◄بعض الحقائق عن الشمس بالأرقام:
- القطر: نحو 864.000 ميل (109 مرات قدر قطر الأرض).
- الكتلة: 333.430 مرة قدر كتلة الأرض.
- متوسط الكثافة: 1.41.
- قوى الجاذبية: 28 مرة قدر الجاذبية الأرضية.
- ميل محور الدوران بالنسبة إلى الدائرة الكسوفية: 82 درجة، 50 دقيقة.
- درجة حرارتها الداخلية: نحو 14.000.000 درجة مطلقة.
- درجة حرارة الكرة المرئية: نحو 6.000 درجة مطلقة.
- درجة حرارة البقع الشمسية: نحو 4.000 درجة مطلقة.
الشمس كرة ساخنة جدّاً (مستعرة) من الغاز، تبعد عنا في الفضاء بمقدار 93 مليون ميل. ولولا قبضة جذب الشمس لانطلقت الأرض وجميع الكواكب السيارة الأخرى إلى الفضاء الكوني. ولولا ضوء الشمس لكسا الأرض: ظلام مع جليد مقيم، ومن ثمّ لانعدمت الحياة. ويعادل قطر الشمس طول الخط الذي يمكن أن يستوعب صفا من الكرات المتتابعة عددها 109 وحجم الواحدة منها يساوي حجم أرضنا بالذات، كما تبلغ درجة حرارة سطحها الحد الذي يجعل المعادن تنصهر وتتحول إلى غاز. ونحن، رغم ذلك، نستطيع أن ننظر في الليالي الصافية إلى السماوات لنرى مئات النجوم التي يزيد كلّ نجم منها على شمسنا في الحجم والبريق، وذلك لأنّ الشمس ما هي إلا مجرد نجم متوسط، ويرجع السر في أهميتها بالنسبة لنا إلى قربها منا فقط. ونظراً لعظم أبعاد النجوم الأخرى – أقربها إلينا يوجد على بعد منا يعادل نحو 30 ألف مرة قدر بعد الشمس – لا نراها على هيئة أقراص، ولكن كنقط من الضوء مهما بلغت قوة تكبير المنظار الفلكي الذي نستخدمه. وإذن فعندما ندرس الشمس إنما نكتشف في نفس الوقت الشيء الكثير من صفات النجوم البعيدة.
ما تدخره الشمس من طاقات:
عندما تم تكاثف الشمس من إحدى سحب غبار ما بين النجوم منذ 5.000 مليون سنة مضت، كانت أبرد بكثير مما هي عليه الآن. ولكن عندما راحت ذرات الغاز والغبار الكوني تتصادم أطلقت الحرارة. وعلى مهل، أخذت الشمس الوليدة تسخن تدريجاً إلى أن بدأت المواد المكدسة تكديساً في مركزها تتحد مع بعضها في تفاعل نووي على غرار قنبلة الإيدروجينية. ولا يزال ذلك التفاعل الذي يعرف علمياً باسم (الانصهار) جارياً إلى يومنا هذا، وهو الذي يبقي الشمس مستعرة. وتنصهر نوى أربع ذرات من الأيدروجين لكي تكون نواة واحدة من الهيليوم، مطلقة بعض الطاقة أثناء ذلك.
وإذن فالشمس تتحول ببطء بين كرة قوامها الأيدروجين إلى كرة من الهيليوم. والآن تعتبر الشمس في قمة حياتها، نظراً لأنّها لا زالت تحتوي على الوفير من الأيدروجين اللازم للتحول إلى هيليوم. وتدل الحسابات على أنّ المدخر فيها من الأيدروجين يكفي لمدة 1.500 مليون سنة أخرى، وعلى ذلك فمن المؤكد أنّه لا لزوم للقلق من أن تموت الشمس بين عشية أو ضحاها.
ونحن نستطيع أن نتبين بأنفسنا أنّ الأيدروجين والهيليوم يوجدان في الشمس إذا ما عمدنا إلى تحليل ضوء الشمس بوساطة جهاز يسمى (المطياف). وباستخدامنا المطياف إنما نكرر في الواقع التجارب التي أجراها العالم المشهور "اسحق نيوتن" عندما مرر ضوء الشمس خلال منشور زجاجي وحصل على (طيف) يشبه قوس قزح. وعلى الرغم من أنّ منشور نيوتن البسيط كان فجا إلى حد كبير، فإنّ الأجهزة الحديثة تكشف لنا أنّ طيف الشمس تقطعة خطوط مظلمة تسمى خطوط (فراونهوفر) تبعا لاسم العالم الألماني الذي اكتشفها ودرسها لأوّل مرة بالتفصيل.
وتدل خطوط فراو نهوفر المظلمة على أنّ في الشمس بعض الذرات التي (تمتص) جانباً من الضوء الناصع. وكلّ نوع من الذرات – سواء كان الأيدروجين أو الهيليوم أو ما شابه ذلك – يمتص على الدوام الجزء أو الخط تماماً من الضوء، ومخلفاً نوعاً من الأثر على غرار آثار خطوط الأصابع يمكن عن طريقه التعرف على نوع تلك الذرات، ومن ثمّ المواد الموجودة في الشمس. وعلى هذا النحو تبين لنا أنّ 80 في المائة من الشمس يتكون من الأيدروجين، و18 في المائة من الهيليوم، بينما تكون مقادير صغيرة من باقي العناصر مجتمعة ما تبقى من النسبة المئوية.
قياس أبعاد الشمس:
نظراً لبعد الشمس عنا بعداً شاسعاً، فإنّ ضوءها يستغرق 8.5 دقيقة لكي يصل إلينا. وبعبارة أخرى، فإنّ الضوء الذي ينبعث من الشمس عندما نبدأ قراءة هذا المقال لا يصلنا إلا بعد الانتهاء من قراءته. ونحن نستطيع أن نقول ذلك نظراً لأننا نعرف تماماً بعد الشمس عنا، على الرغم من أنّ أحداً لم يذهب إليها حقيقة ليقيس بعدها. ولكننا نستطيع عن طريق رصد الكواكب السيارة رسم خريطة دقيقة للمجموعة الشمسية. ولكي نقيس الأبعاد بالأميال على تلك الخريطة نحتاج أوّلاً إلى معرفة مقياسها. ويمكن الحصول على هذا المقياس عن طريق قياس المسافة الفعلية بين الأرض وأحد الكواكب السيارة الأخرى باستخدام الرادار. وبالاستعانة بهذا المقياس الذي حصلنا عليه يمكننا حساب بعد الشمس لنجد أنّه يعادل 93 مليون ميل، على أننا نستطيع قياس هذه المسافة بدقة أكبر إذا كان في مقدورنا رد أمواج الراديو من الشمس.
وعندما نعرف بعد الشمس، ومقدار اتساع قرصها كما يظهر في السماء، لا تشكل عملية حساب قطرها الحقيقي أية مشكلة. وهكذا نجد أنّ طول قطرها يساوي نحو 865.000 ميل. ومعنى ذلك أنّه لو كانت الشمس كرة مفرغة لأمكنها أن تستوعب 1.300.000 كرة، كلّ واحدة منها في مثل حجم الأرض، من قبل أن تمتلىء.
ونظراً لأنّ الأرض تدور من حول الشمس، فإنّ القوة الطاردة المركزية الناجمة عن هذا الدوران تعمل على دفع الأرض بعيداً إلى أعماق الفضاء ما لم يكن هناك شيء يمسكها. وهذا (الشيء) هو قوي الجاذبية بين الشمس والأرض. ونظراً لأننا نستطيع أن نقيس حركة الأرض بدقة كبيرة، فإنّ المعادلات الرياضية البسيطة تمكننا من حساب قوى الجاذبية وكتلة الجسم اللازم لإنتاج هذه القوى. ولقد وجدنا أنّه إذا كانت الشمس موضوعة في إحدى كفتى ميزان عملاق، فمن اللازم أن نضع في الكفة الأخرى 333.000 جسم في مثل وزن الأرض لكي تتعادل الكفتان.
وبمعرفة حجم وكتلة الشمس، نستطيع أن نحسب المقدار الذي تتراكم به المادة داخلها، فنجد أنّه، في المتوسط، تزيد الشمس كثافة عن الماء بقليل. ويدل ذلك على أنّ الشمس مكونة من غاز مضغوط – بخلاف الأرض الصلبة الصخرية التي هي أكثف من الماء 1/ 5.2 مرة. وكذلك يتبين لنا من حجم الشمس وكتلتها، أنّ قوى الجاذبية على سطح الشمس إنما تعادل 28 مرة قدر الجاذبية على سطح الأرض. فالجسم الذي يزن 7 كيلو جرامات و143 جراماً على الأرض إنما يزن 200 كيلو جرام إذا ما أمكن وضعه على سطح الشمس. ولكي يفلت الصاروخ من قبضة جذب الشمس العالية، يجب أن ينطلق بسرعة قدرها 386 ميلا في الثانية، أي 55 مرة قدر السرعة اللازمة للافلات من على الأرض.
سطح الشمس:
حتى على بعد 93 مليون ميل، يبلغ إشعاع الشمس من القوة الحد الذي يكفي ليكون قاتلا. وليس الأمر مقصوراً على حماية الفلكيين من أشعة الشمس، بل يجب أيضاً على من يأخذ حمامات الشمس من حين إلى آخر أن يحذر من الإصابة بضربة الحر. ويزداد لهيب الشمس وتزداد حرارتها اللافحة على التدريج عندما نصل إلى كرة الشمس المرئية، وهي الطبقة التي نراها عند سطحها. وتبلغ درجة حرارة الكرة المرئية 6.000 درجة مطلقة (على مقياس الدرجات الذي يبدأ من الصفر المطلق وهو – 273 درجة مئوية، أي نهاية ما تبرد إليه الأجسام). ولكن حتى الكرة المرئية هذه تعتبر باردة بالنسبة إلى مركز الشمس، إذ من اللازم أن تصل درجة الحرارة إلى 15 مليون درجة أو أكثر.
والكرة المرئية في حالة حركة مستمرة. فعلى الدوام تنبثق جيوب صغيرة من الغاز من داخل الشمس المستعر كما يغلي الماء في القدر. وتبقى تلك الجيوب عدة دقائق فقط قبل أن تغطس مرة أخرى، وتكسب سطح الشمس كله منظرا كأنما تغطيه حبوب الأرز. على مقياس الشمس تكون (الحبات) كما يطلق عليها، غاية في الصغر، على الرغم من أنّ أية واحدة منها قد تضاهي الجزيرة العربية اتساعا.
وثمة اضطرابات أخرى أكبر بكثير تحدث في الكرة المرئية وتسمى (البقع الشمسية)، وهي عبارة عن مساحات من الغاز الأبرد قليلاً، تظهر معتمة لمجرد مضاهاتها بالمنظر الخلفي اللامع. والمعتقد أنها ظواهر في الكرة المرئية أشبه ما تكون بالدوامات. وتظهر البقع الشمسية عادة في مجموعات، كثيراً ما تمتد عبر 100,000 ميل أو أكثر، كما ترى في حالات عديدة بالعين المجردة عندما تعتم السحب الرقيقة وميض (زغللة) الشمس. ونحن نستطيع، عن طريق مراقبة سريان البقع الشمسية عبر القرص، أن نعرف الزمن الذي تستغرقه الشمس في دورانها. وفي أغلب الأيام يمكن رؤية العديد من البقع الشمسية بالمنظار المزدوج (بانيوكيوتر) أو بمنظار فلكي صغير، إلا أنّ الطريقة الوحيدة لرؤيتها من غير أذى هي أن نعمد إلى (تثبيت) الجهاز وإسقاط صورة الشمس على الورق المقوي الأبيض. ومن اللازم أن لا ننظر قط مباشرة للشمس خلال أي نوع من أنواع أجهزة الإبصار، لأنّ الأثر سوف يكون مماثلاً لتجميع أشعة الشمس بعدسات مكبرة: سوف تحترق عيناك حيث لا سبيل إلى الشفاء.
ومعظم أنواع الأنشطة على الشمس تتحكم فيها دورة قوامها 11 سنة، وقد تم اكتشافها في أوّل الأمر عن طريق رصد البقع الشمسية. وفي فترات النهاية العظمى للشمس (الشمس النشطة)، مثل ما حدث خلال 1968/ 1969، توجد عادة بقع شمسية كبيرة في أي يوم وعلى أيّة حال، عندما يكون النشاط في الحضيض (الشمس الهادئة)، كما في عام 1964، فربما تظهر الشمس سوداء تقريباً خلال أسابيع متتالية دفعة واحدة. ولا يعرف أحد سر الدورات الشمسية، ولكن ما من شك أنها موجودة. ولدورات النشاط أهميتها بالنسبة للأرض، وذلك نظراً لأنّ بقع الشمس الكبيرة تطلق مجاري بين الجسيمات النشطة تتدفق من ثورانات لامعة تعرف باسم (الوهج). وقد يغطى الوهج الواحد مساحة واسعة في مثل اتساع بقعة الشمس الكبيرة – أي نحو 100 ميل مربع. والإشعاع الذي يطلقه الوهج، والذي يقتل من يتعرضون له من رجال الفضاء، يعترض سبيله جو الأرض العلوي، ويعطل أعمال اتصالات المدى البعيد. وحالات الإظلام الراديوي مألوفة تماماً خلال فترات النهاية العظمى للنشاط الشمسي.
غلاف الشمس الجوي:
على الرغم من أنّ مصدر معظم حرارة وضوء الشمس هو الكرة المرئية، فإنّ عمقها البالغ نحو 300 ميل صغير جدّاً بالنسبة إلى قطر الشمس الكلي. وتحيط بالكرة المرئية طبقة أكثر سمكاً تعرف باسم (الكرة اللونية). ويصل عمق الكرة اللونية هذه إلى نحو 6.000 ميل، إلا أنّ غازاتها أقل كثافة إلى حد بعيد، بحيث لا تبعث إلا قدراً ضئيلاً من الإشعاع. وعلى ذلك ليس من المألوف رؤيتها، ما لم نعمد إلى استخدام أجهزة خاصة، أو ننتظر إلى حين حدوث كسوف كلي للشمس، عندما يحجب القمر عنا الكرة المرئية اللامعة.
وليست الأشياء التي في داخل الكرة اللونية أقل نشاطاً من نظائرها داخل الكرة المرئية، إذ تنبثق سنابل الشمس الدقيقة، على هيئة امتدادات تشبه الإبر من حبيبات الشمس، مرتفعة إلى حيث الكرة الكونية، فتكسبها منظر الغابة المضيئة. وأكثر روعة من ذلك منظر شواظ الشمس، وهي سحب عملاقة من المادة المتوهجة تقذف بعيداً من سطح الشمس. وبعض تلك الشواظ يأخذ شكل العروش، بينما يظهر بعضها الآخر كأنّه الأشجار المورقة أو الشجيرات، وفي مقدورها البقاء خلال عشر دورات للشمس، وهي مدة أطول بكثير جدّاً من فترة حياة البقعة الشمسية، وتظهر الشواظ كأنها نافورات من مادة الكرة اللونية، تمتد إلى الأعلى عبر 30.000 ميل، أو نحو ذلك في الإكليل المحيط بالشمس، وهو عبارة عن طبقة من الغاز المخلخل يغلف الشمس في حلقات على هيئة الهالة. ولا يعرف أحد بحق نهاية الإكليل. وفي الواقع قد تكون الأرض وسائر الكواكب السيارة واقعة في داخله.
حركة الشمس:
رأينا أنّ الحركات الظاهرية للبقع الشمسية تسمح لنا باستخلاص بعض المعلومات المتعلقة بحركات الشمس ذاتها. ومهما يكن من شيء، فإننا نجد أنّه لما كانت الشمس جسماً غازياً وليست صلبة كالأرض، فإنّ أجزاءها المختلفة تلف بمعدلات متباينة. فأية نقطة على خط استواء الشمس تعمل دورة كاملة في 24,65 يوماً، وفيما بين خطي عرض 10 و20 تزداد الفترة إلى 28.06 يوما. وتجاه القطبين يصبح من العسير جدا التوصل إلى حسابها بدقة، ولكن يبدو، أنّه على كثب من القطبين ذاتهما تستغرق الدورة الواحدة نحو 34 يوماً.
المصدر: مجلة التقوى/ العدد 60 لسنة 1996م
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق