• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أسباب العقم نفسية

أسباب العقم نفسية

◄كم من الأزواج لم يعيشوا لذّة ونعمة الإنجاب لعدّة أسباب على الرغم من كثرة المحاولات والعلاجات التي باءت بالفشل؟ وكم من الثنائيات التي تُقرِّر عدم الإنجاب لفترة بعد الزواج لأسباب مختلفة؛ لكنّهم يكتشفون فور القرار والتخطيط للإنجاب أنّهم لن يتمكّنوا ولو تعدَّدت المحاولات؟ فتبدأ مسيرة العلاج التي قد تنجح؛ ولكن في الكثير من الأحيان تنتهي بخيبة أمل.

بات معروفاً أنّ هناك أسباباً كثيرة ومتشعبة لحالات العقم عند الثنائيات معظمها قابل للعلاج وقسم منها لا محالة. كذلك بات معروفاً أيضاً بسبب الوعي لدى الأشخاص أنّ الأسباب التي تؤدّي إلى العقم قد تكون من النساء أو الرجال أو الاثنين معاً. وهذه النسب هي متقاربة؛ لكن ربما ما لا يقبله عقل أنّ أسباب العقم الذي هو فعل بيولوجي قد تكون نفسية، ففي حال حُلت المشاكل النفسية يحصل الحمل بشكل تلقائي. أمّا في حال حاولوا كلّ أنواع العلاجات وكانت الأسباب نفسية، فهم لن ينجحوا في ذلك.

فمن العوامل الأساسية التي تؤدّي إلى العقم أو عدم القدرة على الحمل والإنجاب، هي الأسباب النفسية التي قليلاً ما تكون واضحة أو مدركة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون منها أو حتى يكون مرفوضاً لديهم تقبل أن يقول أحد لهم إنّ الأسباب نفسية، لأنّه قد لا يجدون الرابط المشترك بين تكوُّن الجنين والسبب النفسي لعدم إمكانية حصول الحمل.

فكلّ حالة عقم خلفها حكاية يجب التعرُّف إليها لأنّها قد تكون بسيطة؛ لكنّها ناتجة عن حجاب أو انسداد نفسي معيّن يجب إسقاطه والخروج من الدوامة، والتعرُّف إلى الأسباب غير الواقعية التي سَبَّبت العقم. لذا من الضروري خلق علاقة ثقة مع الطبيب المعالج بشكل يعطي الثنائي الراحة بأنّ الطبيب يقوم بكلّ ما يلزم لمساعدته على الإنجاب؛ لكن في هذه الحالة عندما يقول الطبيب إنّه ما من أسباب عضوية تمنع أياً من الشريكين من الإنجاب، فهنا يلجأ الثنائي إلى مرحلة أخرى وهي البحث عن الأسباب النفسية وراء هذا التمنع عن الإنجاب.

لدى الكثير من النساء اللواتي يرين أنفسهنّ غيرمؤهلات للأُمّومة نرى صعوبة في الحمل، أو في حال حصل الحمل لا يستمر حتى الوصول إلى الإنجاب. ففي هذه الحال ذهاب المرأة إلى العلاج النفسي والمتابعة يساعدها على التحرر من الداخل، فالعلاج النفسي سوف يعلمها أنّه عليها التخلي عن أمر معيّن كي تصبح متلقية.

فالخصوبة مرتبطة بقدرة المرأة على تفهُّم واقعها وقرارها بالقيام بأي تغيير. وكم هو شائع فعل الحمل بعد التبني مباشرة على الرغم من محاولات العلاج الكثيرة التي تقوم بها قبل أن تفقد الأمل من الإنجاب واتخاذ قرار التبني أو كفالة أحدهم، فالسبب في هذه الحال قد يكون ناتجاً عن الجواب الذي يتلقّاه الثنائي أنّك قادر على ذلك وتستحق عيش الأُمّومة والأبوة.

عزيزي القارئ!

الإنجاب أحياناً يتعثّر ليس فقط للأسباب التي سلف ذكرها والتي قد تكون مرتبطة مباشرة بالإنجاب بحد ذاته، إنما هناك الكثير من العوامل النفسية التي تكون عائقاً أمام إمكانية حدوث ذلك، ومن بينها التوتر والضغط النفسي والقلق، وسوء التغذية الناتج عن أسباب نفسية. أضف إلى كلّ ذلك عامل الهوس بالإنجاب الذي يمكنه أن يخلق بحد ذاته حاجزاً بين الرغبة الشديدة بالإنجاب وإمكانية حصول ذلك.

عليك صديقي القارئ التنبُّه إلى أمر مهم جدّاً وهو أنّ الولد الذي نريده ليس دائماً الولد الذي نرغبه. بمعنى آخر، الإرادة الواعية للأهل بالإنجاب والناتجة عن تصميم وتخطيط قد لا تكون رغبة حقيقية في اللّاوعي والعكس صحيح أي أنّه أي إنجاب غير مبرمج لا يعني عدم الرغبة غير الواعية بالإنجاب. فهذه الديناميكية هي كفيلة بأن تجعل فعل الحمل صعباً. فكلّ إدراك لهذا الواقع والإرادة بالقيام بالمسؤوليات كافة على كلّ الأصعدة كفيلة بفك عقدة الإنجاب لدى الثنائي الذي لا يعاني من أي أسباب عضوية تمنعه.

الأسباب النفسية لعدم القدرة على الحمل والتي هي كثيرة انطلاقاً من الخوف من الأُمّومة والأبوّة إلى مشاكل القلق وغيرها لم تعد عائقاً اليوم أمام أي شخص منفتح على ظروفه ويسعى للعمل على تخطّيها. فبدل أن يحزن الثنائي بسبب وجود عقدة أمام تحقيق الحلم، أصبح بإمكانهم بسبب القلق حول المشكل الموجود التحرك باتجاه الحل حين تكون الأسباب محض نفسية.►

ارسال التعليق

Top