• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الهاتف المحمول.. إلى أين سيقودنا؟

الهاتف المحمول.. إلى أين سيقودنا؟

فرحنا به كثيراً حين بدأنا إستخدامه قبل عدة سنوات وكان منتهى طموحاتنا أن يكون هاتفنا المحمول وسيلة تمكننا من التواصل مع أهلنا ومكاتبنا على مدار الساعة.
سارت الأمور كما أحببنا، ولكن عجلة التطور وتسخير التقنية جاءت بسرعات كبيرة ومتلاحقة فاقت توقعاتنا. كانت البداية إضافة الكاميرات، ثم الاتصال بالشبكة العنكبوتية لقراءة رسائل البريد الإلكتروني وغيرها .
اليوم نحن لا نضع في جيوبنا هواتف محمولة وإنما آلة سحرية متعددة الإستخدامات ولها شأن في كل صغيرة وكبيرة من مناحي حياتنا اليومية ؛ فعن طريقها نحدد القبلة، نعرف أوقات الصلوات في كل مكان، نستعلم عن حالة الطقس، نحجز مقاعد الطيران، نستدل على عناوين المنازل، نبيع ونشتري الأسهم نقرأ الصحف والمجلات والكتب بكاملها، ونستعلم عن كل شيء. السؤال الآن أين ستقودنا هذه التقنية؟ ، وهل سنضع أيدينا في جيوبنا كلما احتجنا إلى شيء بدلاً من الحوار والطلب من بني البشر؟ آخر الابتكارات الهاتفية تتحدث عن رقائق توضع داخل الأجهزة المحمولة يمكن استخدامها في مشاهدة ما هو داخل الجدران والقواطع سواء كانت خشبية أو إسمنتية أو غيرها. بمعنى آخر إذا أردت أن تدق مسماراً في جدار وخشيت أن يكون في داخل الجدار حاجز حديدي أو سلك كهربائي فما عليك سوى أن تمرر هاتفك على هذا الجدار لترى ما بداخله. إذا وصلنا إلى هذه الدرجة من التقنية فما الذي سيمنع أن يكون جهاز الهاتف مزوداً بخاصية الأشعة التي تشاهد من خلالها ما وراء الجدران وهنا ستكون الكارثة ولكن لا أعتقد أن الجهات المنتجة لهذه الأجهزة ستدعم مثل هذه التقنية وتتيحها للعامة لوجود اعتبارات كثيرة تتعلق بالخصوصية وغيرها.
مع ازدياد تقنيات الهواتف المحمولة وتشعبها هل سيكون ارتباطنا في المستقبل بهذه الأجهزة أوثق وأقوى ونكون رهينة لما توفره لنا من استخدامات؟ أعتقد أن الأمر سيكون كذلك، وقد يأتي يوم نبدأ فيه صباحنا بالطلب من هذه الأجهزة القيام بجزءٍ كبيرٍ من مهامنا، والتواصل وإعطاء الأوامر لأجهزة أخرى، ويبقى كل ما علينا عمله هو النظر بين حين وآخر لهذه الأجهزة للتأكد من أنها تقوم بعملها وفق ما هو مطلوب منها وأن هناك استجابة من الأطراف ذات العلاقة.
اليوم نعاني من تفكك أسري داخل مجلس العائلة بسبب انشغال أفراد الأسرة بالنظر في أجهزتهم واستقبال وإرسال الرسائل، والدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي والخروج منها . غداً لن نتصل بأحد معارفنا أو عملائنا من بني البشر لنسلم عليهم ونطلب أو نعرض خدمة. سنحصل على إحتياجاتنا، حتى في منازلنا، بضغطة زر(موافق) أو (ابدأ) من أجهزتنا المحمولة ، وإلى أن يأتي ذلك اليوم بصورته الكاملة لا يزال الأمل معلقاً بحراكٍ إجتماعي وصرخة من الأعماق للحفاظ على ما بقي من أواصر الترابط والتعارف بين بني البشر في خضم غزو شرس من عوالم التقنية والاتصالات بمختلف أنواعها.

ارسال التعليق

Top