الحصول على ما يكفي من النوم مهم لكل الناس في كلّ الأعمار، لكنه وبشكل خاص أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى كبار السن. فكيف يمكن لهؤلاء الحصول على نوم مريح؟
يواجه الكثير من كبار السن عدداً من المشاكل الصحية المتعلقة بعدم الحصول على القدر الكافي من النوم الصحي والمفيد. وليس التقدم في السن، في حد ذاته، هو ما يمنع كبار السن من الاستفادة من النوم الجيد ليلاً، وإنما هناك اضطرابات نوم كثيرة أو عوامل تؤدي إلى عدم انتظام النوم. هذه العوامل غالباً ما يكون ظهورها مرتبطاً بالتقدم في السن.
وكلما تقدمنا في السن تغيّرت أنماط النوم لدينا. فكبار السن لا يمضون في مرحلة النوم العميق الفترة نفسها التي يمضيها صغار السن. ومن الأعراض الشائعة لاضطرابات النوم نذكر:
- صعوبة في الشعور بالنعاس.
- الاستيقاظ باكراً جدّاً في الصباح.
- عدم القدرة على التمييز بين الليل والنهار.
- الاستيقاظ مرات عديدة خلال الليل.
مشاكل مرتبطة بالسن:
يواجه عدد كبير من كبار السن مشاكل في النوم بسبب ظروفهم الصحية، وما يرتبط بها من أعراض وأدوية. ومن المشاكل الصحية، التي يمكن أن يمنع كبار السن من الاستفادة من نوم جيد، نذكر التأثيرات الجانبية لبعض الأدوية التي يصفها الطبيب، آلام مزمنة ناجمة غالباً من أمراض مزمنة، مثل: مرض التهاب المفاصل، الاكتئاب، إدمان الكحوليات، عدم ممارسة ما يكفي من الرياضة، الشخير، الإصابة بمرض الـ"ألزهايمر" أو أي مرض متعلق بالدماغ والأعصاب، الإكثار من الكافيين، كثرة الذهاب إلى الحمّام للتبول خلال الليل.
بيولوجيا:
من الممكن أن تكون بعض التغيرات البيولوجية لدى كبار السن سبباً متدخلاً في اضطرابات النوم لديهم . وتقول إحدى النظريات: إن كبار السن يُنتجون ويُفرزون من هرمون الميلاتونين، الذي يساعد الناس على النوم، كميات أقل ممّا يفرزها الأشخاص الأصغر سناً. أما المشكلة الثانية فهي التغير الذي يحدث على مستوى الساعة البيولوجية الداخلية للإنسان، وهي التي تقوم بالتنسيق بين وظائف عديدة في الجسم، منها النوم، هذا التحول يجعل كبار السن يشعرون بالتعب أكثر من بداية المساء، ما يدفعهم إلى الإيواء باكراً إلى السرير والاستسلام للنوم، وبالتالي الاستيقاظ باكراً في الصباح. من جهة أخرى، يعاني الكثير من كبار السن الأرق، والذي غالباً ما يكون مرتبطاً بمشاكل طبية أو نفسية. ومن شأن عدم الحصول على نوم صحي أن يؤثر في الحالة الصحية العامة للأشخاص المتقدمين في السن، بل يمكن أن يؤثر في وظائف أجسامهم السلوكية.
تسع ساعات:
ولكن كم ساعة من النوم يحتاج جسم الشخص المتقدم في السن لكي يقوم بوظائفه بشكل جيِّد؟ يقول الخبراء إن عدد ساعات النوم التي تكفي كبار السن تختلف من شخص إلى آخر حسب عوامل متعددة، لكنها عموماً تتراوح بين 7 و9 ساعات من النوم المستمر غير المتقطع. وقد بيّنت دراسة أميركية حديثة أن كبار السن الذين يتمتعون بصحة جيدة يحتاجون إلى ساعة ونصف أقل مما يحتاج إليه البالغون الأصغر سنّاً. الدراسة نفسها خلصت إلى أن كبار السن قد ينامون أقل من غيرهم حتى لو توافرت لديهم الفرصة ليناموا وقتاً أطول، وذلك راجع إلى التغيّرات المرتبطة بالسن والتي تؤثر في قدرتهم على النوم نوماً هادئاً من دون تقطع. ويشير الخبراء إلى أنّه من المهم التركيز أكثر على كيف يشعر كبار السن عندما يستيقظون بعد ليلة من النوم، بدل التركيز على عدد الساعات التي قضوها في النوم. يعتقد كبار السن وعن طريق الخطأ أنهم يعانون مشاكل في النوم لأنّهم يذهبون إلى السرير وهم يتوقعون أن يناموا ما بين 8 و9 ساعات في الليلة، بل ربما يشرعون في استعمال أدوية لكي تساعدهم على النوم. لكن النوم المتقطع أو الاستيقاظ مرات عديدة في الليل والشعور بالإرهاق والتعب أثناء النهار، هي مؤشرات تكشف بشكل أفضل عن الحاجة إلى النوم أكثر مما يكشف عن ذلك حساب عدد الساعات التي قضاها الشخص المسن في النوم.
لنوم أفضل:
لا يحتاج كبار السن إلى النوم عدد الساعات نفسه الذي ينامه من هم أصغر سناً، إذ إنّ سبع أو ثماني ساعات تكفيهم. لكن المشكل أن ذلك النوم غالباً ما يكون متقطعاً عبر أوقات النهار والليل بدل أن يتركز في الليل ويكون نوماً هادئاً ومتواصلاً. وهذه بعض الاقتراحات التي تساعد على محاربة اضطرابات النوم وتساعد كبار السن على الحصول على ليلة نوم كاملة ومُريحة دون انقطاع:
- معالجة أي مشاكل صحية لدى الشخص المتقدم في السن، وإذا كان المريض يُعاني مثلاً الاكتئاب أو التهاب المفاصل أو مشاكل في المثانة البولية تُجبره على الاستيقاظ ليلاً والذهاب إلى الحمّام مرات عديدة في الليلة الواحدة، فعليه أن يُبادر بزيارة الطبيب ويطلب المساعدة الطبّية حتى يعالج هذه الاضطرابات، ويتمكن من الحصول على نوم مريح ومتواصل خلال الليل.
- الاستلقاء في السرير لا يكفي، على الشخص المتقدم في السن أن يعوّد نفسه على وقت محدد للنوم كلّ يوم، ويلتزم به بدقة حتى يصبح مثل طقس مُقدَّس لديه. على الشخص الذي يُعاني الأرق أن يذهب إلى السرير في وقت ثابت كلّ يوم، وإذا وجد نفسه لا يزال صاحياً بعد 20 دقيقة، فعليه أن ينهض من السرير، ويقوم بشيء مُهدئ للأعصاب ومساعد على الاسترخاء، مثل القراءة أو الاستماع للموسيقى أو أخذ حمّام ساخن.
- إدخال تغييرات على نمط الحياة اليومية، ويمكن أن تتضمن هذه التغييرات التخلّي عن شرب كلّ ما يتضمّن مادة الكافيين، وخاصة القهوة، والابتعاد عن تناول الوجبات الكبيرة والدسمة قبيل موعد النوم. كما أنّه من المهم للشخص المتقدم في السن، الذي يعاني عدم انتظام النوم، أن يحرص على ممارسة الرياضة بشكل يومي، ويُفضَّل أن يتم ذلك في الصباح الباكر وليس بعد الظهر أو في المساء.
- احترام مواعيد النوم والاستيقاظ، يجب التعود على النوم في وقت محدد وأيضاً الاستيقاظ في وقت مُحدَّد كلّ يوم، وذلك لكي يتعود الجسم على النوم الصحي. كما ينبغي تجنّب النوم وقت القيلولة، وتخصيص غرفة النوم للنوم والاسترخاء فقط، وليس لأشياء أخرى من قبيل مشاهدة التلفزيون أو الاشتغال على الحاسوب أو الانشغال بالانترنت والهاتف النقال. يجب أن تكون غرفة النوم خالية تماماً من الأجهزة الإلكترونية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق