• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

رمضان أقْبِلْ

د. عدنان علي

رمضان أقْبِلْ
رمضان أقبل! لم تهفو إلى **** لُقياك أحْناءٌ تَحِنُّ وتُشفِقُ وتظلُّ أفئدةٌ تهيجُ لكي ترى **** في الأفق يَطلعُ نورك المتدفقُ ترنو لمطلعِكَ العيونُ! حنينُها **** أمل وشوق بين ذلك يخفق غلَبَ الأسى فينا وهاجَت أَضلعٌ **** بالذكريات وغابَ صُبحٌ مُشرقُ رمضانُ أقبِل! فالقلوب كليمةٌ **** والنفسُ بين أنينها تتمزّقُ انظر إلى الساحات! هل تلقى سوى **** جُثث مكوَّمة وطرفٍ يُطرقُ وهزائم تلو الهزائم! والقوا **** رِع والأسى موجٌ يَثور ويُحْدِقُ وزلازل ملءَ الدّيار كأنّها **** نُذُرٌ تشُدُّ على القلوب وتُطبِقُ والناس! ويحَ الناس في غَمَراتِهِم **** لهوٌ يُخدّرُهم وذُلٌّ يَطرَقُ وتُسدُّ أبوابُ المسالِكِ دونَهم **** قَدراً بما كسبوا وقهراً يَصعَقُ ***** رمضانُ! أحي الذكريات لعلَّنا **** يوماً نُفيق بها ويوماً نَسبقُ اقبِل ببَدر! والزحوف غنيّةً **** لله تصفو في الجهاد وَتَصْدُقُ وأعدْ لنا ذكرى الميادين التي **** خَفَقَتْ وجالَ بها الكماةُ السُّبَّقُ وأعد لنا ذكرى الملاحِم رفرَفَت **** راياتُها نصراً يُعزُّ ويخفِقُ كلُّ المواقع لم تزل ذِكرى لنا **** بِدَم يفوحُ المِسْكُ منه ويَعْبقُ رمضان! ويحي! كيف نلقاهُ وقد **** غلب الهوانُ بنا وغابَ المَنطِقُ ***** رمضانُ أقبِل! ذكريات النّصر لا **** تُمْحى! يُعيدُك مغربٌ أو مَشرقُ قد كنتَ يا رمضانُ شهر إباءة **** عِزّاً أجلَّ ورايةً لك تسمُقُ قد كنتَ شهرَ ملاحم ممتَدّة **** حقّاً يجولُ وآيةً لا تَخْلَق قَد كنتَ تشهَدُ أُمّةً موصولة **** صفّاً تُجَمِّعُهُ العُرا والموثِقُ واليوم قَد غلبَ الصّراعُ فَمُزِّقوا **** إرباً على أهوائهم وتفرّقوا أُغضي حَياءً إن بَدَتْ إطلالةٌ **** منه ونحنُ بنا الهوانُ المُزهِقُ ***** الدار! يا للدار! كانت ساحةً **** يُجلى بها مغنىً ورَوْضٌ مونِقُ أنّى التفتَّ زُهورُها فوّاحةٌ **** عَبَقاً ومِسْكٌ في الدّيار يُفَتَّقُ وتُمَدُّ أغصانٌ يَفيضُ عطاؤها **** نُعمى تطيبُ وكلُّ غصنٍ مورقُ واليومَ قد ذَبُلَتْ أزاهرنا وَجَفّـ **** ـت في الدّيار وغاض نبعٌ ريّقُ قد كنتَ يا رَمضان تُشْرق في ربى **** الأقصى هُدىً أغنى وحقّاً يَنطقُ واليومَ يمرَحُ في مرابعه اليهو **** دُ وحولَه صَمْتٌ هنالك مُطبقُ رِجْسٌ يَسودُ على الديار وفتنةٌ **** تعلو وسُلطانٌ يُذِلُّ ويَخنُقُ المسجدُ الأقصى! وطال إسارُهُ **** وأنينُه وحنينُه وتشوُّقُ ويكاد يصرَخُ ثمّ تُطوَى صيحَةٌ **** بين الصجيج وكلُّ دَرْبٍ مُغلَقُ ***** رمضان أقبل! كَي تُعيد لنا جَلا **** لَ شَهادةِ التَّوحيد نُوراً يُشرقُ لِتَضُمَّ آفاق الدّيار إذا نأت **** ودَنَتْ وطابَ جَمالُها المُتألّقُ واليوم تُقبلُ الدّيارُ كأنّها **** قِطَعٌ تناثَرُ في الفضاء وتُطلَقُ ويكادُ يَصْرَعُني الأسى خجلاً لِما **** نَلقى! أميلُ! أردُّ طرفي! أُطرِقُ انظُر إلى أُمم هناك تهيَّأت **** لك! قد أعدَّت كلَّ ما يتحقّق جمعوا أطاييب الطعام وأسرفوا **** ومَضوا إلى لهوٍ يضجّ ويُحْدق يُحيُون لَيْلَهُم بأفنانِ الهوى **** وإلى دواعي "الفنّ" حشدٌ أسبَقُ ومعَ النهار هُمُ الغفاةُ النائمو **** نَ وحَولَهمْ زَحْفُ العُداةِ المُطبقُ أين الذين مَضوا إذا جئتَهم **** هبَوا لملحمة تدورُ وصدَّقوا يحيون لَيْلَهُمُ بآيات الهُدى **** ومع النهار هم الأُباة السُّبَّقُ ***** قد كنت تُشرقُ في ربي الإسلام يَجْـ **** ـمَعُها الهدى ساحاً تجودُ وتُغْدقُ واليوم مُزّقَتِ الدّيارُ وقُطّعَتْ **** تلك الحبال وغاب عنها الرونَقُ أنّى التفتَّ اليوم تَلْقى أدمُعاً **** حَرّى تُصَبُّ على دمٍ يتدفّقُ تَلقَى الثَّكالى واليتَامى والأسى **** فَوْقَ الوُجوهِ تَغيبُ فيه وتُرْهَقُ وترى المجازرَ والعدا يتواثبوا **** ن على الدّيار وكلُّ وثْبٍ موبقُ وترى بني الإسلام يَقتُل بعضهم **** بعضاً ويُمعِنُ في العِداءِ ويُغرقُ وتَرَى عدوَّ المُسلمين مَهَيْمِناً **** يُلقي بأحْمالِ الهلاك ويُطلقُ مُتَربّصاً! متسلّلاً! فُتحت له **** جُل الثُّغور فجال فيها الفيلقُ وتراهُ صفّاًواحداً مُتماسكاً **** والمسلمون مَع الهَوان تفرَّقوا رمضان أقبِل! وامسحَنَّ من الأسى **** وأعِدْ لنا الأمَلَ الذي يتألَّق واغسل قلوب المسلمين وضع بها **** أملاً به تحيا القلوبُ وتخفقُ

ارسال التعليق

Top