• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

طرق طبيعية لمكافحة التعب

طرق طبيعية لمكافحة التعب
   ليس مستغرباً أن تتحوّل الشكوى اليومية من التعب إلى ظاهرة منتشرة في صفوف فئات كبيرة من الناس. فنمط حياتنا السريع يستنزف مخزوننا من الطاقة حتى قبل انقضاء ساعات العمل. كيف نعزز طاقاتنا ونطيل فترة تمتعنا بالنشاط والحيوية؟

من المعروف أن مستويات نشاط كلّ واحد منا تختلف باختلاف إيقاعات جسمه البيولوجية الطبيعية. فالبعض ينشط صباحاً، والبعض الآخر لا يمكنه أن ينجز أعمالاً مهمة إلا مساءً. ويصعب على الناس عادة تغيير نماذج الطاقة اليومية هذه، لأنّها مرتبطة بتركيبة الدماغ والجينات. لذلك فإن أفضل ما يمكن القيام به هو برمجة أنشطتنا اليومية بما يتناسب معها، فنقوم بأكثر المهمات صعوبة عندما تكون طاقاتنا في أعلى مستوياتها. أما بالنسبة إلى التعب، فهو لا يفرق بين الصباحيين والمسائيين، فجميعنا نعاني التعب ونضوب الطاقة، ونسعى بكل الوسائل إلى التمتع بمزيد من النشاط.

ومما لا شكّ فيه أنّ النظام الغذائي يلعب دوراً أساسياً في تزويدنا بالطاقة التي نحتاج إليها، شرط أن يحتوي على العناصر المغذية الضرورية وأن يكون متوازناً وغنياً بالخضار والفواكه والبروتينات والدهون الصحية، خاصة أحماض أوميغا- 3 الدهنية. ويجد الكثيرون أن تناول وجبات صغيرة مرات عدة في اليوم أفضل من تناول 3 وجبات كبيرة، لأنّه يساعدهم على التمتع بمستويات جيدة من الطاقة طوال النهار. لكن يجب الانتباه إلى كمية الطعام الموجودة في كل واحدة من الوجبات الصغيرة تلافياً لزيادة الوزن، التي تؤثر سلباً في مستويات الطاقة. وكانت إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة جونز هوبكنز الأميركية قد بينت أنّ التخلص من نسبة قليلة من دون الجسم يحسن المزاج، ويعزز النشاط.

أما أبرز النصائح التي يقدمها الخبراء لمكافحة التعب، فهي:

 

1-  التزود بالمعادن الضرورية:

يؤكد الخبراء أن تناول كمية كافية من الحديد والمغنيزيوم شرط أساسي للتمتع بالنشاط والحيوية. فالحديد يساعد على حمل الأكسجين إلى أنظمة الجسم كافة. أما كمية الحديد التي يجب على النساء تناولها في اليوم فهي 18 ملغ. أما الرجال فلا يحتاجون إلى أكثر من 10 ملغ للتمتع بالنشاط والصحة الجيدة. وأفضل مصادر الحديد هي: الفاصولياء، اللحوم الحمراء، التوفو والحبوب الكاملة. أما المغنيزيوم فيحتاج إليه الجسم ليحول الأطعمة التي نأكلها إلى وقود. ويحتاج الفرد إلى 400 ملغ منه يومياً. وهو متوافر في الفاصولياء، المكسرات، البذور وجنين القمح والتوفو. لكن الأمر لا يتوقف على هذين المعدنين. فنحن في حاجة أيضاً إلى معادن أخرى، وعلى رأسها الكوبالت والنحاس والزنك. فالكوبالت يعتبر واحداً من العناصر التي يتشكل منها فيتامين B12، وهو من أبرز العوامل التي تعزز الطاقة. أما النحاس فيساعد على تحرير الحديد من الأطعمة. وأفضل مصادر الكوبالت والنحاس هي المكسرات النيئة غير المملحة، فهي تمنحنا جرعة ممتازة منهما، إضافة إلى المغنيزيوم يساعد على إنتاج الطاقة في الجسم، ويساعد البنكرياس على إنتاج الأنسولين الذي يحمل السكر، وقود الجسم الرئيس، إلى الخلايا. وينصح الخبراء بتناول 15 ملغ من الزنك في اليوم، وهو متوافر في أصداف البحر، وجنين القمح ولحم البقر.

 

2-  أداء تمارين التمدد:

تتميّز وضعيات وتمارين اليوغا بقدرة على تبديد الإحساس بالتعب. وتقول أستاذة اليوغا البريطانية كاثرين تيرنر إننا غير مضطرين إلى القيام بأي من تمارين اليوغا المعقدة للاستفادة من قدرتها على تنشيطنا، يكفي أن نخصص بضع دقائق للقيام بالتمرين البسيط التالي: نحني الرأس إلى الأمام حتى يصبح تحت مستوى القلب، ونحافظ على هذه الوضعية بضع دقائق، فمن شأن ذلك أن يعزز انسياب الدم والأكسجين إلى الدماغ. وهي تنصح أيضاً بوضعية تسمى أوتاناسانا. نقف والقدمان متوازيتان مع بعضهما، على الخط العمودي نفسه المنحدر من الوركين. ننحني إلى الأمام ونترك الرأس ليصبح ثقيلاً، ونضع الذقن على عظمة الصدر، ثمّ نريح الكتفين والذراعين بحيث نشعر وكأنها تهبط بشكل تلقائي. ونترك الركبتين تسترخيان. ثمّ ننحني ببطء إلى الأمام، ونحن نتنفس بلطف عن طريق الأنف، حتى يتلامس البطن مع الفخذين. وإذا لم نتمكن من ذلك يمكننا أن نركز فقط على إراحة الرأس، الرقبة، والكتفين ونضع اليدين على الأرض إلى جانب القدمين، أو نمسك كلّ كوع بكف اليد المقابلة. وفي هذه الوضعية، نشعر بتمدد لطيف في العمود الفقري. ومن الضروري هنا الإبقاء على القدمين ثابتتين، والركبتين منحنيتين لحماية أسفل الظهر. نتنفس ونحافظ على الوضعية بضع دقائق ثمّ نتحرر منها ببطء.

 

3-  القيام بأمور إيجابية:

غالباً ما تشكل الأريكة أو السرير الوجهة الأولى التي يقصدها الواحد منا عندما يشعر بالتعب. لكن عالمة النفس البريطانية ميريام أكتار تؤكد أن خيار الاستلقاء ليس الأفضل في هذه الحالة، وأنّه عندما يتعلق الأمر بالطاقة، فإن ما نزرعه نحصده. فالقيام بأمور إيجابية يجعلنا نشعر بالمزيد من الطاقة. وتقول إن ذلك لا يعني بالضرورة القيام بتمارين رياضية فعلية. فأي نشاط مفرح نقوم به، مثل الخروج في نزهة على الأقدام أو الدراجة الهوائية في الحديقة، أو على شاطئ البحر، أو حتى التوجه إلى المقهى مع الأصدقاء يزودنا بطاقة نحتاج إليها. فالقيام بأمر إيجابي مختلف عما كنا ننوي القيام به (الاستلقاء على الأريكة) يشكل فرقاً إيجابياً كبيراً في حالتنا، ويبدد تعبنا.

 

4-  الوجود في الطبيعة:

أظهر البحاثة البريطانيون في جامعة أيسكس أنّ الوجود لمدة 5 دقائق فقط في أرجاء الطبيعة يسهم في رفع مستويات الطاقة لدينا بشكل ملحوظ. وتبين أن أفضل النتائج على هذا المستوى تتحقق عند الوجود على مقربة من الماء. وجاء في دراسة، نشرتها مجلة علم النفس البيئي، أنّ المياه الزرقاء في الطبيعة تتمتع بتأثير قوي وإيجابي في حالاتنا العامة، وأنّ النظر إلى صور البحار أو الأنهار يساعد على الإحساس بالانتعاش والنشاط. لذلك، فإن أفضل ما يمكن القيام به عند الإحساس بالتعب هو الخروج إلى شاطئ البحر إذا كان قريباً، أو إلى المنتزه والوجود على مقربة من الماء حتى ولو كان على شكل بركة أو نافورة. وإذا لم يتوافر ذلك، يمكن الاكتفاء بالنظر إلى صور طبيعية للبحار والشلالات والبحيرات.

 

5-  الاستعانة بالألوان والروائح:

لا يقتصر تأثير الألوان الإيجابي في مزاج الناس وحالاتهم النفسية، بل يشمل أيضاً درجة أنشطتهم وحيويتهم. وتؤكد عالمة النفس البريطانية المتخصصة في تأثير الألوان بيرناي لايتي أن ألوان الأصفر، البرتقالي، والأحمر هي أكثر الألوان تمتعاً بتأثير محفز ومنشط. وهي تنصح بارتداء ملابس بمثل هذه الألوان، خاصة في الأيام التي نشعر فيها بالتعب، كذلك علينا أن نحرص على وجود هذه الألوان على مقربة منا، في الأشياء اليومية التي نستخدمها.

ومن جهته، يؤكد الدكتور ريك رايسير، أستاذ الطب المساعد في جامعة أوهايو الأميركية، أننا إذا كنا نعيش في منزل مظلم تغلب عليه الألوان الدكناء، فإن إمكانية إحساسنا بالتعب سترتفع بشكل ملحوظ. وهو ينصح بإدخال الضوء والألوان إلى حياتنا لنتمتع بالطاقة.

أما بالنسبة إلى الروائح، فتقول المتخصصة الأميركية باميلا سميث: إنّ الروائح اللطيفة تحفز عصباً في الجهاز التنفسي يسهم في تعزيز التيقظ لدينا. وتقول إننا لا نحتاج بالضرورة إلى استخدام الزيوت العطرية، فيكفي في حالات الإحساس بالتعب أن نقطع قشرة من الحامض أو البرتقال ونتنشق رائحتها، حتى ولو كنا في المكتب. كذلك يمكن شم أوراق النعناع، فهي تساعد أيضاً على رفع مستويات النشاط لدينا.

 

6-  التنفس العميق:

 

يقول الخبراء إن طريقة تنفسنا أحد أسباب التعب التي لا ننتبه إليها. فالأشخاص الذين يكون تنفسهم سطحياً وسريعاً يشعرون بالتعب بسرعة، لأن أجسامهم لا تحصل على كمية وافرة من الأكسجين. ويقول البروفيسور روبيرت فرايد، مدير أحد مراكز العلاج النفسي في نيويورك: إنّ هذه المشكلة غالباً ما ترتبط بالتنفس عن طريق الفم. وينصح الجميع بالتنفس بعمق وبطء وثبات عن طريق الأنف، مع الحرص على تمدد البطن عند الشهيق.

 

7-  ممارسة الرياضة:

من المعروف أن ممارسة المشي السريع لمدة 10 دقائق فقط تساعد على تزويدنا بطاقة تدوم لمدة ساعتين بعد الانتهاء من المشي. وينصح الخبراء بممارسة هذه الرياضة البسيطة لمدة 10 دقائق، 3 مرات في اليوم للحفاظ على الطاقة والنشاط طوال النهار. ويمكن لمن يفضل تخصيص وقت أطول للرياضة أن يمارس مع المشي تمارين تمديد للعضلات ورفع الأثقال، للحفاظ على لياقة الجسم وعضلاته، وهو شرط أساسي للتمتع بالطاقة.

أما الأشخاص الذين يشعرون بتعب شديد، فتنصحهم المتخصصة الأميركية آنا باتدورف بالبدء في ممارسة تمارين أكثر لطفاً من المشي السريع، مثل اليوغا أو التالي تشي. فإذا كان مخزون الطاقة في الجسم مستنزفاً أصلاً، فإن تمارين الأيروبيكس يمكن أن تزيد من درجة التعب، خاصة في البداية. ولكن إذا بدأنا بتمارين أكثر لطفاً مثل اليوغا والتاي تشي، فإننا سنبدأ ببناء طاقاتنا تدريجياً خلال فترة شهر، ثمّ يمكننا بعد ذلك أن نضيف تمارين الأيروبيكس إلى روتيننا الرياضي.

 

8-  تفادي الضجيج:

تعتبر الضجة والأصوات الصاخبة التي تحيط بنا عاملاً من العوامل الرئيسة المسببة للتعب. لذلك، من المفيد محاولة التخفيف من تأثيرها في المنزل والمكتب عن طريق استخدام زجاج عازل للصوت على النوافذ، كما يمكن الاستعانة بالأجهزة التي تصدر أصواتاً تشبه صوت الموج أو الشلالات أو الريح، للتخفيف من تأثير الصخب في الخارج.

وفي مقابل الصخب وتأثيره السلبي في طاقاتنا، يمكن الاستعانة بالموسيقى والاستفادة من تأثيرها الإيجابي. وقد تبين أن أفضل أنواع الموسيقى لتبديد التعب هي تلك التي تتميز بالإيقاع اللطيف، مثل المعزوفات على البيانو أو الناي، من دون أن تحتوي بالضرورة على كلمات، ومن دون مشاركة الطبول في العزف.

 

9-  احتساء كمية كافية من الماء:

بما أنّ الماء يشكل نحو 60% من تركيبة أجسامنا، فمن الطبيعي أن يؤدي انخفاض مستوى الرطوبة في الجسم إلى استنزاف الطاقة وإضعاف الأداء البدني. ويعلق البروفيسور دان جوديلسون، الأستاذ المساعد في العلاج بالحركة في جامعة كاليفورنيا، فيقول: إن انخفاض مستوى الرطوبة في الجسم يجعل من الأصعب على الرياضيين إنهاء مجموعة من تمارين رفع الأثقال. ويضيف أن عدم تناول كمية كافية من الماء لا يؤثر سلباً في الأداء الرياضي فحسب، بل في أي نشاط عادي يقوم به الناس في حياتهم اليومية. كذلك تبين أن تراجع مستوى رطوبة الجسم يؤثر سلباً في درجة تيقظنا وقدرتنا على التركيز. وغالباً ما ينصح الخبراء باحتساء ما يعادل 8 أكواب من الماء والسوائل الأخرى يومياً. وتختلف هذه الكمية باختلاف الأشخاص ونوعية طعامهم وأنشطتهم.

 

10-                 النوم في وقت مبكر:

من المعروف أنّ الافتقار إلى النوم الكافي ليلاً من أبرز أسباب الإحساس بالتعب نهاراً. وينصح الخبراء بالنوم لمدة 8 ساعات ليلاً، ويستحسن أن نخلد إلى النوم في وقت مبكر نسبياً. فالنوم قبل منتصف الليل يتمتع بفوائد أكبر من النوم بعده، خاصة على مستوى ترتيم الخلايا وتجددها والتزود بالطاقة. وعندما لا نتمكن من النوم لمدة كافية ليلاً، يمكننا أن نأخذ قيلولة قصيرة عصراً لا تتجاوز ثلث ساعة، فهي تساعدنا على التيقظ وتحسن أداءنا الذهني والبدني وتعزز قدرتنا على التعلم وترفع مستويات طاقاتنا. ولا يجب أن ننام أكثر من نصف ساعة. فالقيلولة الطويلة تعوق خلودنا إلى النوم ليلاً. وينصح الخبراء في الأكاديمية الأميركية لطب النوم باحتساء كوب من القهوة بعد الاستيقاظ من القيلولة للتمتع بدفعة أكبر من الطاقة.

ارسال التعليق

Top