أسرة البلاغ
ها هي الإجازة الصيفية تطرق أبوابنا، ويطل علينا موسم الإجارات بعد عناء الأبناء وأسرهم من عام دراسي طويل استنفد طاقاتهم كافة، وفي ظل طقس تلتهب فيه درجات الحرارة فالمتعارف عليه أنه مع بدء العطلة أول ما يتبادر إلى أذهان معظم العائلات، هو كيفية قضاء الإجازة، وخاصة مع ارتفاع لهيب الصيف الذي يدفعهم للهرب إلى بلدان يكون الجو فيها أفضل حالاً، ولكن هذا العام تبدلت الأوضاع والظروف لتزامن شهر رمضان مع عطلة الصيف، إذ سيكون الوقت الفاصل بين بداية العطلة الصيفية ودخوله قليلاً للغاية، مما يدفع الأسر للوقوف برهة عند التفكير وطرح تساؤلات عدة حول كيفية قضاء إجازة ممتعة تتزامن وشهر العبادات.
على مجموعة من الأسر، طرح السؤال التالي: هل قدوم شهر رمضان في منتصف الإجازة سبب ارتباكاً في الاستمتاع بالإجازة؟
أكدت غالبية الأسر ممن استطلعنا آراءهم أن رمضان بالفعل أربك إجازتهم، كونه يتطلب أياماً في التحضير والاستعداد له، مما يأخذ من رصيد عطلتهم مزيداً من الوقت، ويصعب عليهم قضاء معظم الإجازة بالخارج أو التنزه داخل مرافق الدولة ومنتجعاتها، ومن ناحية أخرى وجد البعض الآخر أن رمضان لم يشكل لهم حالة من الإرباك إنما درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة الشديدة هما الارباك في حد ذاته، مما دفعهم إلى "الهرولة" لاستغلال إجازتهم في السفر إلى الخارج حيث الطبيعة الجميلة والطقس المعتدل قبل بدء شهر رمضان، أو تأجيل قضاء الإجازة في الخارج إلى ما بعد قدوم العيد بأجل الاستمتاع بها، أمّا الفئة الثالثة فقد ارتأت أن أهم الارباكات التي وقفت عائقاً في كيفية اتخاذ القرارات الخاصة بالإجازة هي قصر مدة الإجازة للأبناء وقدوم رمضان في منتصفها، الأمر الذي دفعهم إلى تفضيل قضاء العطلة الصيفية داخل ربوع الدولة والاستمتاع بالسياحة الداخلية كأحد الحلول.
- قصر الإجازة:
عبدالستار القناص "أب لستة أبناء"، يقول: تلك الارباكات دفعت بي إلى التفكير ملياً في كيفية شغل عطلتهم التي تتزامن مع شهر رمضان، وأصبح قرار البقاء في داخل الدولة أحد أهم الحلول لتلك الارباكات من خلال الذهاب بهم إلى المناطق الشمالية ذات المناظر الخلابة والجبال والوديان والعيون المائية.
- رمضان في المنتصف:
بلال محمد "أعزب"، أعتبر أن أحد أهم الارباكات التي واجهت أسرته في قضاء أيام الاجازة قدوم شهر رمضان سريعاً وفي منتصف العطلة، حيث خططت أسرتي للسفر إلى إحدى الدول العربية ولكن نظراً لذلك الارباك، فضلنا قضاء الإجازة قبل إطلالة شهر رمضان بالحجز في المنتجعات لعدة أيام، حرصاً منا على نيل فرصة كافية للاستجمام وتهيئة أنفسنا لاستقبال شهر الصيام براحة أكثر.
ومن جانبه يقول معاذ: إن أكثر ما يربك الإجازة الصيفية ارتفاع درجات حرارة الجو والرطوبة بالنسبة له، الأمر الذي دفعه إلى اتخاذ قرار السفر قبل دخول شهر رمضان بثلاثة أسابيع، برفقة زوجته إلى تركيا نظراً لانخفاض درجات حرارتها وجمال الطبيعة فيها.
- شكوى المعلمين:
المعلمون أيضاً كانت لهم شكاواهم من ارباكات الإجازة الصيفية، حيث تقول حصة خلفان، معلمة في إحدى المدارس الحكومية: الامتحانات لدينا ستنتهي في منتصف يونيو، ومع ذلك سيكون علينا كمدرسين المداومة يومياً في المدرسة حتى آخره، لتبدأ بعدها إجازتنا وهو ما سيؤثر على مواعيد السفر، فرغم أن أولادي سينهون امتحاناتهم ويأخذون العطلة قبلي، فإنّ الأسرة بكاملها ستظل تنتظر معي حتى يوليو، والذي سبيدأ رمضان في أواخره، فكيف سنتمكن من السفر وقضاء الإجازة الصيفية؟ الأمر الآخر إن إجازتنا التي وصلت العام الماضي إلى أكثر من ثلاثة أشهر لن تكمل هذا العام الشهرين، مع ضياع إجازة العيد علينا حيث ستكون من ضمن العطلة الصيفية، وكلها بإجازة الصيف التي ننتظرها بشوق طوال العام الدراسي.
- داخل الدولة:
يقول صالح إبراهيم "أب لابنتين" أنّه اعتاد قضاء الإجازة مع أسرته في إحدى الدول الأوروبية أو الآسيوية، إلا أنّه قرر هذا العام قضاء كامل الإجازة داخل الدولة، وأضاف إن قدوم رمضان في منتصف العطلة الصيفية تسبب في حدوث ارباك لي ولأسرتي، لهذا قررت استغلال إجازتي السنوية واجازة ابنتي الدراسية في الاستجمام والتنزه داخل الدولة.
- مبررات:
بادرتنا أم سعيد "أم لأربعة أبناء" بوجهة نظر مغايرة للآخرين بالقول: لا يوجد ما يربك صفو الإجازة الصيفية سواء كانت قصيرة أم مع قدوم شهر رمضان، تبقى فرصة للاستمتاع والراحة من طول دراسة وعمل عاماً كاملاً، كما أنّ الاستمتاع بالإجازة ليس مربوطاً بالسفر إلى الخارج، لما فيه من إرهاق لميزانية الأسرة.
كما تؤكد أم سعيد عدم رغبة أبنائها في السفر إلى أي دولة، بالقول: يبرر أبنائي ذلك بأن قصر الإجازة الصيفية لن تقدم لهم الجديد من خلال السفر إلى الخارج، وأنهم في حال السفر لن ينالوا قسطاً من الراحة، لأن أجسادهم مرهقة من عناء العام الدراس الطويل، كما أنّهم يفضلون قضاء الوقت مع أصدقائهم داخل الدولة، في اللهو والتسلية بمراكز التسوق، إضافة إلى احساسهم بأن إقامتنا معاً لمدة أسبوع في أحد فنادق الدولة، تجعلهم يرفضون قبول السفر إلى الخارج.
- حزم الحقائب:
من جهة أخرى قررت عائلة أم راشد "أم لستة أبناء"، حزم الحقائب والسفر إلى الهند لمدة أسبوعين تعاطفاً مع ظروف الأبناء، الذين أمضوا فترة طويلة في الدراسة وتأدية الامتحانات، وتقول: لقد واجهت اجازتنا ارباكات أهمها قصر إجازة أبنائي، التي لا أرى فيها متنفساً لهم وفرصة للترفيه عن أنفسهم، إضافة إلى قدوم شهر رمضان في منتصف الإجازة، ولم يكن أمامنا سوى اتخاذ قرار السفر بشكل سريع حتى تتم العودة إلى الوطن والبدء في التحضيرات للشهر الفضيل، الذي لن يكون فيه وقت للتنزه والترفيه خارج المنزل، لأنّ الجميع سينشغل بتأدية الفروض والصيام والسهر طوال الليل وباقي النهار سيخصص للنوم. وتضيف: يبدأ النشاط مرّة أخرى يدب في حياة أسرتي بعد عيد الفطر، من خلال استغلال بقية أيام الإجازة في التنزه داخل ربوع الدولة، وزيارة المهرجانات الصيفية ومشاهدة الفعاليات الخاصة بالأطفال.
- تحضيرات رمضان:
ترى مريم عيسى "أم لثلاثة أطفال" أن قدوم رمضان في منتصف الإجازة الصيفية أربك العديد من الأسر، متابعة بالقول: السبب من وراء ذلك الارباك أن رمضان يتطلب من العائلات التحضير له بشكل جيِّد، حيث تهرج ربات الأسر إلى صيانة المنازل وصباغتها وتجديد الأثاث وشراء أوانٍ جديدة للمطبخ وغيرها من الاستعدادات، وهو يتطلّب المزيد من الوقت وميزانية خاصة له، لهذا قررت أسرتي قضاء الاجازة بعد العيد، من خلال السفر لمدة أسبوع إلى ماليزيا، لأجل أخذ قسط من الراحة والترفيه عن النفس مما يؤهل الجميع لبدء الدراسة وخوض العمل بروح متجددة.
- تقليص إجازات الموظفين:
كما يؤكد أحمد الحمادي "أب لخمسة أبناء" أن أهم الارباكات التي تواجه الأسر هي قصر مدة إجازات المدارس والجامعات وتأخر دوام الجامعيين في "الكورسات" الصيفية، إضافة إلى بروز موضة جديدة متمثلة في تقليص عدد أيام إجازات الموظفين من قبل المسؤولين، مما دفع جميع أفراد الأسرة الواحدة إلى التضحية بالسفر وتعويضه بالسياحة الداخلية، وهو أمر سأقوم به من خلال الاقامة لمدة أسبوع في أحد الفنادق محاولة مني في إدخال البهجة والسرور على أفراد أسرتي.
ارسال التعليق