• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

يوم جديد

سالم سمر

يوم جديد
  تتسلل أشعة الشمس الذهبية عبر نافذة غرفتها المواربة لتلامس وجنتيها. العصافير تزقزق على النافذة.. وحبات المطر كاللؤلؤ تنساب على زجاج النافذة، تقاوم كسلها وتزيح غطاءها وتنهض من فراشها.

فاليوم.. يوم جديد.. والأمس أصبح في ذاكرة النسيان.

تقلب قهوتها على النار بهدوء واستمتاع. تتصاعد رائحة القهوة تدخلها في حالة توهان. لامست أصابعها زر الراديو وتركت نغمات الأغنيات تتسلل إلى أذنيها. أزاحت ستائر شبابيك البيت بأكمله وراحت تستنشق عبير الصباح.

جاءها الصوت من بعيد كريح عاصفة:

"أنا لحبيبي.. وحبيبي إلي

يا عصفورة بيضا لا بقي تسألي

لا يعتب حدا.. ولا يزعل حدا".

اتجهت مسرعة إلى الراديو وغيّرت المحطة، فهي لا تريد أي شيء يذكرها به. لا تريد أي ذكرى منه حتى لو كانت أغنية ردداها معاً.

أخذت نفساً عميق ورجعت تمسك بفنجان قهوتها من جديد، كالطفل الذي يتشبث بأُمّه.

وراحت تردد في نفسها: "اليوم.. يوم جديد.. والأمس أصبح في ذاكرة النسيان".

وقفت أمام خزانتها حائرة ماذا تلبس؟ كلّ قطعة تمسكها تذكرها به.. فهذا الفستان ارتدته في حفل عيد ميلاده، وهذه البلوزة كانت شاهدة على أوّل يوم تقابلا. وهذا الـ"إيشارب" تطاير منها وهما يتمشيان معاً على شاطئ البحر.

حارت بين هذا وذاك.. لكلِّ قطعة ذكرى معه. حاولت جاهدة أن تنفض عنها غبار الذكريات الذي بات يحاصرها وراحت تردد في نفسها من جديد: "اليوم.. يوم جديد".

اختارت فستاناً عشوائياً وارتدته ووقفت أمام مرآتها تتجمل وتكثر من المساحيق على وجهها لتخفي إرهاقه وانهماكه.. وبدمعة واحدة زالت المساحيق من على الوجه وأجهشت بالبكاء. حاولت أن تتماسك من جديد

وأن تقول لنفسها: "كفى. اليوم.. يوم".. لم تكمل كلمتها وإذا بقلبها يقول:

"اصمتي أيتها الغبية فكيف يأتي يوم جديد من دونه"؟

ارسال التعليق

Top