• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

القرآن الكريم وفضل العلم

القرآن الكريم وفضل العلم
   يكفي العلم جلالة وفخراً أنّ الله سبحانه قد جعله السبب الكليّ لخلق هذا العالم العلويّ والسفليّ، قال الله تعالى في مُحكم الكتاب: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) (الطلاق/ 12).

وجعل سبحانه العلم أعلى شرف، وأوّل منّة امتنّ بها على ابن آدم بعد خلقه وإبرازه من ظُلمة العدم إلى ضياء الوجود، فقال سبحانه في أوّل سورة أنزلها على نبيّه محمّد (ص): (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق/ 1-5).

فتأمّل كيف افتتح كتابه الكريم بنعمة الإيجاد، ثمّ أردفها بنعمة العلم، فلو كان ثمة مِنّة أو نعمة بعد نعمة الإيجاد هي أعلى من العلم لما خصّه الله تعالى بذلك، وصدّر به نور الهداية.

وقد ذكر في تفسير هذه الآية المذكورة في صدر السورة اشتمال بعضها على خلق الإنسان من علق، وفي بعضها تعليمه ما لم يعلم؛ ليحصل النظم البديع في ترتيب آياته: إنّه تعالى ذكر أوّل حال الإنسان، وهو كونه علقة، مع أنّها أخس الأشياء، وآخر أمره وهو صيرورته عالماً وهو مقام شريف، وليس هذا الكمال إلّا من قدرته تعالى، وتنبيه على أنّ العلم أشرف الصفات، ومن هنا حصر سبحانه الخشية في العلماء، فقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر/ 28).

وهذه الآية فيها وجوه من الدلائل على فضل العلم:

منها: دلالتها على أنّ العلماء هم أهل الجنّة؛ وذلك لأنّ العلماء من أهل الخشية، ومن كان من أهل الخشية كان من أهل الجنّة، فالعلماء من أهل الجنة، فبيان أنّ العلماء من أهل الخشية قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).

وبيان أنّ أهل الخشية من أهل الجنّة قوله تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (البيّنة/ 8).

وقرن سبحانه أولي العلم بنفسه، وملائكته، فقال: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران/ 18).

وزاد في إكرامهم على ذلك مع الاقتران المذكور، بقوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (آل عمران/ 7).

وبقوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (الرعد/ 43).

وقال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة/ 11).

وقال تعالى مخاطباً لنبيه، آمراً له مع ما آتاه من العلم والحكمة: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه/ 114).

 

المصدر: كتاب 30 أدباً المتعلّم

ارسال التعليق

Top