• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

«الإدمان على التكنولوجيا» مرض العصر الجديد

د. علي بن حمزة العُمري*

«الإدمان على التكنولوجيا» مرض العصر الجديد

◄أظن أننا مؤمنون جميعاً بأنّ التغيرات الهائلة، والتطورات المذهلة؛ التي نمارسها ونعيشها، أصبحت أحياناً أعلى وأسرع من قدرتنا على المواكبة.

فأنت قد تشتري جهاز (لابتوب) بسعر معين، ثمّ ما تلبث بعد بضعة أشهر إلا ويخرج جهاز آخر، بمواصفات جديدة وعالية الجودة، ولكن بسعر أعلى.

ومثل ذلك الجوال؛ الذي يتجدد بصورة عجيبة، وبإمكانيات خيالية، لربّما لا يستطيع المستخدم له أن يستفيد من كلّ إمكانياته، وعند البعض يُعتَبَر الجوال جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية والمستقبلية، ففيه كلّ البحوث والخطط والحسابات، على المستوى الفردي والمؤسسي، المعلن والمخفي.

ولكن ألا نلاحظ أنّه على الرغم من حجم هذه المتغيرات؛ التي بلا شك فيها نسبة كبيرة من الفائدة للمرء، إلا أن بعض العيوب الخفية تسللت إلى حياتنا، بشكل غير متوقع؟!.

أو بمعنى آخر: ألم نشعر أننا إزاء أي محاولة جديدة للتطور نجد أنفسنا معرضين لبعض المخاطر؟.

أوليس عالم الإيميلات لا يخلو من بعض الرسائل التي تحمل أفكاراً وصوراً سيئة، تخدش الذوق والأدب، وهي مُرسَلة بطريقة عشوائية؟!.

أوليس عالم الجوال كذلك، وعلى الرغم من حفاظ البعض على كلّ ما يُسجل فيه، إلا أنّ بعض الرسائل التي تخترق الحجب تبعث كلّ ما يسيء إلى القلب والروح؟.

وأنّها قد تنسي المرء الرقابة الربانية، وحفظ الملائكة، وربّما يغيب عن باله أن عيوب الحرام تتكشف ولو بعد حين، وأنا شخصيّاً أصبحت لا آنس مع بعض الأصدقاء؛ الذين قلَّت في قلبي هيبتهم، وعندي أن سبب ذلك هو كثرة الخلطة، وزيادة الشبهة!.

واليوم – في عصر (اليوتيوب) – صار العالم كله بين يدي الإنسان، يقلبه باختياره كما يشاء، وينتقل بين الصور والمشاهد، ويستطيع أن يتابع كلّ ما فاته قبل عقود من الزمان أو قبل دقائق معدودة، طيباً كان أم خبيثاً!.

ويبقى السؤال: وماذا بعد هذا التطور؟، هل سيُسخّر الخير أم في الشر؟.

وهل – يا ترى – سيمتدُّ هذا التطور إلى أن يكون أداة الإدمان؟!.

أتمنّى من كلّ شاب وشابة أن ينظر إلى الأمر بشيء من العقلانية والهدوء، وأن يوازن بين ما يشاهده في مثل برامج (اليوتيوب) وغيرها، وبين بقية البرامج الحياتية؛ التي هو بحاجة لها.

وبقدر وعي الإنسان، وشغل وقته في أعمال متنوعة ومفيدة، تعتاد النفس على التوازن في مقابل المتغيرات.

ومثال سريع على تصوُّر المسألة: الطالب المتخرج من الثانوية، وهو يحمل في قلبه الإيمان، ويسعى في الخير، ويتمسك بالفضيلة، لو سافر إلى بلاد الغرب لبعثة أو مهمة ما، وهو يسمع ويعرف ما يمكن أن يشاهده أو يلقاه في أيامه، فإنّه في الغالب يبقى على نفس أدائه وعطائه الإيماني والدعوي في تلك البلاد، على الرغم من بعض ما يصيبه من أخطاء، هي من باب اللمم، وهذا شاهدناه وعاصرناه كثيراً.

فالانفتاح ليس شرطاً أن يكون باباً للشر يصعب سدّه.

وهكذا ينبغي أن نتعامل مع مثل هذه البرامج الجديدة (اليوتيوب)، بكل توازن، وألا ننفتح عليها بكل كبير، فنُصدم، أو نُعاق بتأثيراتها، وأن نحرص دوماً على أن نستخدم كلّ وسيلة نافعة لصالح مشاريعنا الخيرية والدعوية، في التطوير والتأثير.

أسأل الله أن يحمينا وإياكم وشباب المسلمين من كلّ شر، وأن يوفقنا للفائدة من كلّ خير.►

 

*رئيس منظمة فور شباب العالمية


المصدر: كتاب قلبي يحدِّثكم

ارسال التعليق

Top