• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف يبدو الإمام الحسين في عدسة الآخر

نضير الخزرجي/ المركز الحسيني للدراسات – لندن

كيف يبدو الإمام الحسين في عدسة الآخر

كل عَلَم تناول النهضة الحسينية من الزاوية التي ينطلق منها في حياته اليومية
الإصلاح مسألة إنسانية عابرة للحدود.
في بعض الأحيان تشعرك النصوص أن صاحبها يحاول التقرب أو التعرف على الإسلام من باب الإمام الحسين (ع).
مستشرق: إنّ الحزن الذي سبَّبه مصرع الإمام الحسين وأصحابه، ظل يرفد تياراً كبيراً من المتعاطفين مع أبناء علي.
مستشرق: يعتبر الشيعة الإمام الحسين المدافع الحقيقي عن الأُمّة.
مستشرق: حيث قرئت تلك الحروف الجراح فكانت 67 حرفاً، ثلاثاً وثلاثين طعنة رمح، وأربعاً وثلاثين ضربة سيف.
مستشرق: لا شك أنّه (الحسين) قدوة في سبيل ترسيخ المبادئ الحقّة.
مستشرق: أنا مسلم للحسين (ع)، مسلم للأمام العظيم الذي أرانا طريق الإنسانية وأرشدنا الطريق الذي يوصلنا إلى منزل الحرِّية.
يشعر المرء بالفخر حينما يتحدث الآخر من خارج إطاره العقيدي عن شخصية منه يتمثلها في حياته ويتخذها أسوة لمعاشه ومعاده، وكاد في كل شهر محرم من كل عام نسمع أو نقرأ عن عالم غربي أو مصلح شرقي يتناول الإمام الحسين (ع) ونهضته المباركة بعظيم القول وجزيل المقال، مثمناً فيه الروحية العالية التي أبداها في كربلاء بما جعله يقلب الموازين رأساً على عقب، فصار السيف الذي ذُبح به الحسين (ع) وبالاً على من سلّه.
وإذا تابعنا نصوص أعلام الأُمم الأخرى، نجد أن كل عَلَم تناول النهضة الحسينية من الزاوية التي ينطلق منها في حياته اليومية، فكل رأى في الإمام الحسين صورته، مما ينبئ عن عظيم النهضة الحسينية التي اجتمعت فيها كل قيم الخير ومُثُله، مما خلق منها محطة تزوّد كل يأخذ منها زاده ووقوده، ولا يزيدها الأخذ إلا زيادة في العبرة والاعتبار.
ومع أنّ النصوص تزداد كل عام بفعل زيادة قائليها، فإنّ بعض النصوص احتفظت بحيويتها لأنّها أتت من شخصيات لازالت إلى الآن مدار حديث الناس ومحط دراسة المؤسسات البحثية والدراسية من قبيل المهاتما غاندي، أو لأنّ النص حيوي بحد ذاته بما جعله يحتفظ بطراوته وحرارته، أو أنّ بعض الأُمم لاتزال مبتلية بساسة أو تيارات تجد في هذه النصوص شعارها لا سيما وأنّها تستند إلى أسس النهضة الحسينية أو أنها تعبير عن شخصية الإمام الحسين (ع) الذي أبان في حركته التصحيحية عن رغبة لدى الآخرين في تصحيح أوضاعهم بغض النظر عن الدين أو المعتقد، باعتبار أنّ الإصلاح مسألة إنسانية عابرة للحدود، كما أنّ الإنسان بطبعه ميال إلى التأسي بشخصيات الخير لأنّ الأصل في الإنسان الفطرة السليمة.
ومعظم النصوص جاءت من قراءات الآخر للإمام الحسين (ع) ونهضته قراءة وجدانية كتعبير لا إرادي عن مكامن النفس الإنسانية المجردة عن التعصب الديني أو القومي، ولذلك تأتي القراءة طاهرة وبريئة غير مؤدلجة، يتقبلها المسلم وغير المسلم، وفي بعض الأحيان تشعرك النصوص أو صاحبها يحاول التقرب أو التعرف على الإسلام من باب الإمام الحسين (ع)، وإن لم تقد القراءة إلى تحول عما يعتقد القارئ إلى الإسلام، بيد أنّ واقعة كربلاء فرضت عليه أن يتناغم معها وجدانيّاً وإنّ تقاطع عقيدياً مع الإسلام، من هنا كان الإمام الحسين (ع) قتيل العَبرة والعِبرة وهما قيمتان لا تخلو أُمّة من نشدانهما فعلاً أو قولاً.

- أعلام من فرنسا:
البروفيسور بيير جون لويزارد (Pierre-Jean Luizard) وهو باحث ومستشرق مسيحي فرنسي متخصص بالتاريخ الإسلامي المعاصر في الشرق الأوسط، من مواليد العاصمة باريس في العام 1954م، له كتابات مختلفة عن العراق بعامة وكربلاء بخاصة، يرى من خلال قراءته للواقع السياسي بعد استشهاد الإمام الحسين (ع) عام 61هـ، وهو في معرض الحديث عن كتاب ديوان القرن الثاني الهجري أحد أجزاء دائرة المعارف الحسينية: "إنّ الحزن الذي سبّبه مصرع الإمام الحسين وأصحابه، ظل يرفد تياراً كبيراً من المتعاطفين مع أبناء علي، رغم جور السلطة الأموية خلال قرن كامل من حكمها، كما أنّه لم يثن الأُمّة من المطالبة بالتغيير"، (أنظر: نزهة القلم: 94). والبروفيسور لويزارد، الأستاذ في المعهد الوطني الفرنسي للغات والحضارات الشرقية (The Institute National des Langues at Civilizations Orientals-INALCO) في باريس، إنما ينظر إلى الأمور فيما يقول ويسطّر نظرة خبير، فقد درس النهضة الحسينية وأثرها على التحولات التي جرت في التاريخ الإسلامي، كما لا ينسى دور كربلاء في معظم الوقائع التي حصلت في العالمين العربي والإسلامي، ولهذا كتب دراسة مفصلة عن تأثير كربلاء في التحولات التي جرت في العراق بعد الاستعمار البريطاني للعراق وقيام ثورة العشرين عام 1920م بقيادة المرجع الديني الشيخ محمد تقي بن محب علي الشيرازي الحائري المتوفى سنة 1339هـ، وكان عنوان الدراسة التي نشرت عام 1996م هو: "كربلاء: مركز الحكومة الثورية وعاصمة ثورة العشرين ونموذج الوطنية العراقية"، قدَّمها لندوة كربلاء العلمية التي عقدت في لندن في الفترة (30-31/3/1996م) وكان لنا فيها دور في التحضير لها وعقدها في "صالون الكوفة" وإعداد وتحرير الكتاب الذي صدر عنها، (انظر دراسات حول كربلاء ودورها الحضاري: 429-445).
كما لهذا المستشرق الفرنسي المعروف في الأوساط العلمية والأكاديمية في الدول العربية والعضو في مجموعة المجتمعات والأديان (G.S.R.L)  في باريس، أكثر من دراسة وكتاب عن تاريخ العراق ودور المرجعية الدينية فيها، فله دراسة بعنوان: "العراق وتاريخ الإصلاح الإسلامي"، وله كتاب: مسألة العراق، كما له: أخبار العراق الحديث: الدور السياسي لعلماء الشيعة في نهاية الهيمنة العثمانية وحتى إعلان الدولة العراقية.
ونتوقف مع نص فرنسي آخر يتناول النهضة الحسينية من منظار الشهادة الواقعية وهو يعقد مقارنة مع صلب السيد المسيح (ع) كما في العقيدة النصرانية، يقول البروفيسور بيير لوري (Pierre Lory) أستاذ العلوم الدينية والتصوف في جامعة السوربون الفرنسية والمولود في باريس سنة 1952م في أسرة كاثوليكية، وهو يعلق على كتاب ديوان القرن الثالث من دائرة المعارف الحسينية: "يبدو لنا بشكل عام أننا نخطئ خطأ كبيراً حين نقارن بين إحياء الشيعة لمعاناة الحسين وبين آلام المسيح عند النصارى، لأن هناك حتماً نقاط اختلاف، فالشهادة في الوعي الإسلامي تحمل قيماً عالية وهي تمحو ذنوب الشهيد وتمنحه ثواباً أبدياً.. ومعاناة الحسين وقتله جعلت منه شهيداً في عليين وشفيعاً لأتباعه المخلصين ومن يحبه ومن يتبعه بشكل خاص، هنا لا تصح المقارنة، لأنّ آلام المسيح قد اكتسبت صفاتها المذكورة عند المسيحية باعتباره ابن الرب، وهذا المفهوم غريب على الوعي الإسلامي الذي يرفض حتى موت المسيح (النساء: 157-158)، انظر: نزهة القلم: 123.
وعن الشهادة ومعناها في ضمير المسلمين يؤكد البروفيسور بيير لوري صاحب كتاب تدبير الإكسير الأعظم عند جابر بن حيان وهو في معرض التفريق بين التشهد بالشهادتين والشهادة بالتضحية: "أما الشهادة بمعناها الآخر فتختلف تماماً وهي أن يكون الإنسان مستعداً لتقديم حياته من أجل عقيدته، فرسالة الله ليس لها معنى في أفواه الناس إلا عند هؤلاء الذين يجعلون من الحسين أسوة لهم، يجاهدون في سبيل الله من أجل العقيدة، ويكشفون القناع عن الكفر في الوقت نفسه"، (نزهة القلم: 124)، ويقرر في ختام قراءته الأدبية للقصائد التي نظمها شعراء القرن الثالث الهجري في الإمام الحسين (ع) ونهضته المباركة: "إنّ الإطار الخلفي لهذه المقاطع الشعرية ليس فقط الحزن والإحباط، فإن كل العذابات المنتجة لهذا النوع من الأدب تقف وراء أفق أخروي، ومعركة كربلاء تشكّل رواية المأساة، وليس فاجعة، لأنها ما فتئت تكثف الانتظار للموعد السرمدي"، (نزهة القلم: 125).
ومرة أخرى نقف أمام نص فرنسي للدكتورة صابرينا ليون ميرفن (Dr. Sabrina Leon Mervin)، المولود في أسرة مسيحية في باريس سنة 1958م، وهو نص نابع من باحثة ومحققة نالت الدكتوراه في الدراسات العربية من المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في باريس (The Institute National des Langues at Civilizations Orientals) عام 1998م، فعند تناولها الجزء الأوّل من كتاب الحسين والتشريع الإسلامي أحد أجزاء دائرة المعارف الحسينية، تجزم من خلال دراستها لواقع الإسلام والتشيع بحكم والدينية في باريس (Le Centre d`Etudes Interdisciplinaires des Faits Religieux): "إنّ الحسين بن علي لعب دوراً له صداه في تاريخ أصول التشيع، فلم يحتل مكانه في سلسلة أئمة أهل البيت فقط، بل أنّه منح باستشهاده كل المعاني للحركة الدينية التي أنشأتها أسرته، كما أنّ الإمام الحسين قد أصبح رمزاً مقدساً، بخاصة عند الشيعة، وهذا واضح من خلال الشعائر الحسينية والمجالس والمواكب والزيارات"، (نزهة القلم: 393).
وتعتبر الدكتورة صابرينا ميرفن صاحبة كتاب تاريخ الإسلام: الأصول والمذاهب وكتاب الإصلاح الشيعي: علماء ورسائل جبل عامل منذ نهاية الإمبراطورية العثمانية ولغاية استقلال لبنان، إن حدث واقعة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين (ع) مع أهل بيته وأصحابه بالصورة المفجعة: "يعتبر هذا الحدث في نظر التاريخ زمناً متجدداً في التشيع، بل أكثر من ذلك، فإن عملية استشهاد الحسين تشكل قصة أساسية. ألم يقال بأنّ الحسين قد أحيا دين جده بمأساة كربلاء؟ فهي في كل سنّة تُمثَّل وتُعاش وتُصاغ خلال إحياء (عاشوراء)، وقد شكلت في ذاكرة المجتمع الشيعي الذي أعطته السلوك المثالي نموذجاً للحياة السياسية ومجموعة من القيم الأخلاقية التي يجب إتباعها، وكل هذا من خلال شخص الإمام الحسين"، (نزهة القلم: 395).

- وللآشوريين رأيهم:
وللآشوريين وهم من الأديان والأقوام القديمة على البسيطة رأيهم في الشهادة الحمراء في كربلاء، يعبر عنها ثلاثة أعلام روسيان وعراقي.
من العاصمة الروسية موسكو يحدثنا البروفيسور قسطنطين ما تفييف بيتروفيج (Kostantin Matveev Petrovic)، المولود في مدينة فورونيز (Voronezh) على بعد 500 كم جنوب موسكو عام 1934م، عن قراءته لواقعة كربلاء، بخاصة وقد عمل بحكم وظيفته الأكاديمية لأكثر من ثلاثة عقود في استقبال الطلبة من كل أنحاء العالم بما فيه العالم العربي يعرفهم على تاريخ روسيا ويتعرف على تاريخهم إذ كان يجيد العربية حيث عمل مدرساً للعلوم الإسلامية واللغتين العربية والإنجليزية في معهد الصحافة بموسكو منذ عام 1973م، فقد كتب وهو في معرض التعليق على الجزء الأوّل من ديوان الأبوذية من دائرة المعارف الحسينية بعد أن استعرض جانباً من وقائع المعركة في كربلاء: "وهكذا، فقد استشهد الإمام الحسين استشهاد الأبطال، وقد حدث ذلك في العاشر من محرم عام (680م)، وكان لمقتله بهذه الطريقة البشعة والبربرية النكراء، نتائج وآثار سياسية ودينية كبيرة على مسلمي العالم أجمع.. وأصبح مقتل الإمام الحسين بشكل دموي، لا لشيء إلا لأنّه أراد أن يُرسي قواعد الحق والعدالة ويُعيد سيرة جده رسول الله، رمزاً لنضال المسلمين الشيعة في سبيل مستقبل واعد وخيّر، وهم يحافظون اليوم على مبادئ واسم الإمام الحسين بكل أمانة وثقة واعتزاز"، (نزهة القلم: 204).
ويرى البروفيسور قسطنطين ماتفييف الذي لم يكل عن طلب العلم رغم كبر سنّه حيث زاملته الدراسة في كلية بيركبيك (Berkbick College) في جامعة لندن (University of London) في الفترة (1995-1997م) ونلنا معاً الدبلوم في الشريعة والتاريخ الإسلامي، وكان وقتها يرأس مؤسسة الآشوريين اللاجئين في بريطانيا، يرى: "ومن خلال الحسين ومأثرته، ظهرت عظمة شخصيته واتساع فكره الجهادي وذلك بتقديم نفسه وأهله قرابين لمصلحة الأُمة الإسلامية والشيعة على وجه التحديد. ومنذ ذلك الوقت ولحد الآن يعتبر الشيعة الإمام الحسين المدافع الحقيقي عن الأُمّة، والإنسان الذي امتلك الإرث الإلهي والخصال المحمدية، والبعيد كل البعد عن أيّة طموحات سياسية، والساعي لإحياء وإنهاض دين جده النبي محمد (ص)"، (نزهة القلم: 204-205).
أما الدكتور دانيال بن إسحاق أوديشو (Dr. Daniel Isaac Odishu)، المولود في العراق عام 1947م والمتوفى في مدينة كارديف البريطانية عام 2002م، وهو مسيحي آشوري نسطوري لا يختلف، وهو يكتب عن الإمام الحسين (ع) مقدماً للجزء الثاني من ديوان الأبوذية من دائرة المعارف الحسينية، عن أي كاتب مسلم محب لأهل البيت عليهم السلام، فيراعه يسطّر بما يعتقده وإن كان على معتقد النبي عيسى (ع) بخاصة وأنّه عاش شبابه في العراق واحتك بالشعائر الحسينية وعرف الإمام الحسين (ع) عن قرب فكتب يقول: "للإمام الحسين (ع) مكانة ومنزلة رفيعة لا يرقى إليها سوى منزلة ومكانة أبيه وأُمّه وأخيه الإمام الحسن (ع) والأئمة من ولده عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام، ولو بذل المؤرخون المساعي المناسبة والجهد المطلوب لكتابة وتدوين أوليات ما يحظى به الإمام الحسين (ع) من مقام رفيع ومكانة سامية، لخرجوا بأسفار ضخمة في هذا المجال، فالقرآن الكريم (تلك الوثيقة الإلهية العظمى) الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، يشهد عن الشوط البعيد الذي قطعه الإمام الحسين (ع) من درجات السمو والنبل الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى، فهو واحد من أهل البيت النبوي الذين نزل في حقهم قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب/ 33)، والآية الكريمة: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى/ 23)، فمن خلال هذه الآيات الكريمة تظهر مكانة الحسين (ع) وأهل البيت ومنزلتهم عند الله تعالى" (نزهة القلم، 318-319).
وبعد صفحات من الحديث عن السيرة الحسينية، من باحث آشوري نال الدكتوراه عام 1991م من جامعة ويلز (University of Wales) عن أطروحته المعنونة: النقوش الآرامية في مدينة الحضر (العراقية) (The Aramaic of Hatra)، يصل إلى واقعة كربلاء وما جرى فيها فيكتب: "لقد استحالت صفحات جسده الطاهر كتاباً من دم، وكتبت أقدس مواقف البطوولة والشرف، حيث قرئت تلك الحروف الجراح فكانت 67 حرفاً، ثلاثةً وثلاثين طعنة رمح، وأربعاً وثلاثين ضربة سيف، ومنذ ذلك اليوم ولمدة أربعة عشر قرناً نظم الشعراء القوافي وراحوا يرثون الحسين ويندبونه، وأجمل ما في هذا الأشعار، المراثي التي تُتلى في ذكرى استشهاد الحسين (ع) سنوياً في مدينة كربلاء" (نزهة القلم: 329)، وهذه إشارة لما ورد في تاريخ الأُمم والملوك للطبري: 4/344: "كان عدد جراح الحسين ثلاثاً وثلاثين طعنة رمح وأربعاً وثلاثين ضربة سيف".
ومن العراق ننتقل إلى موسكو ثانية حيث يكتب الأديب والرسام والمترجم والإعلامي الآشوري المولود في مدينة أرومية الإيرانية سنة 1918م والمتوفى في موسكو عام 2001م الباحث مارونا بن بنيامين أرسانيس (Marona Benjamin Arsanis) وهو يقدم للجزء الثالث من ديوان الأبوذية من دائرة المعارف الحسينية، يكتب وهو يعلق على ما يشاهده من تقديس الأدباء والشعراء للإمام الحسين وتضحياته: "ولا شك أنّه (الحسين) قدوة في سبيل ترسيخ المبادئ الحقّة، فنهض لإنقاذ المظلوم من يد الظلم والجور" (نزهة القلم: 349).

- وللهندوس نظرتهم:
إذا اشتهر على الألسن عن المهاتما غاندي (1869-1948م) قوله: "تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر"، فإنّ الدكتور رام روشن جي بن لالجي كمار (1915-2006م) المولود في دلهي والمتوفى في لاهور، وهو أديب هندوسي خبير بالتاريخ الإجتماعي والأدبي لشبه القارة الهندية، كتب وهو يقدم للجزء الأوّل من كتاب معجم المصنفات الحسينية من دائرة المعارف الحسينية: "أنا لست بمسلم ولكنني مسلم، أنا مسلم للحسين (ع)، مسلم للأمام العظيم الذي أرانا طريق الإنسانية وأرشدنا الطريق الذي يوصلنا إلى منزل الحرية حيث قال لأعدائه: إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم" (نزهة القلم: 273).
ويعبر الدكتور لالجي كمار صاحب كتاب ترياخ الهند عن قناعته التامة: "إنّ الإمام الحسين (ع) كان إنساناً صادقاً صالحاً وطاهر القلب، إنساناً كاملاً، ورهن كل حياته للإنسانية وفعدى نفسه لأجلها، ولو لم تكن تضحيته في صحراء كربلاء ما كنا نعرف لإنسانية معنى، ولذلك نستطيع أن نقول أنّه محسن للإنسانية، ومادامت هذه الدنيا باقية فسيبقى ذكر الإمام الحسين (ع) حيّاً ولا يموت، بل وكل إنسان في العالم البشري يؤمن بقيادته الفذّة" (نزهة القلم: 273-274).

المصدر: مجلة ثقافة التقريب/ العدد 44 لسنة 2011

ارسال التعليق

Top