• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الدستور الأخلاقي للشباب

يوسف ميخائيل أسعد

الدستور الأخلاقي للشباب

◄ما أحوج الشباب إلى دستور أخلاقي ينهجون وفقه في تعاملهم مع الآخرين وفي موقفهم من أنفسهم بحيث يكون نابعاً من صميم حاضرهم، ومعبراً عن حاجاتهم، وآخذاً في اعتباره المشكلات الحضارية الكثيرة التي تعترض طريقهم. إنّ هذا ما نعرض له في بنود محددة على النحو التالي:

"ليكن سلوكي معبّراً عن جوهر شخصيتي، بحيث لا يكون هناك تناقض بين ظاهرية السلوك وبين باطنيته". وسبيل ذلك أن يدأب المرء على إزالة التناقضات من حياته الشخصية.

"فلأتعلّم كيف أختار من بين أشياء أو بدائل كثيرة": فالحياة أمامنا خصبة رحبة، وحياة كلّ منا هي حياته وليست حياة غيره. ويجب أن نرنو إلى أن يكون اختيارنا في أيدينا وليس في أيدي الآخرين.

"يجب أن استمر في اكتشاف ذاتي في تفتحها المستمر": فأنت لا تستطيع أن تكشف عن أغوار ذاتك دفعة واحدة. إنّك اليوم غيرك بالأمس. وأنت اليوم غيرك غداً. فشخصيتك بمثابة مجموعة هائلة من التفاعلات المعقدة والمتشابكة. وكلما مرّ عليك يوم تكون شخصيتك المركبة قد أفضت فيه إلى خصائص جديدة تصير بحاجة إلى تفاعلات جديدة. فعليك باستمرار الاكتشاف حتى تستطيع رؤية الطريق أمامك.

"يجب عليَّ أن أفهم العالم من حولي واستمر في تفهمه". فما يقال عن شخصيتك، يقال أيضاً عن العالم من حولك. إنّ الوجود – وبخاصة الحضارة الإنسانية – في تغير وتدفق مستمرين. فعليك بالوقوف على الخطوط العريضة فيما يدور حولك حتى لا تضحى غريباً عن واقعك البيئي الاجتماعي. عليك أن تظل دائماً طافياً فوق الواقع، وإلّا غمرك ذلك الواقع وأغرقك في باطنه فلا ترى شيئاً من حولك.

"لابدّ إذن من الاستمرار في تحصيل الخبرات". ذلك أنّ الخبرة هي النتائج السلوكية المترتبة على ما يدركه الفرد أو يتمرس به. والتوقف عن اكتساب الخبرات الجديدة معناه الذبول السلوكي المفضي إلى ضمور الشخصية.

"لابدّ من الدأب على استخدام خبراتي في مواقف الحياة، لأنّ التوقف عن استخدام الخبرة يؤدي إلى ذبولها". فإذا نحن عمدنا إلى استخدام خبراتنا التي حصلنا عليها بصفة مستمرة وفي مواقف متعددة ومن زوايا كثيرة فإنّها تظل ملكاً لنا. أما إذا نحن أهملنا استخدامها فإنّها سوف تفلت منا وتبعد عن نطاق سيطرتنا.

"يجب أن أحافظ على مرونة شخصيتي بحيث استطيع تعديل سلوكي كلما اقتضى نسق حياتي ذلك. فكما أنّ الجسم يجب أن يتسم بالمرونة حتى يكون أكثر كفاءة في أداء الحركات المطلوبة منه في المواقف المختلفة، كذلك يجب أن أكون قادراً على تعديل سلوكي بمرونة حتى أكون أكثر قدرة على التوافق مع المجتمع". والمرونة في السلوك تختلف عن التلون والنفاق. فالمنافق ضيق الأفق، لأنّه لا يريد إلّا إرضاء شخص أو أشخاص معينين. أما صاحب السلوك المرن فإنّه شخصية واسعة الأفق، رحبة التفكير، إذ أنّه يقدم على تعديل سلوكه بفكر واضح وفي ضوء اعتبارات موضوعية واقعية وجيهة.

"يجب أن أتقن ما يسند إليَّ من مسؤوليات، وأن أجهز طاقة كافية لكلّ عملية اضطلع بها. ولكي أحقق هذا الاتقان في حياتي العملية، يجب أن أتفهم المسؤولية المنوطة بي تفهماً جيداً، ثم أمرّن نفسي على العمليات التي تتضمنها، ثمّ أصحح الأخطاء التي أقع فيها، ثمّ آخذ عن الآخرين خبراتهم في هذا المجال، وأن اكون صريحاً مع نفسي جريئاً في تقويمها وتعديل مسارها، وأن أكون مستعداً لبذل مزيد من الجهد كلما تطلّب الموقف ذلك".

"في حالات الفشل، يجب ألا استسلم لليأس، بل يجب أن أوظف إحساسي بالأسف في إثارة كوامن فكري للوقوف على أسباب الفشل ووضع خطة جديدة لإحراز النجاح في المستقبل".

"يجب ألا أكون خاضعاً عقلياً أو نفسياً لسلطة الآخرين، بل يجب أن تكون طاعتي للكبار والرؤساء طاعة المتبصر الحرّ، وليست طاعة الأعمى العبد. ذلك أنّ الشخصية القوية لا تخضع للإيحاء بسهولة ولا تقبل الذوبان في شخصية الغير.►

 

المصدر: كتاب شخصيتك بين يديك

ارسال التعليق

Top