من البديهي أن يعتمد العمل الدبلوماسي بالدرجة الأساس على ثقافة ومهارات الأتيكيت وضوابط البروتوكول، لأداء مهامه الدبلوماسية بشكل يتسم بالمرونة والقبول في الأوساط الدبلوماسية أو الرسمية وحتى الشعبية فيما يتعلق بجمهور الجاليات التي يمثلها أعضاء السلك الدبلوماسي في ساحة بلد آخر حيث مقر السفارة، وامتلاك مثل هذه المهارات تحتاج إلى تدريب لأعضاء الطاقم الدبلوماسي على نمط هذه الأجواء التي تحتاج إلى مزيد من المرونة والتفاهم والقبول.
وهنالك بعض الوصايا المطلوب اتباعها للمتدربين على ثقافة الأتيكيت والبروتوكول الدبلوماسي التي تساعد على تأهيل اتخاذ القرارات وحل المشكلات:
· يكتسب المهارات والاتجاهات اللازمة للعمل بشكل مستقل أو من خلال فريق عمل كما يتمكن من مهارات إدارة الذات.
· تجويد مهارات العمل الجماعي القائم على مهارات دبلوماسية.
· يهتم اهتماماً جاداً ببيئة العمل ويحافظ على معايير الجودة الشاملة.
· يكتسب مهارات التفكير الإبداعي والتواصل.
· مهارة الحسم واستخدامها بشكل صحيح وإيجابي.
· يفهم بأنّ الدافعية الذاتية ومهارة إدارة الوقت أساس الإنجاز والإنتاج الناجح.
· التعرف على نقاط القوة والضعف لديك والتي ترتبط بإدارة الوقت.
· يكتسب مهارات التعامل الإنساني الإيجابية ويتفاعل مع الخلاف بحكمة متسلحاً بالعقل والتسامح.
· التعرف على المفاهيم والأساليب الحديثة في خدمة المراجعين.
· تنمية مهارات المشاركين في تحديد احتياجات العملاء وتقديم خدمات ذات جودة عالية لهم.
· تنمية مهارات المشاركين في الاتصال مع العملاء.
· تطوير اتجاهات المشاركين الإيجابية نحو العملاء.
· تمكين المشاركين من معالجة مشكلات العملاء بكفاءة وفاعلية.
· تطوير قدرات المشاركين في التعامل مع الأنماط المختلفة من العملاء.
· تنمية مهارات المشاركين في تصميم وتنفيذ المسوح لاستطلاع رضا العملاء وموظفي الخدمة واقتراحاتهم لتطوير الخدمة.
توظيف البروتوكول في إدارة الدبلوماسية:
التطور التاريخي للدبلوماسية عند الشعوب والدول:
ثبت بالتجربة الحياتية استحالة العزلة في الطبيعة الاجتماعية عبر التاريخ وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان البته. وبناء العلاقات الاجتماعية ضرورة ملحة في اكتمال أركان الحياة عند الإنسان والمجتمع، ومن خلال ذلك تتكامل منظومة التعامل الإنساني، فلا أحد يقدر على العيش بمعزله بعيداً عن الآخرين أو الاستغناء عن خدماتهم، وكما يقول الشاعر:
الناس للناس من بدو ومن حضر *** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
وقانون الحياة يؤكّد حاجة البشرية إلى بعضها البعض بتبادل المنافع والمصالح والتي تتزايد حيناً بعد حين بتزايد تطور المجتمعات نفسها ووسائلها في مجالات السلم والحرب. فكانت هناك ظاهرة الرسل في ظل مجتمع الجماعة والعشيرة والقبيلة لحل الخلافات والنزاعات، وكانت تلك الرسل متمتعة بعدم الاعتداء عليها ويعاملون معاملة تليق بكرامتهم ومكانتهم لما يقومون به من دور، وهو ما كان نواة للحصانات الدبلوماسية عند ظهور الدولة بمفهومها المدني.
وفي العصور القديمة عندما تطور موضوع التجانس بين الأقوام والشعوب والدول ظهرت بعثات تجارية متنقلة لتبادل المصالح النفعية بين تلك المجتمعات وهو أمر ضروري لبلورة مفهوم موضوعي للعلاقات القنصلية فيما بعد التي تمثل إجراءات وقواعد لتنظيم طبيعة التعاون البناء لضمان حقوق الأطراف المعنية. وبتطور مفهوم الحياة وفقاً لواقع حتمي في التشارك والتواصل أصبحت حاجة الدول إلى جهاز يقوم بتنفيذ تلك المهمة للحفاظ على حسن العلاقات وتوطيد أواصرها بين تلك الدول؛ وقد كانت تتم أحياناً من خلال مبعوثين من قادة ورؤساء الدول إلى نظرائهم في الدول الأخرى. فكان المبعوث آنذاك يرسل لتنفيذ مهمة محددة، ثم يعود فور انتهائها، ونشأت الحاجة إلى إرسال سفراء ومبعوثين لفترات أطول حتى ارتقى الأمر إلى صورة التعامل الدبلوماسي الدائم بمفهومه الحديث الذي يعرف بالسفارات والقنصليات والذي جسد بصورة أساسية وعملية ثبوت سيادة الدولة الحديثة، وهو مؤشر واضح على الاستقرار في العلاقات الدولية التي ترتكز على الحفاظ على المصالح المشتركة.
وعندما كانت الحياة تحكمها مفاهيم القبيلة فيكون اللجوء إلى التعامل الدبلوماسي بإرسال بعثة سلام يمثل القبيلة ويمتلك حكمة يسمى اليوم بالمبعوث الدبلوماسي للقيام بمسؤولية حل النزاعات التي تحصل حول الماء والكلأ كان هذا قبل ظهور الدولة الحديثة، وكان يمتلك حصانة عدم التعرض لأذى. واستمر هذا العرف حتى ظهرت الدولة الحديثة بعد اتفاقية وستفاليا عام 1648م نتيجة لحروب دامت ثلاثين عاماً من (1618-1648م) والتي كانت بين البروستانت والكاثوليك من جهة والأمراء والإقطاع من جهة أخرى وبعدها استمرت الحرب فيما بينهم للاستيلاء على الأراضي التي تم اكتشافها من قبل الأوروبيين. وكانت الحروب والمصالح سبباً للبحث أو الحاجة إلى المبعوث الدبلوماسي بالمفهوم القبلي القديم وكذلك المدني الحديث بظهور الدولة. ويعتبر المؤتمر الذي عقد في فيينا عام 1815 بين الدول الأوروبية على أثر هزيمة فرنسا بقيادة نابليون بونابرت هو الخطوة الأولى لإقرار القواعد الأولى للعلاقات الدبلوماسية، والتي أغنيت في اتفاقية اكس لا شابل عام 1818م بإضافة ترتيبات جديدة إلى ما أقره مؤتمر فيينا السالف الذكر.
وبقيت مسألة الالتزام بالقوانين الدبلوماسية غير الناضجة محدودة حتى ظهرت عصبة الأُمم عام 1919م والتي قامت على أنقاضها بعد الحرب العالمية الثانية منظمة الأُمم المتحدة عام 1945م التي وضعت الأسس القانونية لكيفية التعايش السلمي بين الشعوب وحل الصراعات بالطرق الدبلوماسية فكلفت لجنة القانون الدولي بإعداد مشروع اتفاقية دولية للعلاقات الدبلوماسية، فكان أن أُقرت بمؤتمر دولي في فيينا عام 1961م، وتلتها اتفاقية دولية للعلاقات القنصلية أقرت بمؤتمر دولي أيضاً في فيينا عام 1963م. كما ذكر في مكان آخر وأصبحت قواعد كلّ منهما ملزمة لجميع الدول الأطراف فيها وفقاً لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م حيث أصبحت الدولة المخلة بتلك القواعد عرضة للمساءلة القانونية، وبالتالي فإنّ الحفاظ على الالتزام بها يعد ضماناً لتعزيز وتطوير العلاقات بين الدول حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين.
الكاتب: د. فاضل البدراني
المصدر: كتاب فن الأتيكيت في بناء العلاقات الاجتماعية والدبلوماسية
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق