• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الأسس النفسية للتوجيه التربوي

محمد حاوي

الأسس النفسية للتوجيه التربوي
◄يحدّد التكوين النفسي للفرد، سواء من ناحية قدراته واستعداداته أو من ناحية ميوله المهنية أو قيمه أو شخصيته، وكذلك تحدّد أسرته وبيئته الاجتماعية الدور الذي يقوم به التوجيه التربوي. ويرجع ذلك إلى أنّ التوجيه هو تلك العملية التي تساعد الفرد على أن يحقِّق ذاته كما يتصورها، وكما نمت وتطورت وتحدّدت بها العوامل المختلفة. والفرد ينمو تربوياً ومهنياً كما ينمو انفعالياً واجتماعياً، بالإضافة إلى أنّ ماضي الفرد وحاضره يسهمان في تكوين شخصيته، ولذا لا يمكن أن يقوم التوجيه إلّا على أساس النظر بعين الاعتبار لهذه النواحي: القدرات والاستعدادات، والميول والشخصية.

 

أوّلاً: القدرات والاستعدادات:

تعتبر القدرات والاستعدادات من أهم جوانب الشخص التي يقوم عليها التوجيه التربوي والمهني، حيث إنّ النجاح في الدراسة والعمل إنما يقوم أوّلاً على أساس من قدرات الفرد واستعداداته لمتابعة دراسة ما أو للقيام بعمل من الأعمال. والواقع أنّ التوجيه اهتم بالقدرات العقلية والسمات الشخصية أكثر من اهتمامه بدوافع السلوك وطرق اكتساب العادات والمهارات وأساليب التكيُّف.

ويتضح هذا في عدد البحوث التي أجريت على القدرة والاستعدادات سواء من ناحية الفرد أو الدراسة أو العمل، وكذلك فيما يتعلق بصفات الشخصية وخصائصها. ومن الضروري تحديد معنى القدرة العقلية والاستعداد والمصطلحات العلمية المرتبطة بها قبل مناقشة علاقة القدرات والاستعدادات بالتوجيه. وفيما يلي تعريف مبسط لهذه الجوانب:

1-    القدرة:

هي القوّة الفعلية على الأداء التي يصل إليها الإنسان عن طريق التدريب أو بدونه. ويشير هذا التعريف إلى أنّ القدرة هي قوّة الإنسان الحالية للقيام بعمل ما إذا توافرت له الظروف الخارجية اللازمة.

وهي تطلق كذلك على مجموعة من الأداءات أو الانجازات التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عالياً وتتمايز إلى حدٍّ ما عن المجموعات الأُخرى من الأداءات. ومن أمثلة ذلك القدرة على حلّ المسائل الحسابية، أو تجميع أجزاء آلة من الآلات، أو القدرة على قراءة الخرائط، أو غير ذلك ممّا يقوم به الفرد في مجال الدراسة والعمل.

2-    الاستعداد:

يقصد به إمكانية الوصول إلى درجة من الكفاية أو القدرة عن طريق التدريب، سواء أكان هذا التدريب مقصوداً أو غير مقصود. ولا يعني هذا بساطة الاستعداد فقد يكون معقداً، أي يمكن ردّه إلى عوامل مختلفة. ويمكن تعريف الاستعداد بأنّه السرعة المتوقعة للتعلُّم في ناحية من النواحي. ومن أمثلة الاستعدادات الاستعداد الميكانيكي، أي القدرة على تعلُّم الأعمال الميكانيكية إذا توافر التدريب اللازم.

3-    المهارة:

هي القدرة على القيام بالأعمال الحركية المعقدة بسهولة ودقة، مع القدرة على تكييف الأداء للظروف المتغيرة. مثال ذلك المهارة في قيادة السيارات.

4-    الكفاية:

هي القدرة على القيام بالأعمال التي تتطلبها مهنة من المهن، أي أنّها القدرة على ممارسة الأعمال التي تتطلبها وظيفة من الوظائف، مثل الكفاية في إدارة آلة من الآلات.

5-    المقدرة:

هي أقصى قدرة للإنسان يستطيع أن يصل إليها مع أفضل تدريب ممكن، مثل المقدرة الأدبية.

6-    الموهبة:

هي أقصى درجات الاستعدادات أو القدرة، مثل الموهبة الموسيقية، ويلاحظ أنّ المصطلحين الأخيرين غير محددين بصورة دقيقة. ومن هذا العرض لمعاني المصطلحين يمكن القول بأنّ أداء الإنسان سواء أكان عقلياً أو حركياً هو "قدرة" إذا نظرنا إليه كما هو، "واستعداد" إذا نظرنا إليه على أنّه إمكانية الوصول إلى درجة معينة من القدرة، وإذا انصب على ناحية حركية فهو "مهارة"، وإذا ارتبط بغيره من الأداءات الأخرى بمعنى أنّه من مستلزمات مهنة معينة فهو "كفاية"، أمّا إذا اصطحب بأفضل تدريب ممكن فهو "مقدرة" وإذا وصل إلى مستوى عالٍ فهو "موهبة".

وإذا ما تناولنا الاستعداد بشيءٍ من التفصيل، فإنّنا نجد أنّه تكوين أو تركيب يشير إلى مجموع الخصائص التي تميز سلوك الفرد في مواقف متشابهة، بالإشارة إلى قدرته على مواجهة بعض المواقف المعينة أو حلّ بعض المشكلات التي تواجهه في المستقبل. فإذا ما قلنا إنّ لدى الفرد استعداداً ميكانيكياً، فإنّ هذا يعني أنّ عنده القدرة على اكتساب أساليب السلوك المختلفة التي يتطلبها النجاح في الأعمال التي يطلق عليها اسم (أعمال ميكانيكية). وعلى ذلك فإنّ اختبارات الاستعدادات إنما تقيس أساليب الأداء الحالية، وهي بهذا تحدّد قدرته على تعلُّم نوع من أنواع النشاط تحت ظروف معينة نطلق عليها عادة "التدريب".►

 

المصدر: كتاب التوجيه التربوي للمراهق وأثره على علاقته بأسرته

ارسال التعليق

Top