• ٢٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التنمية من الناحية الاقتصادية (development)

عبد الوهاب الكيالي

التنمية من الناحية الاقتصادية   (development)

التنمية سياسة تلجأ إليها الدول النامية لكي تتخلص من التبعية الاقتصادية للأجنبي، وتتحول من الإنتاج البداي إلى الإنتاج التصنيعي. من مؤشراتها: ارتفاع مستوى الاستهلاك الفردي، وتوزيع اليد العاملة على كافة القطاعات الاقتصادية، ونمو القطاع الصناعي، وتحسين قطاع الخدمات والمواصلات، وتراكم رأس المال، وتدريب التقنين والأجهزة الإدارية وازدياد حجم المشاريع الاقتصادية، بالاضافة إلى التحسن في مركز المرأة الاقتصادي ومكانتها الاجتماعية..
والتنمية تتطلب توجيه مجمل الموارد المادية والبشرية نحو زيادة مجمل الإنتاج القومي، ومتوسط إنتاج الفرد في المجتمع. والحديث عن التنمية يعني بالدرجة الأولى التنمية الاقتصادية التي تؤدي بالضرورة إلى تنمية اجتماعية شاملة. وتعتبر التنمية الاقتصادية من أبرز مظاهر النشاط في الدول المتخلفة أو النامية منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا النشاط يهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي بجانب الاستقلال السياسي الذي حصلت عليه نتيجة لحركات التحرر في العالم. فالتحرر من التبعية الاقتصادية لا يتحقق إلا بتنمية جميع مصادر الدخل في الدولة النامية، بعد دراسة وتخطيط شامل في حدود الامكانيات المتاحة لها، أو القضاء على عوامل الإعاقة برفع المستوى الثقافي، ومتابعة التقدم التكنولوجي أو الحد من النمو السكاني، والحد من الإسراف أو الكشف عن مصادر الثروات الموجودة في القطر.
ويأتي في المقام الأول، بالنسبة للتنمية الاقتصادية في الدول المتخلفة، التحول من الإنتاج البدائي إلى الإنتاج الصناعي أو التصنيع. ويقصد بالإنتاج البدائي الاعتماد على الزراعة والتعدين ورعاية الثروة الحيوانية. ولكن نجاح الدولة النامية في عملية التحول يعتمد كذلك على عدة عوامل، منها التخطيط الاقتصادي السليم. لهذا نزعت الدول الاشتراكية المتخلفة منذ ا لحرب العالمية الثانية (كدول البلقان الاشتراكية) إلى وضع سلسلة من الخطط الاقتصادية (الخمسية أو العشرية) لتنمية الإنتاج خلالها أو رفعه بنسبة مئوية معينة. ومن هذه العوامل تكوين رؤوس أموال عينية بتشجيع الادخار القومي أو الحكومي، ومتابعة التقدم التكنولوجي أو إقامة مراكز التدريب المتخصصة. كما أن التنظيم الإداري من العوامل الهامة لنجاح التخطيط. فضلاً عن استغلال البطالة المقنعة وتحويل القوى العاملة المعطلة إلى ميادين يمكن استغلالها فيها استغلالاً منتجاً.
وقد تبين أن جميع العوامل السالفة الذكر لم تحقق في كثير من الحالات تقدماً جذرياً في التنمية الاقتصادية لأسباب، منها: ندرة رأس المال، ندرة الخبرة الفنية في الدول الناشئة، بالاضافة إلى أن الدول الصناعية الكبرى (الدول الامبريالية المستعمرة) لم تبد تعاوناً صادقاً لدفع اقتصاديات الدول النامية التي بقيت الزيادة في دخلها القومي متدنية جداً، على رغم نيلها الاستقلال السياسي. وقد أثبت الإحصاء أن ما تنفقه الدول الكبرى على التسليح يعادل نحو 90% من حصيلة الدخل القومي في جميع الدول التي هي في طريق النمو في العالم، والتي لا يزيد متوسط دخل الفرد فيها عن 140 دولاراً في العام. فالتنمية الاقتصادية في هذه الدول، لابد وأن تعتمد على القروض الداخلية والخارجية والاستثمارات الأجنبية غير المشروطة إن أمكن، وعلى المعونة من المنظمات الدولية كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وصندوق النقد الدولي. إلا أن هذا وحده لا يكفي، بل قد يكون ممهداً لمزيد من التبعية الاقتصادية والسياسية. لذلك فإن التنمية الاقتصادية بالنسبة للدول المتخلفة تتضمن بالدرجة الأولى التضحية والتقشف، كالحد من الاستهلاك وتشجيع الادخار، وفرض الضرائب الاضافية، وكذلك عدم التضحية بقطاع (كالزراعة) في سبيل قطاع آخر (كالصناعة). هذا بالاضافة إلى وجوب التنسيق بين سياسات الدول النامية باقامة الأسواق المشتركة، أو إنشاء مصارف التنمية الاقليمية وتأميم ثرواتها ومواردها الأولية.

ارسال التعليق

Top