• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الموسم الإيماني العبادي

عمار كاظم

الموسم الإيماني العبادي

شهر رمضان هو شهر التعبّد والطاعة والتقرّب إلى الله بالأعمال الصالحة والخيرات المقبولة فلا ينبغي أن يستهلك الوقت في الأمور التي تضيّع وقت الإنسان وعمره. فالمفترض أن يكون هذا الشهرُ شهرَ عبادة خالصة لله، وموسماً إيمانياً استثنائياً يتسوق الناس فيه من قيم الأخلاق والفكر الرسالي والمعارف الربانية وكلّ ما يقرّب إلى رضوان الله وتحصيل الآخرة السعيدة لا أن يهدر في الأشياء التي تبعد المؤمن عن الله وتضيّع عليه فرص الطاعة والعبادة في هذا الشهر المبارك. هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الاجتماعي فينبغي أن لا تقلّ فيه حرمة الشهر وإجلاله عن الجانب الفردي حيث يلزم إعطاؤه الهيبة والتعظيم في المجتمع بعدم المجاهرة في الإفطار، أو المجاهرة في انتهاك حرمات الإسلام، سواء بالأقوال أو الأفعال أو التصرفات اللاإسلامية. ينبغي على كلّ مسلم ينتسب للإسلام أن يراعي حرمة ربّه وحرمة دينه وحرمة الصائمين والمتعبّدين والأخيار في هذا الشهر ولا يتجاوز حدودَ حقوقهم وعبادتهم بالتجاهر بالإفطار وفعل المنكرات والمحرّمات التي تستفزّهم وتهتك قيمهم وشعائرهم الدينية، فلا ينبغي الغفلة عن مراعاة حرمة الشهر الفردية والاجتماعية فإنّ ذلك ممّا يتيح للشهر أن يؤدّي دوره التربوي في تربية الفرد والأُمّة فيكون سبباً لنزول بركات الله ورحمته وفضله (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا) (الأعراف/ 58). فالمطلب المهم في هذا الشهر المبارك، هو إعطاؤه الهيبة والتعظيم في النفوس باستثمار الوقت فيه بأفضل استثمار وأربح استثمار. يحتاج المسلم إلى الهمة العالية التي تدفعه إلى الإفادة من رمضان وما فيه من خير عميم، وثواب جزيل.

وللصيام فوائد اجتماعية منها شعور الناس بأنّهم أُمّة واحدة يأكلون في وقت واحد، ويصومون في وقت واحد، ويشعر الغني بنعمة الله ويعطف على الفقير، ويقلل من مزالق الشيطان لابن آدم، وفيه تقوى الله، وتقوى الله تقوي الأواصر بين أفراد المجتمع. وينبغي للصائم أن يكثر من الطاعات، ويجتنب جميع المنهيات، ويجب عليه المحافظة على الواجبات والبعد عن المحرمات، فيصلي الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، ويترك الكذب والغيبة والغش والمعاملات الربوية، وكلّ قول أو فعل محرم، قال النبي (ص): "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه". ولابدّ أن يكون للمسلم شأن وصحبة مع كتاب الله تعالى خاصة في شهر القرآن.

ويستحب للمسلم أن يكثر من قراءة القرآن في رمضان ويحرص على ختمه، لكن لا يجب ذلك عليه، بمعنى أنّه إن لم يختم القرآن فلا يأثم، لكنه قوّت على نفسه أجوراً كثيرة. فرمضان المبارك هو الفرصة السنوية التي لابدّ منها لغسل الذنوب والآثام، وللإنتصار على الملذات، وللشعور بالجوع الذي يُذكر بجوع يوم القيامة، وبالعطش الذي يُذكر بالعطش الأكبر، فحقيقة هذه المشقة الكبيرة إنها "الصوم الصغير" الذي يدفع بالإنسان نحو جو جديد من المناعة الأخلاقية والشرعية وحتى الصحية ليصل الإنسان إلى جو تكبر فيه هذه المناعة وتتعاظم فيحدث عنده ما يُصطلح على تسميته "بالصوم الكبير" وهو الهدف الأساسي للصوم.

ارسال التعليق

Top