• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الرياضة علاج طبيعي لأعضاء الجسم كافة

أسرة

الرياضة علاج طبيعي لأعضاء الجسم كافة
ما هو السبب الرئيسي الذي يدفع الناس إلى المواظبة على ارتياد النوادي الرياضية، أو إلى ممارسة المشي السريع والهرولة في الشوارع والمتنزهات يومياً؟ على الرغم من أن أغلبية الناس يتوجهون إلى النادي الرياضي، رغبة في تحسين مظهرهم الخارجي، وتخفيف أوزانهم وتقوية عضلاتهم، إلا أنّ الفوائد التي يجنيها هؤلاء، لا تنحصر في القوام الرشيق واللياقة البدنية، بل تتعداه لتشمل كل عضو تقريباً من أعضاء الجسم. فقد تبيّن أنّ النشاط البدني المنتظم يساعد على تعزيز صحتنا العامة، ويخفف من خطر إصابتنا بعشرات الاضطرابات الصحية والأمراض الجسدية والنفسية. أما أبرز الأعضاء التي تستفيد بشكل خاص من ممارسة الرياضة فهي:   - العظام: العظام أنسجة حيّة يمكن أن تَضعَف أو تَقوَى، تبعاً لعوامل مثل العمر، الجنس، الهرمونات، العرق والنشاط البدني. والمعروف أن كثافة العظام تبلغ أعلى نسبة لها مع بلوغنا سن الثلاثين. ثمّ تبدأ في التراجع، إلا إذا واظبنا على حفز عظامنا واستثارتها عن طريق استخدام العضلات، الأنسجة الرابطة والأوتار في تمارين تقوم أساساً على تحدّي الجاذبية. ويؤكد المعالج الأسترالي المتخصص في تقويم العظام آدم مريديث، أن ممارسة النشاط البدني بانتظام تحافظ على صحة العظام وتحث على نموها. وكلما ازداد الضغط على العظام، تزداد النتائج إيجابية. وهو ينصح بممارسة التمارين التي تستلزم مقاومة وزن الجسم، مثل تمارين الإيقاع، ورفع الأثقال، إضافة إلى التمارين التي تتطلب نقل وزن الجسم، أو حمله مثل المشي السريع، الهرولة، القفز، صعود الأدراج، والرقص. ومن شأن هذه التمارين أن تعرّض العظام لإجهاد يدفعها إلى إنتاج خلايا محددة تدعى "أوستيوبلاست"، تقوم بمساعدة عناصر مغذية مثل الكاسيوم، بإنتاج طبقات جديدة من النسيج العظمي، ما يؤدي إلى تقوية العظام وزيادة كثافتها. وكانت دراسة أميركية حديثة قد أفادت أنّ العدائين المحترفين يتمتعون بكثافة عظام عالية، ويكونون أقل عرضة للإعاقات الجسدية والإصابات والكسور، ويتمتعون بصحة جيِّدة ونشاط في السنوات المتقدمة من حياتهم.   2- الجلد: النشاط البدني لا يساعد فقط على منح بشرتنا إشراقة صحية، بل يُسهم أيضاً في تنقية أجسامنا من الداخل، وفي التخفيف من ردّات فعل الجلد الالتهابية مثل الـ"أكزيما". وقد أظهرت دراسة مخبريّة أجريت على الفئران في "جامعة روتجيرز" الأسترالية، أنّ النشاط البدني يمكن أن يخفف أيضاً من خطر الإصابة بسرطان الجلد. تقول الأخصائية الأسترالية كارين فيشر، إنّ الحركة هي أداة للترشيح والتنقية، وهي تشبه مصفاة طبيعية لتنظيف الجسم وتجديد خلاياه وتعزيز طاقته. ولتحسين صحة الجلد، علينا أن نستخدم الحركة والنشاط البدني لنتعرّق، ولو لفترة قصيرة لا تتعدّى ربع ساعة في اليوم. ويحتوي العرق على أنزيم يدعى "ليزوزيم"، وهو يكافح الجراثيم ويطردها من سطح الجلد. وتنصح فيشر الجميع بممارسة أنشطة مثل المشي السريع، الهرولة، ركوب الدراجة والسباحة يومياً، ولو كان ذلك لوقت قصير. من جهة ثانية، تساعد ممارسة الرياضة على التخفيف من التجاعيد. فقد تبيّن أنّ التمارين الرياضية المعتدلة تحفز الغدة النخامية في الدماغ إلى إفراز هُرمون النمو الذي يحافظ على شباب البشرة، والذي تبدأ مستوياته في الانخفاض مع بلوغ سن الأربعين. وارتفاع مستويات هذا الهرمون، بفضل الرياضة، يعني زيادة في سُمك الجلد الذي يرق مع التقدم في السن، وتراجعاً في عدد التجاعيد ودرجة ظهورها.   - الجهاز المناعي: تؤكد الأبحاث العلمية، خاصة تلك التي أجراها البحاثة في "جامعة نورث كارولينا" الأميركية، و"جامعة الأبالاشيان" الأسترالية، أنّ الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام، ويتمتعون بدرجة عالية من اللياقة البدنية، يكونون أقل عرضة للإصابة بالأمراض التي تنتقل بالعدوى، مثل الرشح والإنفلونزا اللذين ينتشران في الفصول الباردة. وحتى في حالة التقاطهم العدوَى، فإن عوارض المرض تكون أقل حدة لديهم، وتستمر لوقت أقصر من المعتاد. وأكثر المستفيدين من قدرة الرياضة عل تقوية الجهاز المناعي، هم أولئك الذين يمارسون التمارين الرياضية لمدة 5 أيام أو أكثر في الأسبوع. وجاء في دراسة نشرتها "مجلة الطب الأميركية"، أن ممارسة التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة في اليوم، تساعد على خفض عدد حالات الإصابة بالرشح إلى النصف. ويعلّق المشرفون على الدراسة فيقولون، إنّ سبب ذلك يعود إلى أنّ النشاط البدني يزيد من عدد خلايا الدم البيضاء التي تنساب في مجرى الدم. والمعروف أنّ هذه الخلايا تتولى مهمة مهاجمة الجراثيم والفيروسات التي تسبب المرض، وتقضي عليها. تقول الأخصائية الأسترالية جولي ريني، إنّ الجهاز المناعي لا يتمتع بمحرّك خاص به، ولا ينبض من تلقاء نفسه مثل القلب. بالتالي، هو يحتاج إلى الحركة كوسيلة لتنشيطه وتقويته ودفعه إلى إخراج المواد السامة من الجسم.   4- الدماغ: يطلق الدماغ بعد ممارسة الرياضة "أندورفينات" تساعدنا على الإحساس بالارتياح والحبور، وتخفف من مستويات التوتر لدينا. وقد أظهرت دراسات عديدة، أنّ الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام، يعانون عدداً أقل من عوارض الاكتئاب والقلق، وأنّ المواظبة على ممارسة تمارين رياضية معتدلة القوة هي واحدة من أكثر الوسائل الطبيعية الفاعلة في علاج حالات الاكتئاب الخفيفة والمتوسطة. ويفسر الخبراء ذلك فيقولون، إنّ ممارسة الرياضة لا تُسهم في زيادة إنتاج الـ"أندورفينات" فحسب، بل ترفع أيضاً مستويات الـ"سيروتونين" في الدماغ. ويساعد هذا الناقل العصبي على تعديل المزاج، وتحسين نوعية النوم وتعزيز الرغبة الجنسية، وجميع ذلك يخفف الإجهاد، والتوتر، والضغط النفسي. من جهة ثانية، فإن ممارسة الأنشطة البدنية تُلهينا عن الموضوعات التي تسبب لنا القلق والتوتر. كذلك يمكن لهذه الأنشطة، عند القيام بها في إطار فريق أو مجموعة، أن تخفف من الشعور بالوحدة الذي يسبب الاكتئاب، ويضعف الثقة بالنفس. ويقول الأخصائي الأسترالي في صحة الدماغ، الدكتور مايكل فالنزويلا، إنّ ممارسة الرياضة تُسهم أيضاً في تعزيز قُدراتنا الذهنية، خاصة القدرة على استيعاب المعلومات الجديدة، وفي رفع درجة تيقّظنا. فالنشاط البدني يتمتع بتأثيرات إيجابية في الوظائف الذهنية، خاصة في ما يتعلق بالقدرة على حل المشاكل، والقيام بمهمات عديدة في الوقت نفسه. فقد أظهرت إحدى الدراسات الأميركية، أنّ الأشخاص الذين كانوا يحفظون عدداً من المفردات أثناء ركوبهم الدراجة الثابتة، تمكنوا من حفظ وتذكُّر عدد أكبر من هذه المفردات، مقارنة بما تمكنوا من حفظه وتذكره أثناء الجلوس من دون حركة. كذلك، تبيّن أن ممارسة رياضة المشي لمدة ساعتين في الأسبوع، تساعد على تحسين الأربطة العصبية الدماغية المسؤولة عن التخطيط، ووضع الاستراتيجيات المختلفة. أما العلماء في "جامعة إلينوي" الأميركية، فقد أظهروا أن ممارسة الرياضة تزيد من حجم المنطقة الدماغية المسمّاة "قرن آمون"، المسؤولة عن فرز المعلومات الجديدة وحفظها.   5- القلب: لا يُسهم النشاط البدني في تنشيط القلب والرئتين وتقويتها فحسب، بل يساعد أيضاً على التخفيف من ارتفاع ضغط الدم، وتحسين انسياب الدم في الأوعية الدموية. وقد أفادت دراسة أميركية، أجريت في كلية الصحة العامة التابعة لـ"جامعة هارفرد"، أنّه حتى لو كان هناك قدر قليل من النشاط البدني، يمكن أن يشكل وقاية للقلب من الأمراض. ويقول الأخصائي جاكوب ساتيلماير، الذي أشرف على الدراسة، إنّ الأشخاص الذين يتّبعون نمط حياة مَدينيّاً خاملاً بالكامل، يمكنهم أن يخففوا من خطر إصابتهم بمرض القلب، عن طريق ممارسة المشي السريع يومياً لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة.   6- الظهر: معظمنا يقضي ساعات طويلة جالساً في مكان عمله، وفي سيارته، وأمام شاشة التلفزيون في منزله. وتصل مدة جلوس الكثيرين منّا إلى أكثر من 15 ساعة في اليوم. ومن الطبيعي أن تؤدي فترات الجلوس الطويلة هذه، إلى انتشار ظاهرة آلام الظهر. ويؤكد مريديث، أن غياب الحركة البدنية هو أبرز العوامل المسببة لآلام الظهر. فجسم الإنسان مُبرمج طبيعياً لكي يتحرك كثيراً، أي أنّه علينا ممارسة الأنشطة البدنية المتنوعة يومياً. وتُسهم تمارين الـ"أيروبيكس" والمشي السريع والهرولة في تعزيز وصول الدم إلى العمود الفقري، كما تُسهم أنواع الرياضة الأخرى، مثل الـ"بيلاتيس" في تقوية عضلات الجسم الداخلية، ما يخفّف من الإجهاد الذي يتعرض له العمود الفقري وما يتبعه من ألم في الظهر. ويتحتّم على الأشخاص الذين يضطرون بحكم عملهم، إلى أن يجلسوا ساعات طويلة، أن ينهضوا كل 10 أو 15 دقيقة ويقفوا في مكانهم، أو يمشوا حول المكتب قليلاً. فمن شأن ذلك أن يساعد على الوقاية من ألم الظهر. أمّا الأشخاص الذين يعانون آلاماً فعلية في الظهر، فعليهم استشارة أخصائي يصف لهم برنامجاً خاصاً لتمارين الظهر مناسباً لحالتهم الصحية.   7- الثدي: أظهرت الدراسة الإحصائية الواسعة، التي شملت عدداً كبيراً جدّاً من الممرضات الأميركيات، على امتداد سنوات طويلة، أن إمكانية الإصابة بسرطان الثدي قبل سن اليأس تتراجع بشكل ملحوظ لدى النساء اللواتي كنّ يمارسن الرياضة ما بين سن 12 و35 سنة، مقارنة بالنساء الأقل نشاطاً. ويعلّق البحاثة فيقولون، إنّ الأمر يتعلق بمجمل النشاط البدني الذي تمارسه المرأة. والمعدل الجيِّد يوازي الهرولة لمدة تصل إلى 3.25 ساعة في الأسبوع، أو المشي لمدة 13 ساعة في الأسبوع. أمّا بالنسبة إلى النساء بعد سن اليأس، فقد تبيّن أن 4 ساعات من النشاط البدني في الأسبوع كافية للتخفيف من خطر هذه الإصابة. ويعزو البحاثة ذلك، إلى قدرة الرياضة على تقوية الجهاز المناعي بشكل عام، إضافة إلى الدور الذي يلعبه النشاط البدني في التخفيف من تعرض المرأة لهرمون الأستروجين، المعروف بعلاقته بالإصابة بسرطان الثدي.   8- المفاصل: تتمتع المفاصل الصحية بوفرة في السائل الذي تفرزه أغشيتها، وهو يعمل على تزييتها، وتسهيل حركتها، وتعزيز مرونتها. وتتراجع نسبة هذا السائل لدى الأشخاص، الذين يعانون أمراضاً مفصليّة، مثل التهاب المفاصل العظمي. وتؤكد الدراسات، أنّ النشاط البدني لا يُسهم في رفع مستويات هذا السائل المهم فحسب، بل يساعد أيضاً على تقوية العضلات المحيطة بالمفاصل، ما يخفف من الضغط والإجهاد اللذين تتعرض لهما المفاصل نفسها. من جهة ثانية، وبما أن ممارسة الرياضة تساعد على التخفيف من حدة الالتهابات التي تصيب الجسم، بالتالي، فهذا يعني أنها تخفف أيضاً من التهاب المفاصل.

ارسال التعليق

Top