هتشتسون ترجمة: خليل راشد الجيّوسي
إحدى الديانات الكبيرة في العالم، ظهرت في الهند، قرابة 500 ق. م. وأخذت تعاليمها من بوذا الكائن المستنير. ولا تدين البوذية الأولى بالألوهية، فليس للإله عندها وجود أو عدم.
وتنبني تعاليم البوذية على مبدأ ضبط النفس، الذي تسانده أسس أربعة: أوّلاً: أنّ الوجود لا ينفك عن حزن أو أسى؛ فالحياة بصورها المختلفة لا تكمن بين طياتها غير ما هو مؤلم. ثانياً: لكل من الحزن والأسى أسباب. ثالثاً: ينبغي القضاء على هذه الأسباب. رابعاً: لا يتأتى هذا إلا إذا نهج في حياته سبيل العناصر الثمانية ذاتها وهي: العقائد السليمة، والأغراض النبيلة، والقول الحسن، والعمل الصالح، وانتهاج نهج شريف، وألا يتراخى في بذل الجهد والواجب، والانهماك في العمل، ثمّ صفاء الروح بالتبتل الروحاني حتى يصل إلى حالة النيرفانا وهي الفناء البدني، والصفاء الروحي والتخلص من الكرما أي: التناسخ المستمر للأرواح، باتباع الحقائق النبيلة التي نادى بها بوذا.
ومن الفروع الرئيسة للبوذية، ثيرفادا أو هينيانا في جنوب شرقي آسيا، وماهيانا في شمالي آسيا، واللامية في التيبت، والزنّية في اليابان وهي إحدى طوائف الـماهيانا ويبلغ عدد البوذيين 300 مليون في جميع أنحاء العالم.
الكتاب المقدس، الكتاب الوحيد الكامل المقدس للبوذيين، وهو موجود لدى بوذيي سري لانكا، في بالي، وهناك مدارس أخرى يوجد لديها الكتاب نفسه بالسنسكريتية. ويعرف الكتاب المقدس باسم: تريبيتاكاس أي "السلال الثلاث". ويرجع تاريخه من القرن الثاني إلى القرن السادس الميلادي. ويقسم إلى ثلاثة أقسام: الأوّل، فينيا (Vinya)، وتعني: النظام، ووضع قوانين الحياة، والثاني: دراما (Dharma) أي المذهب الذي وضعه بوذا وتلاميذه، والثالث: ابهيدارما (abhidharma) أي المذهب العالي، ويشتمل النقاش حول المذهب.
المعتقدات البوذية: مبنية على أنّ النفس ليست باقية أو أبدية. بل هي عرضة إلى التغيير والفناء. وأنّ التمسك بالأشياء الزائلة هو الذي يسبب المعاناة، والطمع، والوهم، والتي هي أساس الكرما وهي بدورها تولد كرما أخرى، وبذلك يتم تعزيز الشعور بالنفس لعلنا نجد الأثر الأوّل للتصوف الهندوكي في البوذية، إذ المثل الأعلى البوذي، وهو: الاستنارة، أو النيرفانا يعد بالتخلص من "الكرما" أي: "التناسخ المستمر للأرواح، باتباع الحقائق النبيلة التي نادى بها بوذا. والأسس الأربعة النبيلة للبوذية بنيت على أنّ الوجود لا يخلو من الحزن والأسى، وأنّ السبب هو ما ركِّب في الإنسان من شهوة، وأنه لا سبيل إلى تحرر الإنسان من امتلاك شهوته إلا بالقضاء عليها، وهذا لا يتأتى إلا إذا نهج في حياته السبيل ذا العناصر الثمانية.
ويقدم التبجيل والاحترام الفائق للبوذا الأوّل (سايكياموني، أو باسم قبيلته جوتامه) الذي ينظر إليه كواحد من سلسلة كبيرة من البوذا، والذي يليه هو ميتريا (Maitreya) والمتوقع ظهوره عام 3000م.
مدرسة ثيرافادا البوذية، وتعرف أيضاً باسم: هينايانا، وتعني: المركبة الصغرى، وتسود في جنوب شرقي آسيا سري لانكا، وتايلند ومينامار وتركز على الحياة التأملية، والاستجداء، كوسيلة لكسر عجلة الموت، والحياة ثانية. وأهدافها الثلاثة البديلة: أراهات (arahat) وهو الذي لديه رؤية في طبيعة الأشياء، وباسيكابودها (Paccekabuddha) وهو الشخص المستنير الذي يعيش وحيداً ولا يعلِّم، والبوذا التام. وكتابها المقدس مكتوب بالبالي وهي لغة هندية – أريانية، تعود أصولها في شمال الهند. وقد انتهت البوذية في شمالي الهند، بحلول القرن الثالث عشر، وحلت محلها الديانة الهندوسية. ومع ذلك يوجد نحو خمسة ملايين بوذي في الهند، ولا يزال العدد في ازدياد.
ظهرت مدرسة ماهيانا البوذية، - وتعني المركب الأعظم – مع بداية الفترة المسيحية، ركزت على بوذا الأزلي الذي لا شكل له كجوهر لجميع الأشياء، وهي تحث الفرد ليس على مجرد الوصول إلى النيرفانا الفردية، بل أن يصبح بوذا متدرباً أو بوديستافا (bodhisattva)، وبذلك ينقذ الآخرين. ويعني ذلك أنّ المخلصين، يمكن أن يصلوا إلى التنوير بواسطة بوديستافا، دون اتباع تزمت، وقسوة، وتقشف ثيرافادا. وهكذا ظهرت جماعات بوذية ومتدربو بوذا. كما تؤكد مدرسة ماهيانا البوذية مفهوم شانياتا وهو فراغ وحماقة جميع الأشياء من واقع التجربة، بما في ذلك المذهب البوذي.
وتنتشر هذه المدرسة البوذية في شمالي آسيا في الصين وكوريا واليابان والتيبت. وفي القرن السادس الميلادي، انتشرت الماهايانا مع تعاليم الراهب الهندي بوديدهارما، وشكلت ديانة تشان (Ch`an) التي تأسست في اليابان منذ القرن الثاني عشر باسم زن؛ وهي طائفة بوذية من اليابان، تمزج بين الديانة الشنتوية والديانة الصينية تشان. وتتفق مع البوذية في جوهرها الذي هو مرتبة الاستنارة التي كانت لبوذا وحده، وذلك من خلال الاستغراق في التأمل، مع مقاطعات مفاجئة من معلم، لتشجيع صحوة العقل، ويوجد في اليابان أيضاً "جمعية" "سوكوجاشاي" التي تأسست عام 1930م، والتي تساوي بين الإيمان المطلق، والفائدة المادية، المباشرة، والتي وصل عدد أتباعها في الثمانينيات من القرن العشرين زهاء 7 ملايين.
البوذية الماسية السرية: انتشرت في التيبت، واليابان، وتقول: إنّ الاستنارة يمكن أن تنتقل من المعلم إلى التلميذ عن طريق التوجيه السليم.
المصدر: كتاب معجم الأفكار والأعلام
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق