• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التفاؤل.. شعار النجاح

عبدالله أحمد اليوسف

التفاؤل.. شعار النجاح

◄التفاؤل من الصفات الرئيسة لأي شخصية ناجحة، لأنّه يزرع الأمل، ويعمّق الثقة بالنفس، ويحفّز على النشاط والعمل، وهذه كلها عناصر لا غنى عنها لتحقيق النجاح.

ويعتبر التفاؤل تعبيراً صادقاً عن الرؤية الإيجابية للحياة، فالمتفائل ينظر للحياة بأمل، وإيجابية، للحاضر، والمستقبل، وأيضاً للماضي حيث الدروس والعبر.

ورغم كلّ التحديات والمصاعب التي يواجهها الإنسان في الحياة، فإنّه لابدّ وأن ينتصر الأمل على اليأس، والتفاؤل على التشاؤم، والرجاء على القنوط... تماماً كانتصار الشمس على الظلام!

 

تفاؤلوا بالخير تجدوه:

هكذا تحدث رسول الإسلام محمّد بن عبدالله (ص): "تفاءلوا بالخير تجدوه" وما أروعها من كلمة! وما أعظمها من عبارة!!

إنّها كلمة تلخص نتائج التفاؤل، فالمتفائل بالخير لابدّ وأن يجده في نهاية الطريق لأنّ التفاؤل يدفع بالإنسان نحو العطاء، نحو التقدم، نحو النجاح.

إنّ التفاؤل يعني الأمل، يعني الإيجابية، يعني الاتزان، يعني التعقل.. يعني كلّ ما في قائمة الخير من ألفاظ تنطق بمفهوم التفاؤل.

إذن... التفاؤل شعار النجاح!

"فما من بطل، ولا من عظيم ولا من شهير حفظ التاريخ اسمه، أو نال منصباً رفيعاً، وقدراً مرموقاً، إلّا وكان يملك شخصية قوية عاتية، ونفسية سامية متماسكة مكينة.

ارجع إلى تاريخ هؤلاء العظماء والأبطال، واقرأ سيرهم، وتأمل وجوههم في الصور، تقع على جانب قوي واضح يطل من شخصياتهم، ويشيع في حياتهم، ويستحوذ على كيانهم هو "يقينهم بالنجاح" وإيمانهم الراسخ العظيم بأنفسهم ومقدرتهم، فهم على أتم ما تكون العافية الأخلاقية.

والعافية الأخلاقية تتكون وتصان، كما تتكون صحة البدن وتصان، وفق قواعد خاصة، وسيراً على مناهج خاصة، وتمرّساً بتمارين معينة.

وأوّل ما يجب عليك، لتحصيل العافية الأخلاقية، أن تكون متفائلاً عن وعي وفهم.

والتفاؤل لكي يصل بك إلى شاطئ السعادة والنجاح، لابدّ وأن يقترن بالجدية والعمل، وبمزيد من السعي والفاعلية، وإلّا إذا كان التفاؤل مجرّد أمنيات وأحلام بدون أي عمل، فلابدّ وأن تكون النتيجة محزنة وللأسف!

إنني أقول لك بكل إخلاص:

تفاءل.. فرغم وجود الشر هناك الخير...!

تفاءل.. فرغم وجود المشاكل هناك الحل...!

تفاءل... فرغم وجود الفشل هناك النجاح...!

 

السلبيون في الميزان:

المتشائمون عادة ما يتصفون بالسلبية، فهم دائماً ينظرون للأمور نظرة سلبية، ويفسرون كلّ شيء بالسلبية، وينظرون للحياة ككل من الزاوية السلبية، فهم سلبيون في كل شيء، ومن أي شيء، ولأي شيء..!

هؤلاء المتشائمون موجودون في كلّ مكان، وفي كلّ زمان، يبثون أفكارهم السوداء، ويفلسفون نظرتهم السلبية للحياة بطريقة سفسطائية، فتراهم يحولون الإيجابيات إلى سلبيات، والخير إلى شر، والحسنات إلى سيئات وكأنّه لم يعد في الدنيا أي خير، أو أي أمل، أو أي جمال..!

إنّ هذه الرؤية القاتمة للحياة تجعل النفس مثقلة بالهموم والأحزان، بل والانهيار النفسي والعصبي.. وفي هذا الصدد يقول الشافعي في أبيات جميلة:

سَهِرَتْ أعينٌ ونامتْ عيونُ *** في أمور تكونُ أو لا تكونُ

فادْرَأ الهمَّ ما استطعتَ عن النفسِ *** فحملانُكَ الهمومَ جنُونُ

إنّ ربّاً كفاكَ بالأمسِ ما كانَ *** سيكفيك في غدٍ ما يكونُ

"إنّ علماء النفس يعتبرون أنّ التشاؤم وليد جهل الإنسان وليس خطراً حقيقياً، أو آفة واقعية، إنّهم يقولون: إنّه عبارة عن إيحاء مؤلم يؤدي إلى إضعاف الروح، ويسيطر على قلب المعتقد به وفكره".

ونتساءل نحن بدورنا: ماذا سيجني المتشائم من تشاؤمه؟!

والجواب: سيجني مزيداً من الأمراض النفسية بل والعضوية، ومزيداً من الإحباط، ومزيداً من الفشل، ومزيداً من الأفكار السوداء...!

يا تُرى.. أليس من الأفضل أن نتفاءل...؟!

 

التشاؤم يسبب السكتة القلبية!!

يقول الدكتور "نجيب الكيلاني": "لقد قرأت أخيراً كلمات لكاتب عربي مرموق يعاني من مرض القلب، حين سأل طبيبه الإنجليزي عن أسرار القلب كعضلة، ولماذا يموت إنسان خرج من الفحص بعد ساعة واحدة، وبعد أن أثبتت جميع التحاليل المختبرية والرسومات وغيرها من أنواع التشخيص، أنّ قلبه سليم مائة في المائة، كيف تصيبه السكتة القلبية بعد ذلك كلّه بساعة واحدة؟ وأخذ الطبيب يبدي فيما يتعرّض له الإنسان من ضغوط الحياة وتوتراتها ومنغصاتها، وأثر ذلك كله على القلب وحدوث الموت المفاجئ.. فسأله الكاتب:

وما هو العلاج لذلك؟

قال الطبيب الإنجليزي:

التفاؤل..!

ردّ الكاتب:

وفي أي صيدلية أجده؟!

"...... !".

لم يقل الطبيب شيئاً، ولعلّ الكاتب لجأ إلى وضع تلك النقط مكان الإجابة لغاية في نفسه.

إنّ التفاؤل لا يمكن أن نبحث عنه في صيدلية أو في خزانة بنك أو بورصة للأسهم والأوراق المالية.. إنّه أقرب مما نتصور.. هنا في قلب الإنسان وعقله.. إنّه يسكن وينمو ويترعرع في داخلنا، ولابدّ أن نؤمن بذلك لأنّه الحقيقة.

إنّ التفاؤل ليس مجرد مخدر للأعصاب أو مهدّئ لتوتراتها ولكنه في الحقيقة الحركة البدنية والروحية والنفسية.

إنّ الشيء الذي لم يعرفه الدكتور الإنجليزي هو قدرة الإيمان بالله على خلق النفس المطمئنة، النفس السليمة من الأمراض النفسية والروحية، فالإيمان هو وحده القادر على بعث روح الطمأنينة والسعادة والتفاؤل في قلب الإنسان وعقله، كما قال تعالى في كتابه المجيد: (مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التغابن/ 11).

والتفاؤل من أهم قواعد النجاح، وذلك لما للتفاؤل من دور في تفجير الطاقات، وبعث الهمم، وتقوية الإرادة، والثقة بالمستقبل.

وأخيراً تذكر قول الرسول (ص): "تفاءلوا بالخير تجدوه"، ولا تنسَ هذه القاعدة (كن متفائلاً دائماً).►

 

المصدر: كتاب الشخصية الناجحة

ارسال التعليق

Top