• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

قصص تربوية في السلوك الحضاري الراقي/ ج(1)

أسرة

قصص تربوية في السلوك الحضاري الراقي/ ج(1)
 القصة الأولى "بأحسَنِ منها!!" يُروى أنّ جاريةً للإمام الحسن بن علي (ع) جاءت تحيِّيه بطاقةٍ من الرّيحان (باقة من الزهور)، فقال لها: أنتِ حرّة لوجه الله تعالى!! فقيلَ له في ذلك (أي استكثرهُ البعض)! جاءتكَ جاريةً بريحانٍ فأعتقتها؟! فقال (ع): "أتأدّب في ذلك بأدبِ الله تعالى، الذي يقول: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء/ 86)"!   - الدروس المُستخلَصة: 1- التحية مبادرة وتطوّع، والرد واجب، والرد أمام خيارين: الرد بالمثل، والرد بالأحسن، وفي كلا الحالين هو مثاب. الإمام الحسن (ع) اختار الثاني، تأدّب بقوله تعالى: (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا)، وقد يكون الأحسن مكافأة تفوق في قيمتها طاقة الرّيحان، لكن خُلق المترجم للقرآن بعلمه (الإمام الحسن)، يأبى ألّا تكون المكافأة مجزية تربو على المبادرة. 2- "أتأدّب في ذلك بأدبِ الله"، تجسيد عمليّ لما يأمر به الله تعالى، ويمكن أن ينسحب ذلك على كلّ ما أدّبنا به تعالى، وليس في التحية فقط، ومَن أحسنُ منَ اللهِ تأديباً. يقول رسول الله (ص): "أدّبني ربِّي فأحسَنَ تأديبي".   القصة الثانية "دورةُ الحبّ!!" خرجت إحدى الأمّهات إلى حديقة البيت، فراقت لها وردةٌ متفتِّحةٌ ريّانةٌ تفوحُ بعطرها، فاقتطفتها، وفي هذه الأثناء جاءت ابنتها، فقدّمت الأُمُّ الوردة لابنتها هديّة محبّة، فشمّت الفتاةُ الوردة وأُعجبت برائحتها الزكية، فهرعت إلى داخل المنزل لتُقدِّمها بدورها لأخيها الصغير الذي تنشّق عبير الوردة فطابت نفسه لأنفاسها الزكية، وقال لأهدينّها إلى أبي حينما يعود، وبالفعل كان الطفل في انتظار أبيه عندما دقّ جرس الباب، ففتحه وحيّا أباه وسلّمه والوردة عربون محبّة. شكرَ الأب ابنه الصغير على هديّته الجميلة العاطرة، وشمّ رائحة الوردة النضرة، وقال: لأهدينّها إلى زوجتي الحبيبة، فهي التي تستحقّها، فأقبلَ على زوجته حاملاً الوردة وطالباً منها أن تتقبّلها منه. ابتسمت الزوجة الحبيبة والأُمّ الكريمة، وقالت: يا سبحان الله! أهديتُ بنتي هذه الوردة، فأهدتها إلى أخيها، فأهداها إلى أبيه، ثمّ لتُهدى إليَّ!!   - الدروس المُستخلصة: 1- دورة الحب والعطاء، في مثل الوردة المُهداة، هي دورة أكبر في إطار الأسرة، فكلّ حبّ واحترام وتقدير تُقدِّمه للآخرين، سينعكس أثره الإيجابي عليك. بادِل الآخرين الحبّ، يُبادلونكَ حبّاً بحبٍّ، وقابلهم بالإحترام، يُقابلونكَ بالإحترام، فكما تزرع تجني وتحصد، والحبّ يجتذب الحبّ، والعطاء يجرّ العطاء. 2- دورة العطاء والحبّ هي قصّتنا مع الله تعالى أيضاً، فما نعطيه للفقير، والمحتاج، والسكين، والعاجز، نستردّه من الله بعطاءٍ مُضاعَف، إنّها أشبه (بدورة المياه في الطبيعة)، تبدأ من مكانٍ وتعود إلى نفس المكان.

ارسال التعليق

Top