◄إنّك اليوم غيرك بالأمس.. لقد تركت فترة المراهقة ومن قبلها فترة الطفولة. إنّك صرت اليوم شاباً يافعاً. وللشباب خصائص تميزه وتختلف عن خصائص المراهقة وعن خصائص الطفولة.
لقد كنت في طفولتك معتمداً على والديك كلّ الاعتماد. كانت والدتك تحرص على حمايتك من الأخطار. وكنت تتلقى الأوامر من والدك في كلّ صغيرة وكبيرة. وفي المراهقة أيضاً كان استقلال شخصيتك محدوداً. لقد كنت خلالها في حاجة إلى مساندة ومؤازرة من الكبار المسؤولين عن رعايتك. فكنت مستنداً إلى ما يشير به الكبار عليك، كما كنت معتمداً على غيرك في الكثير من شئون حياتك.
لم يكن اعتمادك على الكبار في طفولتك ومراهقتك يعيبك. ولكن إذا استمر اعتمادك على غيرك في شبابك، فإنّك تكون مخطئاً في حقّ نفسك. فمرحلة الشباب هي مرحلة القوة والاستقلال. وعيب عليك أن تكون شاباً وضعيفاً في الوقت نفسه. وعيب عليك أيضاً أن تكون في شرخ شبابك وغير مستقل في فكرك وإرادتك.
صحيح أنّ بعض الآباء والأُمّهات والمدرسين يخطئون لأنّهم يعاملونك كطفل أو كمراهق. ولكن مسؤولية خطئهم لا تقع عليهم وحدهم، بل تقع عليك أنت أوّلاً. فبرهن للكبار من حولك على أنّك تستطيع أن تفكر باستقلال، وبرهن لهم أيضاً على أنّ لديك إرادة فولاذية لا تفل.
لا تقل لنفسك أنّه لا فائدة، لأنّ الطريق مسدود أمامك. لقد يقول أحد الشباب لنفسه، "ما فائدة أن أجعل لنفسي فكراً ذاتياً مستقلاً، ووالدي يفرض أفكاره عليَّ". ولقد تقول إحدى الشابات: "وماذا يجدي التفكير المستقل، ووالدتي تحاصرني بأفكارها وآرائها، ولا تترك لي منفذاً أنفذ منه"؟
إنّنا نعترف للشاب والشابة بأنّ الكبار يفرضون أنفسهم أحياناً على الشباب. ولكن هل يستسلم الشاب والشابة للأمر الواقع؟ هل يتوقفان على التفكير المستقل، وهل يفكران بعقل الأب وبعقل الأُم؟ وهل يريد الشاب ما يريده أبوه؟ وهل تطابق الشابة بين ما ترغب هي فيه وما ترغب فيه أمها؟
إنّنا نعتقد أنّ إعادة تنظيم العلاقات الاجتماعية بأفراد الأسرة مسألة ضرورية. وإنّنا نعتقد أيضاً أنّ الآباء والأُمّهات يرحبون بنمو شخصيات أبنائهم وبناتهم الشباب ولكن انصياع الشاب والشابة في الفكر والإرادة قد يريح بعض الآباء والأُمّهات ويرضيهم.
والمسألة في الواقع بحاجة إلى المقاومة المشروعة. والمقاومة تختلف عن الصدام والخروج عن حدود الأدب واللياقة. فالابن الشاب يجب أن يطالب بحقه في استقلال الفكر والإرادة. والابنة الشابة يجب أن تصر أيضاً على أنّ لها عقلاً تفكر به، وعلى أنّ لها إرادة تختار بها وتعمل بواسطتها.
يجب أن يكون للشاب والشابة قدرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهما ومستقبلهما. ولكن صاحب القرار الناجح يستشير غيره أوّلاً. ولكن أخذ المشورة ليس معناه الخضوع لتلك المشورة. إنّك تستشير كما يفعل المجرب في المعمل. فأنت تضع الآراء المتاحة أمامك لتختار من بينها.
وعليك بتوسيع عدد مستشاريك. ولا تجعل والديك هما المستشارين الوحيدين في شئون حياتك. فمهما كان مستوى الوالدين، فإنّ خبرتهما محدودة. وهذا أدعى إلى إعادة تنظيم علاقاتك بهما بغير أن تخرج عن حدود اللياقة والأدب.
المصدر: كتاب شخصيتك بين يديك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق