• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حقوق الإنسان(Human Rights)

حقوق الإنسان(Human Rights)

في حين حازت حقوق الإنسان على اهتمام الفلاسفة والمنظّرين السياسيين، منذ الحرب العالمية الثانية، فقد حصلت على اهتمام عالمي. وهذا يرجع إلى حد كبير إلى تأسيس الأمم المتحدة وإعلانها العالمي لحقوق الإنسان (1948) وكذلك قرارات أخرى، ومعاهدات ومواثيق تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية (بشكل جماعي، الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان). فنحن هنا نتعامل مع حقوق الإنسان القانونية، بالتعارض مع الحقوق المتصلة بالدين والقانون الطبيعي والفلسفة.
ويجب النظر في قضيتين رئيسيتين حول حقوق الإنسان، وهما العالمية والقابلية للتنفيذ، فبينما توجد ببعض الدول القومية مشروعات قوانين خاصة بهذه الحقوق، لاسيما إذا كان قد تمّ وضعها في فترة ما بعد الحرب، فهي تعكس الإهتمامات العامّة من خلال واضعي الدساتير كما هو الحال في دستور الولايات المتحدة (1789) والبيان الفرنسي الخاص بحقوق الإنسان والمواطن (1793). فعلى سبيل المثال يوضح دستور جنوب أفريقيا إهتمامه بحقوق الإنسان من خلال إنشاء المؤسسات لرصدها وتفعيلها. وبالرغم من، وربما بسبب، إعلان الأمم المتحدة العالمي يعني التفاوت الثقافي أن هذه الحقوق لا تتناسب دائماً مع بعض اهتمامات دينية وثقافية ومدنية.
ويرتبط بالإعلان العالمي مسألة تنفيذه. ولو الحقوق انغلقت داخل إطار التشريعات القومية والدساتير سوف تكون السلطة القضائية ذات الصلة مكلفة عادة ولديها الكفاءة لتقييم الحقوق وتنفيذها وتقديم العلاجات في حالة حدوث انتهاكات. فعلى سبيل المثال، قد تقضي محكمة الولايات المتحدة العليا بأن تشريعاً ما غير دستوري على أساس الحقوق التي تضمها تعديلات الدستور.
وعلى المستوى الإقليمي، قد يكون التنفيذ ممكناً. فقد أصبح الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان نافذاً في المحاكم من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بستراسبورغ. وبالرغم من هذا يعد الوصول إلى هذه المحكمة عسيراً كما إن هناك أعباء من حيث الوقت والمصادر المالية بالنسبة إلى المدعي. وبالإضافة إلى هذا يمكن في هذه الحالة رفع قضية إذا كان الشخص "ضحية" بموجب الميثاق. ولقد قامت بريطانيا عام 1998 فقط بضم الإعلان العالمي إلى قانونها المحلي بالإضافة إلى قانون حقوق الإنسان (1998، الذي أصبح نافذ المفعول عام 1999)، بالرغم من توقيعه منذ عام 1951.
وبالإضافة إلى هذا، فإن بعض هذه الحقوق ليست بكاملة، ويمكن يُحطّ من قدرتها أو تحفظ، أي تُعلّق. كما إنّ الدول القومية تمّ منحها "هامش التقدير" من قبل المحاكم مما يعني أن لديها حرية التصرف بالنسبة إلى الحد من بعض الحقوق للمدى الذي يدعم هذا هدفاً تشريعياً وكيفما يكن الإجراء الذي يرمي إلى الحد من سلطته متناسباً فيه مع هذا الهدف.
وعلى المستوى العالمي، لا يمكن القيام بأيّة أفعال بشكل فعّال لتنفيذ التزامات الدولة بموجب وثائق حقوق الإنسان. فبينما قد تقوم جهات عديدة بمراقبة حقوق الإنسان، لا توجد هناك محكمة عالمية لحقوق الإنسان لتقييم الانتهاكات المزعومة وتحديد العقوبات. وغالباً ما تضطلع بهذا الدور دول قومية أخرى حيث يوجد قلاقل سياسية وقانونية.
وأحد المبادئ الراسخة في القانون الدولي أنّ الدول القومية ذات سيادة، وهكذا لا يمكن دولاً أخرى التدخل في شؤونها. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد تنفيذ نظامي لهذا على الرغم من التعريفات وسوابق القضايا حول الجرائم التي حدثت ضدّ الإنسانية أو انتهاكات حقوق الإنسان. وهذا لا يعني أنّ الدول لا تتدخل أبداً. ومع هذا هناك جدل يشير إلى أن هذا التدخل تقوده المصالح القومية فقط (الأمن الإقليمي أو العالمي الخاص بالدولة أو مصالحها)، أو من خلال وسائط الإعلام والضغط الشعبي، وهو أقل شيوعاً.
وكان هناك العديد من الإقتراحات حول علاج هذا الموقف، من أبرزها تكوين جيش دائم تابع للأمم المتحدة لئلاّ تطلب الأمم المتحدة قوات من الدول الأعضاء عند الحاجة (وهو ما يحدث غالباً في أعقاب ارتكاب فظائع وحشية)، وصرّح كوفي عنان عام 2001 حول هذه الصعوبات بالآتي:
"لم ترغب الدول الأعضاء النظر في فكرة تكوين قوات دائمة تابعة للأمم المتحدة للعديد من الأسباب: أولاً قضية الميزانية، فكيف سنموله؟ ثانياً أين سيكون موقعه؟ وأي نظام قانوني سوف يقوده وسلسلة كاملة من القضايا"
"وهناك معارضة من القوى العظمى، إذ إنها لا ترغب في إعطاء الأمم المتحدة أو أمينها العام قوة عسكرية ولكن المعارضة لا تأتي من هذه النقطة فقط، حيث لا ترغب بعض الدول الصغيرة في وجود جيش دائم يمكن أن يستخدم ضدّها على أساس أنها تسيء إلى شعبها، أي يمكن القول لأسباب إنسانية، أو لأنها لا تفعل ما ينبغي عليها فعله"
وبالتالي بينما لم تكن هناك أي إجراءات فعّالة ضد انتهاكات حقوق الإنسان على المستوى القومي والإقليمي، تعدّ الفعالية العالمية لحقوق الإنسان بعيدة كل البُعد عن الواقع. كما إنّ حوار حقوق الإنسان يعد ظاهرة عالمية بالرغم من أنها قد تخفي أهدافاً استراتيجية أقل نزاهة.

ارسال التعليق

Top