    القدرة على تحديد نوع المادة المقروءة، فهناك عدة أنواع من النصوص، منها:

·      مادة جدلية تعبر عن وجهة نظر نحو موضوع ما.

·      مادة وصفية تهدف إلى تسجيل خبرة شخصية، مثال ذلك ما شاهده الكاتب خلال رحلته السياحية.

·      مادة تفسيرية تشرح مفهوماً معيناً، كتوضيح مميزات النظام الديموقراطي.

·      مادة روائية قصصية.

4-    القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وقطعي لا جدال فيه، وبين ما هو انطباعي وظني، كالآراء والانطباعات الشخصية.

5-    التحقق من الارتباط المنطقي بين الأسباب المذكورة ونتائجها.

6-    تَعَرُف المسلمات والافتراضات التي استند إليها الكاتب.

7-    التحقق من صدق المعلومات والبيانات التي استند إليها الكاتب ومدى كفايتها.

8-    التمييز بين المعلومات ذات الصلة بالموضوع وتلك التي لا علاقة لها به.

9-    القدرة على استخلاص الأفكار الرئيسة من المادة المقروءة.

10-                      تَعَرُف الاستنتاجات المضخمة والمبالغ فيها.

11-                      تَعَرُف الكلمات والجمل ذات الإيحاءات العاطفية والانفعالية.

12-                      معرفة التناقض بين استنتاجات الكاتب والحقائق المسلم بها.

13-                      التمييز بين التعبيرات البلاغية المجازية ذات الصيغ المبالغ فيها، والتعبيرات ذات المقاصد الواضحة والمحددة.

14-                      القدرة على تعرف الأفكار التي لم يعبر عنها الكاتب صراحة، أي معرفة ما بين السطور.

15-                      القدرة على إصدار حكم تقييمي موضوعي حول مدى جودة المادة المكتوبة.►

 

 المصدر: كتاب التفكير.. أساليب ومهارات

ارسال التعليق

Top