• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إختيار الصديق المناسب

مصطفى سالم

إختيار الصديق المناسب
◄للصديق أثر بالغ في حياة صديقه وتكييفه فكرياً وأخلاقياً لما هو المعروف من أنّ الإنسان مطبوع على سرعة التأثر والإنفعال بالقرناء والأصدقاء فالصديق الصالح رائد خير وداعية يهدي إلى الرشد والصلاح، كما إنّ الصديق الفاسد رائد شر وداعية ضلال يقود إلى البغي والفساد وينبغي أن تتوفر في الصديق المثالي مجموعة من الصفات نذكر أهمها: الصفة الأولى: أن يكون عاقلاً لبيباً، مبرءاً من الحمق؛ فأنّ الأحمق ذميم العشرة كما وصفه أمير المؤمنين (ع) بقوله: "أما الأحماق ربما أراد منفعتك فضرك، فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه". الصفة الثانية: أن يكون متحلياً بالإيمان والصلاح وحسن الخلق؛ فإن لم يتصف بذلك كان تافهاً منحرفاً. قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا) (الفرقان/ 27-28). الصفة الثالثة: أن تتوفر صفة التجاوب العاطفي وتبادل المحبة بين الصديقين، لأن ذلك أثبت للمودة وأوثق لعرى الأخاء، فان تلاشت في أحدهما نوازع الخلة والحب، ضعفت علاقة الصداقة. الصفة الرابعة: أن يكون الصديق وفياً فربما تجد من حولك الكثير من الأصدقاء لكنك لا تجد منهم واحداً يفي لك بحقوق الصداقة.  

                 

-        إمتحان الأصدقاء: توجد ستة موارد يمكن من خلالها إمتحان الأصدقاء لإثبات صدقهم ووفائهم: 1-    الإمتحان الروحي: فإنّ التآلف بين الأصدقاء يبدأ من التآلف الروحي بين روحيهما. 2-    الإمتحان عند الحاجة: فعليك أن تجرب صديقك الذي معك عند الحاجة وعليك أن تلحظ كيفية تصرفه؛ فهل سيعطي حاجتك عند نفسه ويهتم بها أو إنّه سيتخاذل وينسحب؟ ومن المعروف إنّ الناس ينقسمون إلى قسمين: الأول: الذين يقضون حاجات الناس ومن دون أن يكونوا مستعدين للتضحية في سبيل ذلك وإنما بمقدار ما تيسر لهم من الأمر. الثاني: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة كما عبر القرآن الكريم. ونحن لا نطلب في الصديق أن يكون دائماً من النوع الثاني وإن كان هو الغاية المنشودة لكن إن لم يكن النوع الثاني فلا أقل النوع الأوّل. إذا كان الصديق يرفض الوقوف معك عند الحاجة، فهذا يعني إنّه قد فشل في الامتحان. 3-    الإمتحان في حبه للتقرب إليك: من الأمور التي يمتحن فيها الصديق، مسألة حبه للتقرب من صديقه. يختار كلام حبيبه على كلام غيره، يختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره ويختار رضا حبيبه على رضا غيره كما قال رسول الله (ص). 4-    الإمتحان في الشدائد: فالصديق الجيِّد هو الذي يكون معك حينما تكون في شدة ويصدقك حينما يكذبك الآخرون. 5-    الإمتحان في حالة الغضب: لأنّ كل إنسان يظهر على حقيقته في حالة الغضب فيبدو للآخرين في صورته الواقعية ويقول حينئذ ما يفكر به لا ما يتظاهر به. فقد يكون هناك إنسان يجاملك ويقدم لك المحبة في كل وقت فإذا اغضبته قال الحقيقة التي طالما سترها عنك. جاء في الحديث الشريف: "إذا أردت أن تعلم صحة ما عند أخيك فأغضبه، فان ثبت لك على المودة فهو أخوك وإلا فلا". 6-    الإمتحان في السفر: ففي السفر يخلع الإنسان عن نفسه ثياب التكلف فيتصرف بطبيعته ويعمل كما يفكر ومن هنا فإنك تستطيع أن تمتحنه بسهولة. 7-    فاختبره بثلاث خصال: حين تغضبه فتنظر غضبه، أيخرجه من حق إلى باطل؟ وحين تسافر معه وحين تختبره بالدينار والدرهم. ويجدر بنا جميعاً أن نجعل هذه الطرق وسيلتنا للتعرف على الأصدقاء الجيدين كما إن علينا عند التعرض للإمتحان في أمثالها أن نسعى كي نكون جديرين بأن يصادقنا الآخرون فنخرج من الإمتحان مرفوعي الرأس عند الله وعند الأصدقاء.►

ارسال التعليق

Top