• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الأبعاد التربوية لشهر رمضان المبارك

عمار كاظم

الأبعاد التربوية لشهر رمضان المبارك

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة/ 185). يبدأ المسلمون في شتى أصقاع الأرض هذه الأيام صوم شهر رمضان المبارك الذي أوجب الله عليهم صيامه، كما تبيّنه الآية المباركة، ويبدأون بذلك فترة طاعة متميزة عن بقية أيام العام. فشهر رمضان شهر عبادة وتربية من يومه الأوّل. ولا تقتصر آداب الشهر على الحضور الجماعي المتمثل بالاستهلال، وإنّما تشمل طرق التواصل من أجل تحقيق التضامن الإسلامي، ففي الحديث الشريف: "مَن فطّر صائماً فله مثل أجره". وقد اعتاد المسلمون قراءة القرآن خلال هذا الشهر في مجموعات كبيرة أو صغيرة، واعتادوا التزاور وإفطار بعضهم البعض تطبيقاً للحديث الشريف، كما اعتادوا قراءة الدعاء في مجموعات والتهجد والتبتل في المساجد كلّ يوم. وكلّ هذه المظاهر تعكس حرص الإسلام على تحقيق الحالة الجماعية للعبادة التي قد تبدو فردية في طابعها لكنّها على العكس تماماً. وحدوث العبادة العبادية المتميزة في الشهر تؤكد حضور الأُمّة في الميدان، كما تؤكد فضل هذا الشهر المبارك عند الله. ففي الحديث الشريف: "مَن لم يغفر له في شهر رمضان، لم يغفر له إلى قابل الّا أن يشهد عرفة". هذه الحالة الروحية التي تجعل المسلم يحلّق في عالم الملكوت مقدّمة لتحوّله بقوة إلى إنسان مطيع لربّه مرتبط بأُمّته، متطلع لعفو ربّه. ولقد حدد الإسلام آداباً عامّة للصوم، تجعل إقدام المرء على عمل معصية أمراً صعباً، إلّا أن يغمض عينيه ويصم أذنيه عن معرفة ما يريد الله على صعيد السلوك والتعامل. ففي الحديث إنّ "مَن صام صامت جوارحه"، وصوم الجوارح عن المحرمات مفهوم عام يشمل الامتناع عن كلّ المحرمات كالسرقة وإيذاء الناس والقول البذيء والاستماع لما حرّم الله والأكل من الحرام. فتكون الحالة العامّة مملوءة بمظاهر التعبد والخشوع والطاعة. إنّ المطلوب من المؤمنين وهم يستقبلون شهر رمضان المبارك أن يؤكدوا الحالة الإسلامية الملتزمة في المجتمع. فيعملوا على تكريسها بتشجيع الحضور الجماعي في المساجد وأماكن التجمع، وأن يؤكدوا على صلاة الجماعة في أوقاتها وقراءة القرآن والدعاء في أوقات الفراغ، وباختصار أن يعطوا لشهر الصوم حقّه من مظاهر العبادة واحترام المقدسات بحلول هذا الشهر المبارك وندعو الله العليّ القدير أن يجعله شهر عزّ وكرامة للمسلمين وشهر انتصارات على جبهات الصراع المستمر بين الحقّ والباطل.

ارسال التعليق

Top