العلّامة الراحل السيِّد محمّد حسين فضل الله
ماذا يطلب الإمام زين العابدين (ع) من ربّه ويعلِّمنا أن نطلبه منه تعالى؟!
«اللّهُمّ صلِّ على محمّد وآله، والهمنا معرفة فضله ـ حتى لا نتهاون فيه باللهو واللعب والتجاهر بالإفطار ـ وإجلال حرمته، والتحفّظ ممّا حظرت فيه، وأعنّا على صيامه بكفّ الجوارح واستعمالها فيه بما يرضيك ـ كلّ أعضائنا مكلّفة بالكفّ عن كلّ محرّم، ولا يكفي أن نمتنع عن الطعام والشراب ـ حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو ـ لأنّ من علامة المؤمن أنّه يعرض عن اللغو ـ ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو ـ إلى ما يشغلنا عن طاعتك بما حرّمته علينا ـ وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور ـ فلا نحرّك بأيدينا ما حرّمته علينا ـ ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور ـ لا نمشي إلى هدف لا يرضاه الله من أماكن الظلم والفجور ـ وحتى لا تعي بطوننا إلّا ما أحللت ـ لا ننزل إلى بطوننا إلّا الطعام والشراب الحلال ـ ولا ننطق بألسنتنا إلّا بما مثّلت، ولا نتكلَّف إلّا ما يدني من ثوابك، ولا نتعاطى إلّا الذي يقي من عقابك، ثمّ خلّص ذلك كلّه من رياء المرائين، وسمعة المسمعين، لا نشرك فيه أحداً دونك، ولا نبتغي به مراداً سواك».
ثمّ يقول (ع): «اللّهُمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وقفنا فيه على مواقيت الصلوات الخمس ـ لا نشتغل عنها ببعض أعمالنا، فلا نضيّعها ونهملها ـ بحدودها التي حدّدت، وفروضها التي فرضت، ووظائفها التي وظّفت، وأوقاتها التي وقّتت، وأنزلنا فيها منزلة المصيبين لمنازلها، الحافظين لأركانها ـ بحيث تكون عندنا ثقافة أحكام الصلاة ـ المؤدِّين لها في أوقاتها على ما سنّه عبدك ورسولك، صلواتك عليه وآله، في ركوعها وسجودها وجميع فواضلها على أتمّ الطهور ـ أن يكون غسلنا ووضوؤنا صحيحين ـ وأسبغه، وأبين الخشوع وأبلغه».
ثم يتعرّض الإمام زين العابدين (ع) للجانب الاجتماعي في شهر رمضان، فيقول: «ووفّقنا فيه لأن نصل أرحامنا بالبرّ والصلة، وأن نتعهّد جيراننا بالإفضال والعطية، وأن نخلّص أموالنا من التبعات، وأن نطهّرها بإخراج الزكوات ـ لأنّ بعض الناس لا يخمّس أمواله إلّا إذا أراد أن يذهب إلى الحجّ، والخُمس واجب في أيّام الحجّ وغيره، وكلّ مَن لا يخرج المال الشرعي من أمواله متعمّداً، فإنّه سارق لأموال اليتامى والمساكين ـ وأن نراجع مَن هاجرنا، وأن ننصف من ظلمنا، وأن نسالم مَن عادانا، حاشا من عودي لك وفيك ـ ما عدا الأعداء الذين يعادوننا، لأنّنا التزمنا خطّك وانتمينا إلى دينك ـ فإنّه العدوّ الذي لا نواليه، والحزب الذي لا نصافيه، وأن نتقرّب إليك فيه من الأعمال الزاكية بما تطهّرنا به من الذنوب وتعصمنا فيه ممّا نستأنف من العيوب».
هذا هو المناخ الذي يريدنا الإمام زين العابدين (ع) أن نعيشه في بداية هذا الشهر، وهو يعبّر عن خطّ رسول الله (ص) وخطّ آبائه وأجداده (ع). لذلك، علينا قبل أن نحضّر مؤونة شهر رمضان، أن نبسط مائدة الخير والحقّ والعدل، وأن نتعبّأ في هذا الشهر تعبئة روحية، بحيث يرانا الله في مواقع طاعته ولا يرانا في مواقع معصيته.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق